للبحرين طاقات رياضية كروية ناشئة تشكل ثروة وطنية حقيقية جديرة بتحقيق التطور والنماء الرياضي، غير أن هذه الطاقات ستسلك طريقها نحو الاختفاء ما لم تفتح أمامها الأبواب الجادة للتميز والظهور، عبر تضافر جهود جميع المعنيين من أسر ومدارس وأندية ومؤسسات إعلامية. وتقدم هذه الجهات الدعم، لكن ثمة حاجة ملحة لتوصيف واقع مستوياته بما يعززه ويضمن لمبدع كرة القدم الناشئ احتضانا وتطويرا أكبر من شأنه دفع الحركة الرياضية للأمام. الدعم المدرسي والأسري قدمت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع كل من المؤسسة العامة للشباب والرياضة واللجنة الأولمبية البحرينية برنامج اكتشاف المواهب الرياضية في المدارس الحكومية الذي يهدف لصقل المواهب الرياضية لدى طلاب مدارس البحرين للبنين والبنات. ولاشك في أن هذه الخطوة تتيح للاعب كرة القدم الناشئ البروز وتطوير قدراته والانخراط في نواة الفرق المحلية والمنتخبات الوطنية. وفي موازنة برامج الدعم الرسمية تقع على عاتق الاستاذ الرياضي مسئولية كبرى في اكتشاف موهبة كرة القدم للطالب وتشجيعها، حيث يسعه رصد المؤشرات الدالة على وجود القدرات والطاقات الكروية لدى الناشئ وتوجيهها على النحو السليم. كما للأسرة دور فاعل في توجيه واحتواء موهبة ابنهم الكروية عبر تشجيعه ومعرفة التفاصيل والخلفيات المعرفية الكفيلة بتنمية قدراته وإمكاناته الرياضية. بدوره، يؤكد المعلم الرياضي بمدرسة أوال الاعدادية للبنين عبدالجبار منصور علي، ووالد لاعب كرة القدم الناشئ محمد (16 ربيعاً)، على أهمية أن يكون لدى أسرة الموهوب رياضياً المعلومات كافة والتوجيهات التي تعرفهم بالطريقة المثلى لتطوير الموهبة، مشيراً إلى أنه استمد هذه المعلومات من خلال متابعة مختلف المباريات البطولات والأخبار الرياضية ووسائل التواصل الاجتماعي. ويضيف «أشركت ابني محمد في أحد الأندية الرياضية، وقمت بتشجيعه على مواصلة الذهاب للنادي ومتابعة نشاطه مع مدربه». وبشأن الإرشادات التي قدمتها المدرسة والنادي لتوجيه الأسرة نحو تعزيز موهبة ابنه الكروية يعلق علي: «تقدم المدرسة للطلاب برامج رياضية داخلية وخارجية، وتسهيلات تتمثل في انتقاء اللاعبين وتوجيههم للانضمام إلى الأندية، وتقوم الأسر بدورها بالتواصل الجيد مع هذه الأندية للسؤال عن مراكز اللاعبين مثلا، لكن لا يوجد تنسيق مباشر بين إدارتي المدرسة والنادي». وعن تفاعل الناشئين الرياضيين مع توجيهاته كمعلم رياضي، يشير إلى أنه «جيد كونهم يتقبلون التمارين المطلوبة، فرغم صعوبة بعضها الا انهم يقومون بتأديتها بشكل مناسب». ويوجه إلى دعوة للجهات الأهلية والرسمية المعنية بضرورة تطوير مواهب الناشئين بالقول «هذه الفئات الناشئة أمانة في أعناقنا، فيجب المحافظة عليها وصقل مواهبها الرياضية». دور الأندية مشرف الفئات في النادي الأهلي، يونس منصور، يقول: «ان الدعم المقدم من قبل النادي لتعزيز مواهب كرة القدم الناشئة يتمثل في توفير الملعب ورواتب المدربين والإداريين والمواصلات ومكافآت عينية للاعبين المتميزين، إلى جانب مساعدات نقدية للاعبين المحتاجين». وعن تقصير الأندية المحتمل في دعم الناشئين الرياضيين وعدم التنسيق مع إدارة المدارس فيما يخص أوقات التدريب المناسبة يفيد «المشكلة الأساسية في هذا الجانب هي تغيير دوام المدارس الاعدادية والثانوية إلى وقت متأخر، وهو ما يتسبب في غياب اللاعبين عن التدريبات؛ نتيجة عدم حصولهم على وقت للراحة بعد عودتهم من المدارس، ولا يوجد تنسيق بين الجهات المعنية للرياضة من اتحاد كرة ووزارة شباب ولجنة أولمبية في هذا الجانب مع وزارة التربية والتعليم». ويدعو منصور «لإيجاد البيئة المثالية للاعب كرة القدم الناشئ من أجل صقل مواهبه من خلال فتح أكاديميات على أعلى مستوى تجمع بين الدراسة والرياضة». رئيس قطاع الفئات السنية في نادي النجمة خليفة صالح خليفة، يرى أن الدعم المقدم من مجلس الإدارة لقطاع الفئات السنية في النادي يعتبر جيداجداً مقارنة بالسنوات السابقة التي تعتبر سنوات للنسيان، ويقول: «لكننا كقائمين على هذه الفئات نطمح لاهتمام أكبر لكي نستطيع استقطاب أفضل المواهب وتفريخ النجوم الواعدة وتقديمها للفريق الأول». ويشير خليفة إلى «وجود تقصير من قبل معظم الأندية في دعم الناشئين والتنسيق مع إدارة المدارس بشأن أوقات التدريب؛ نظرًا لعدم وجود جهاز إداري يخطط لتطوير الفئات السنية، وإن وجد من يخطط فمن الصعب أن ينفذ، وذلك لشح الإمكانات المتاحة لهذه الفئات، أو لعدم قناعة مجلس الإدارة في تقديم الاهتمام والدعم لقطاع الناشئين». ويأمل خليفة أن «تبني كافة الجهات الرسمية والشركات والمؤسسات مشروع النهوض بالفئات العمرية وتقديم الدعم اللازم لها، وخصوصاً إذا ما اعترفنا ان احتواء هذه الفئات وتقديم كل سبل الرعاية لها غير مكلف اذا ما قورن بفرق الكبار». تجارب رياضية ناشئة يرى لاعب المنتخب الوطني للناشئين جعفر جاسم حسن (17 عاماً) «أنه استطاع التوفيق بين ممارسته كرة القدم والدراسة، وأن أبرز العوائق التي واجهته هي الاحباط الذي تعرض له من قبل البعض ومراهنتهم على عدم تفوقه رياضيا. ويقول: «بس الحمد الله وصلت للشي الي امبيه». وعن الدعم الذي قدمته له كل من الأسرة وإدارة المدرسة والنادي، فقد أكد أنه «لم يبدر منهم تقصير تجاهه. ويتمنى أن يصل إلى الاحترافية مستقبلاً مشدداً على ضرورة أن يكون لدى اللاعب الناشىء قدرة على الصبر والتحمل وعدم اليأس للوصول إلى أهدافه». ويذكر لاعب كرة القدم لفريق نادي سترة للناشئين، محمد عبد الجبار: أنه «استطاع التوفيق بين ممارسته الكرة ودراسته لكن ليس بالقدر المطلوب، موضحاً أن الدعم الذي لقيه من الأسرة والمدرسة والنادي كان كافيا لكنه بحاجة إلى تعزيز أكبر، متمنياً أن تقدم الجهات الرسمية والأهلية مزيداً من الدعم للفرق الناشئة». ويشير محمد «أنه واجه صعوبة عدم التقيد بقوانين اللعب حيث لا يوجد في المدرسة قانون انضباطي لكرة القدم كذلك المتبع في النادي». ويقول لاعب فريق نادي الأهلي لكرة القدم للناشئين، علي أحمد علي (16 عاماً): ان «الامتحانات هي العائق الأبرز الذي واجهه لكنه استطاع التوفيق بين ممارسته كرة القدم من جانب ودراسته من جانب آخر. مشيراً إلى أن الأندية تقدم لفرق الناشئين دعما واهتماماً كذلك الذي توليه لفرق الشباب، متمنيًا أن تقدم الجهات المعنية تحفيزا أكبر للمواهب الكروية الناشئة». تحديات ومعالجات يذكر المدرب السابق لمنتخب البحرين الوطني لكرة القدم للناشئين، عبدالصاحب عبدالنبي أصغر أن «قدرات اللاعب الناشئ تتعدد في نواح ايجابية وسلبية تتمثل في قدرات مهارة ينقصها استخدام المهارة في المكان المناسب، وقدرات ذهنية ينقصها الادراك في الملعب، وتكتيكية ينقصها استخدام مبادئ كرة القدم الدفاعية والهجومية». يشير إلى أن «مشكلة عدم وجود مدير فني في الأندية لازدواجية