أربع نساء لا يتحدثن عن الطبخ أو الأزياء، ولا يتحلقن حول رجل هو النجم. مشهد غير مألوف على الشاشات العربية، قدّمه البرنامج الأسبوعي «دنيانا» لندى عبدالصمد على شاشة «بي بي سي عربي» الجمعة الفائت، وناقش في حلقته الأولى مواضيع حساسة وصادمة مثل ظاهرة الاحتجاج بالتعرّي، وقضية قتال الأجانب في سورية، إضافة إلى مسألة الإلحاد في شكل ثانوي... كل ذلك بعيون نسائية عبر استضافة «المحاورات» لا «الضيفات»، الإعلامية اللبنانية جمانة حداد، الناشطة السورية مجد شربجي والسعودية بثينة نصر. وكانت السلطات اللبنانية منعت الناشطة التونسية أمينة السبوعي، المعروفة باحتجاجها بالتعري، من دخول أراضيها للمشاركة في التصوير. لكنّ عبدالصمد كانت حريصة على حضورها عبر مداخلة هاتفية. أما الحوار غير «النسوي» الذي أجرته النساء فاتسم بإبداء الأفكار المتباينة أو المتفقة أحياناً، عبر الانتقال من محور إلى آخر في شكل عفوي... ولو من دون فاصل واضح. لكنه بالتأكيد، أتاح لنا معرفة آراء في القضايا المطروحة، إلا أن الملاحظ، أن رغم مقاربة «المتحاورات» للمواضيع الثلاثة الأساسية من زوايا عدة، دائماً كان الدين إحداها، فوفقهن في موضوع الإلحاد أنه لا إكراه في الدين. وفي موضوع قتال الأجانب «قصة حب بين طوائف مختلفة». وفي موضوع التعري تطرقن إلى عورة المرأة في الدين. وعن الحلقات المقبلة، تقول عبدالصمد لـ «الحياة» أن «كل حلقة ستكون مختلفة من حيث المضمون، سنكون مرنين في المواضيع والنقاش وسنصوّر قبل العرض مباشرة لأن البرنامج حدثي». وكما أن كل حلقة لن تقتصر على موضوع محدد، بل تتعدد المواضيع المتنوعة والمثيرة للجدل في مجتمعنا، مثل الدساتير والانتخابات العربية، في الشق السياسيّ. أمّا في الشق الاجتماعي فسيدخل البرنامج في صلب قضايا حساسة مثل الحجاب خارج الإطار الديني، وتكفير الناشطين أو تخوينهم، مع تطرقه إلى مواضيع ثقافية مثل منع صدور عدد من الكتب في العالم العربيّ. وفي هذا السياق، تشير عبدالصمد إلى أن برنامجها «لن يتناول مسألة بلد محدد من ناحية معينة، وإنما القضية عموماً، والتي قد يشكل عدد من البلدان نموذجاً لها». وتشدد عبدالصمد في برنامجها، على استقبال أناس عاديين أيضاً وليس فقط اصحاب الاختصاص، لأن من المهم معرفة رأي الناس وأفكارهم بكل ما يعنيهم. وستشكل نون النسوة السمة الأساسية لضيوف البرنامج الذي سيستقبل «أقلية من الرجال وأكثرية من النساء العربيات اللواتي سيتشاركن تجاربهن ويحللن ويناقشن ويرين العالم وكل تفاصيله بعيونهنّ فقط». وتوضح عبدالصمد أن البرنامج لا يتناول قضايا المرأة فحسب، بل يمرّ على كل الجوانب الحياتية والاجتماعية والسياسية أيضاً، لـ «يعطي فرصةً للمرأة العربيّة، المهمشة على مختلف الصعد، كي تناقش قضاياها ومستقبل بلدها ودستورها ومجتمعها وقراراتها، بدل أن تتحدث عن الزواج والموضة والجمال والتنحيف». ما يميّز البرنامج أيضاً، أنه انطلق من أفكار الناشطات العربيات. وتشير عبدالصمد إلى أن إعداد البرنامج الذي استمر نحو أربعة أشهر، بدأ من «ورشة عمل حاولنا فيها التعرف إلى كثير من الناشطات العربيات والفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي اللواتي يمتلكن أفكاراً وتطلعات وخبرات تجب الإضاءة عليها». من هذا المنطلق، أوْلى فريق الإعداد الذي يضم منى حمدان وهند العرياني، أهمية كبيرة للإعلام الاجتماعي، مع صفحة للبرنامج من أجل التفاعل عبر «فايسبوك» و «تويتر»، تطرح فيه الأفكار ويطلب فيه من المتابعين طرح المواضيع والقضايا التي تعنيهم ويهمهم الإضاءة عليها وتشكل أحد روافد «دنيانا» مستقبلاً. ولعل مسيرة عبدالصمد الإعلامية التي بدأت منذ منتصف الثمانينات، ومرت بـ «صوت الشعب» و «قناة الجديد» وحطت رحالها في «بي بي سي»، تدفعها إلى اعتبار «المهمة الأساسية للبرنامج أن يوازن بين كل الآراء من مختلف الجنسيات والانتماءات العربية. سنجعل النقاش في الحلقة حراً، لا نريد تلميع صورة أحد ولا محاربة أي أحد، سنعالج فقط الأمور كما هي بكامل وضوحها، حيث يقول الإنسان العادي كلمته». فصاحبة «دنيانا» غطت صحافياً عدداً من الأحداث المهمة. تذكر منها اتفاق أوسلو، حين ذهبت لتغطية الجلسة الأخيرة من المفاوضات. رأت «الوفد الفلسطيني متوتراً جداً، كانوا مستغربين أنهم دعوا إلى التفاوض وعندما أتوا وجدوا الاتفاق ناجزاً وعليهم التوقيع فقط!». تلفزيون
مشاركة :