يظل موضوع استضافة قطر لكأس العالم 2022 موضع تساؤل عند البعض، في الوقت الذي تسير فيه الدولة قدماً لتقديم أفضل مونديال في تاريخ اللعبة، من خلال تجهيز كل المقومات التي يحتاجها على أعلى مستوى احترافي.. شيخة آل ثاني نشرت مقالاً على موقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث فيما يلي نصه:يوم الجمعة الماضي شهدت الدوحة تدشين استاد خليفة الدوليّ –أول استادات بطولة كأس العالم لكرة القدم- وسط حضور جماهيري قطري كبير فاق المعتاد، لمتابعة النسخة الخامسة والأربعين من نهائي كأس سموّ الأمير. قبل هذا الافتتاح المهيب بأشهر عدة، وخلال زيارة للدولة ترأسها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة في سبتمبر 2016، توجهت إحدى الطالبات لسموّه بسؤالٍ حول استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم، قائلة: «هل فعلاً تستحق البطولة ما يُبذل من جهد لاستضافتها؟» تعددت الأجوبة التي طُرحت لهذا السؤال منذ فوز قطر بحق استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2010، خاصة في ظل الحملة الظالمة التي تعرضت لها دولة قطر إثر فوزها، فالبعض كان يتساءل ألم نكن في غنى عن الخوض في هذا الجدل الإعلامي، والتعرض لكل هذه الهجمات المغرضة؟ أليس الأجدر بنا أن نرد عليها ونضع حداً لها؟ وفي بعض اللحظات كان الشعور السائد أن المجتمع قد بدأ يفقد قناعته بأهمية هذه البطولة وحتى فائدتها، إذ بات القطريون أينما ذهبوا هدفاً لنظرات التشكيك والأسئلة حول الفساد، وحقوق العمال، والإرهاب، وقد طال التشكيك أحياناً حتى ثقافتنا. ورغم صعوبة الاتفاق على إجابة واحدة يرضى بها الجميع، إلا أن ما نتفق عليه جميعاً هو دور الرياضة كقوة عالمية وقدرتها على جمع الناس من مختلف الأجناس والألوان، وهي الرؤية التي صاغها صاحب السمو الأمير الوالد بعباراته التي حملها ملف قطر: «إن استضافة أكبر الأحداث الرياضية العالمية وأكثرها جماهيرية هنا للمرة الأولى في بلدٍ عربي، يشكل خطوة كبيرة على طريق التقريب بين شعوب المنطقة والعالم، ويُسهم في بناء أواصر الصداقة وتعزيز الفهم المشترك بين الناس من مختلف المشارب». وأي شاهدٍ أقوى حجةً من استاد خليفة الدولي الذي تأسس عام 1976 ليحتضن الأشقاء الخليجيين في النسخة الرابعة من بطولة كأس الخليج، وظل منذ ذلك الحين ملتقى للأشقاء والأصدقاء، إذ استضاف النسخة الحادية عشرة من البطولة ذاتها عام 1992، وفتح أبوابه أمام الرياضيين من 45 دولة خلال بطولة الألعاب الآسيوية عام 2006، ومن ثم استضاف الأشقاء العرب خلال دورة الألعاب العربية لعام 2011، وعاد ليستضيف بطولة الأمم الآسيوية لكرة القدم في العام ذاته. ومن ثم كتب استاد خليفة الدوليّ أول سطور مشواره كاستاد مونديالي في الرياض عاصمة الخليج، حيث أُعلن عن تصميمه الجديد هناك على هامش النسخة الثانية والعشرين من كأس الخليج. ويتفرّد استاد خليفة الدولي بهذا التاريخ الحافل في قطر والمنطقة، إذ قلّما تجد استاداً عرفت أرضه هذا العدد من الأبطال والأحداث واللحظات التاريخية. خلال الشهور الخمسة الماضية كان تنظيم نهائي كأس الأمير في استاد خليفة حديث الناس في قطر، من الخارج لم يكن شكل الاستاد مكتملاً، وكثرت التكهنات حول قدرة فريق العمل على إنجازه، وكثيراً ما كان العاملون في المشروع يسمعون آراء حول استحالة إنجازه. ولو كان للفريق أن يختار شخصاً لهذا التكريم ما كان ليختار شخصاً غير هلال الذي كان مثالاً للقائد الجاد لجميع أعضاء الفريق، فقد كان دوماً أول من يصل للعمل وآخر من يغادره، وحين كانت الأمور تزداد صعوبةً وتعقيداً كان هلال يُقدم الدعم لكل أعضاء الفريق لمواصلة العمل ويُساعدهم لحل المشكلات التي تواجههم. الدكتور سعود عبدالغني الذي قاد الفريق المسؤول عن تقنية التبريد كان له دورٌ لا ينسى بدوره، ولا أزال أذكر جملته التي قالها في المرة الأولى التي زرت الاستاد: «يمكننا أن نحول المكان إلى ساحة ثلجية»، وقد وصلت درجة الحرارة حينها إلى 9 درجات في الاستاد، فيما كانت 42 خارجه، وقد كان الدكتور سعود مثالاً يعكس حب كل فريق العمل في هذا المشروع وتفانيهم لإنجازه، وقد كان معظمهم يصلون إلى موقع الاستاد في السابعة صباحاً ولا يُغادرون قبل الواحدة بعد منتصف الليل. بالنسبة لنا فإن الأمر يستحق، وإلا لم بذل فريق العمل كل هذا الجهد، كأس العالم يستحق الجهد الذي نبذله ليس فقط لتنظيم بطولة كروية، بل لكي نري العالم أجمع حجم الطاقات التي تزخر بها قطر والمنطقة، وقدرتنا على تنظيم بطولة لا تُمحى من الذاكرة.;
مشاركة :