العمل يشكل عائقا يواجه اللاعب الناشئ وأن العلاج يكمن في تواجد هذا المدير في اتحاد الكرة والأندية كافة، مشدداً على أهمية تطوير الناشئين الرياضيين عبر التخطيط السليم والاستمرارية في العمل والتدرج في تدريبهم كلاً بحسب سنه». ويلفت أصغر إلى أن «الأندية تولي عناية لفرق الناشئين كتلك التي تقدمها لفرق الشباب»، موضحا «توفر المدربين ممن يمتلكون أفضل الشهادات لكن تنقصهم الاستمرارية في تلقي المزيد من المعلومات كاستمرارهم في الانخراط في ورشات العمل المتخصصة، سعيا لصقل المواهب الكروية الناشئة، وصناعة جيل رياضي ناشئ يرفع اسم هذا البلد». ويؤكد المدرب السابق لفريق المنامة وسترة والتضامن للناشئين علي غريب، وجود الكثير من الناشئين الموهوبين رياضيا في البحرين ممن يمتلكوا قدرات وامكانات عالية ينبغي الاهتمام بها واكتشافها وتطويرها وإبرازها للساحة المحلية والدولية ومتابعتها على جميع المستويات ويشير «إلى وجود العديد من التحديات والعراقيل التي تقف في وجه لاعب كرة القدم الناشئ أبرزها أوقات التمارين في الأندية التى تجعل اللاعب مرهقاً باستمرار؛ كونه يأتي للنادي قادما من المدرسة فلا يستطيع أن ياخذ قسطا من الراحة، وعدم تقدير اللاعب من قبل بعض الإداريين والمدربين في بعض الأندية». ويضيف «يواجه اللاعب الناشئ من بعض الإداريين والمدربين المعاملة السيئة، أما عن المشكلة البارزة في معظم الأندية فهي عدم اختيار الإداري المناسب للتعامل مع اللاعب الناشئ معاملة حسنة وعدم اختيار المدرب الكفؤ والمناسب لهذه الفئة المهمة والحساسة». ويتابع «كما أنه لا يوجد في البحرين دعم جماهيري لفرق كرة القدم للناشئين رغم وجود المواهب في هذه الفئة، ما يؤثر سلبا على اللاعب الناشئ وخاصة اذا كان معتادا على وجود الجماهير، ثم تختفي وينعدم تشجيعها بسبب تحقيق نتائج سيئة». وبشأن المعالجات التي يمكن توظيفها في إزاحة هذه العراقيل يشدد على «ضرورة أن تنسق جميع الأندية وتنظم بين أوقات المدرسة والتمرين، ويجب اختيار الاداري المناسب والمدرب المناسب لفئة الناشئين، وعلى جميع الإداريين والمدربين تقدير اللاعب الناشئ». ويتابع «يجب توفير احتياجات اللاعب من معدات التدريب الاساسية للاعداد البدني كتوفير ملعب صالح للتدريب واختيار وقت مناسب للتمرين، والاعداد الفكري والدعم المعنوي كالمتابعة والتواصل مع الأسرة والتشجيع الدائم والدعم المادي المتمثل في توفير ميزانية مستقلة وخاصة ليتمكن المدرب من تطوير اللاعب الناشئ فهذه الفئة هي البناء الصلب للفرق المستقبلية الواعدة». ويؤكد غريب على «أهمية تلبية حاجة لاعب كرة القدم الناشئ لتطوير مهاراته من حيث؛ التركيز على إجادته أساسيات الكرة والتمركز والحركة الدفاعية والهجومية والتغطية الجانبية في الجهتين، وإكسابه ثقافة التحمل والتفاؤل والصبر والتعامل الواقعي مع الخصم وظروف المباراة، وفرض الاسلوب، وقراءة الخصم والانضباط الفكري في الملعب طيلة وقت المباراة، وتطبيق تعليمات المدرب في المباراة». بدوره، يقول مدرب نادي النهضة السعودي، علي عبدالمجيد: إن «البحرين تمتلك مواهب رياضية ناشئة لها قدرات عالية، لكنها بحاجة لمن يوظفها في المكان الصحيح والوقت المناسب، مشيرا إلى وجود مستوى تأهيلي متفاوت للكوادر والقيادات العاملة والمدربة للناشئين «فهناك أندية تملك كوادر مؤهلة وكفاءات متخصصة للتعامل مع هذه الفئة، بينما أندية اخرى تبحث عمن هو أقل كلفة ليشغل الوظيفة بعض النظر إن كان مؤهلا ام لا». ويضيف «وجود الكفاءات يعني، تخريج جيل قادر على خدمة الأندية والمنتخبات مستقبلا، وضمان استمرار اللاعب في الطريق السليم». ويذكر عبدالمجيد أن «أبرز العوائق التي يواجهها لاعب كرة القدم الناشئ هي عدم حصوله على عدد كاف من الحصص التدريبية الحقيقية. مشددا على أهمية وجود ادارات واعية تختار الشخص المناسب لهذه الفئة، وميزانية مستقلة في النوادي تدفع الناشئ للأمام»، فالثمرة سيجنيها النادي نفسه اذا ما ركز في اهتمامه على الناشئين». ويصف اهتمام الأندية بالفئات السنية بالقليل جدا على مستوى البحرين «فعدد الأندية المهتمة لا يتجاوز 4 أندية من أصل 19». ويشير إلى أن |المشكلة ليست في كيفية تطوير قدرات اللاعب الناشئ، انما في منهجية جلب المواهب وإقناعها باللعب في الأندية، وكل ذلك بحاجة لمن هو متخصص على المستوى الاداري والفني». الدعم الإعلامي ما لم تركل الكرة لن يسدد الهدف. لا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للاعلام، فما لم تسلط أضواؤه على مواهب لاعبي كرة القدم الناشئين لن تتمكن من البروز والصعود، اذ لاشك في أن الاعلام ومن خلال تغطيته مختلف المباريات والفعاليات الرياضية الخاصة بكرة القدم للناشئين يقدم دعما معنويا يسهم في التعريف بقدرات اللاعبين الناشئين وما يمكن أن ينجزوه على الصعيد الرياضي. الاعلامي الرياضي محمد طوق يرى أن «وسائل الاعلام الرياضية حريصة كل الحرص على إبراز الأنشطة الرياضية كافة، والتطرق للسلبيات والايجابيات من أجل ارتقاء الرياضة بشكل عام والرياضة البحرينية بشكل خاص، مؤكدا أن الانجازات التي يتم تحقيقها دائماً ما تأخذ حيزاً كبيراً في وسائل الإعلام، وخصوصاً أن هذا الانجاز يعكس تطور اللعبة وتحقيقها الكثير من المكاسب». ويعتقد طوق أن «الاهتمام الاعلامي بالمواهب والانجازات للناشئ، يتم ابرازها بشكل مميز بحيث تسلط وسائل الاعلام الضوء على هذا الانجاز، من أجل تحفيز المواهب والارتقاء بها». وينفي «وجود تحيز في التغطية الاعلامية لصالح فرق الشباب على حساب فرق الناشئين، موضحا أن جميع الرياضيين يأخذون حقهم من التغطية سواء الميدانية أو المكتبية، مؤكدا على أنه ليس هناك تراجع في التغطية الاعلامية لمباريات الناشئين يمكن أن يكون له علاقة بالعزوف الجماهيري عن متابعة هذه المباريات، فالتغطيات الاعلامية تكون شاملة لجميع الألعابن وربما تأخذ لعبة كرة القدم الحيز الأكبر بصفتها اللعبة الشعبية الأولى في العالم». ويضيف «أما بخصوص العزوف الجماهيري، فهناك أسباب كثيرة جعلت الجماهير تبتعد عن الحضور للمدرجات، ربما يكون في مقامها الأول تدني المستوى الفني، فالجماهير حريصة على متابعة المتعة والاثارة في المباريات، لكن ذلك لا يمنع من حضورها وخصوصاً في لعبتي كرة السلة والكرة الطائرة، إذ تشهد البطولات الخاصة بالسلة والطائرة حضوراً جماهيرياً كبيراً وخصوصاً على مستوى الأنشطة البحرينية». ويوجه طوق دعوة جادة لتعزيز المواهب الرياضية الناشئة بالقول «لدينا في البحرين الكثير من المواهب التي تحتاج إلى صقل، سواء في الألعاب الفردية أو الجماعية، الرياضة اليوم أصبحت واجهة حقيقية للبلاد، فجميع الرياضيين حريصون على تشريف البلاد في كافة المحافل الرياضية، وأتمنى من الجهات الأهلية والرسمية زيادة الاهتمام بالمواهب وتنميتها وتقديم كامل الدعم لها».
مشاركة :