يبلغ عدد المسلمين في ألمانيا 5 مليون إنسان، في حين يزيد عدد المساجد عن 2500 مسجد، ومع ذلك اتفق المسلمون على "ألا يتفقوا" فيما يخص اليوم الأول من شهر رمضان المبارك. ومنذ عقود تهيمن الحيرة، والترقب سيد الموقف. ككل بداية شهر رمضان يدخل المسلمون في ألمانيا في جدال طويل بسبب الاختلاف حول تاريخ الصيام، مما يؤدي إلى حالات من الارتباك والقلق خصوصا لدى اللاجئين الجدد الذين تعودوا على طقوس رمضانية خاصة في بلدانهم. DW عربية التقت لاجئين مسلمين، كما حاورت ممثلين عن مؤسسات إسلامية في ألمانيا و متخصصين ألمان في الدين الإسلامي لمعرفة سبب هذا الاختلاف. إن صام أصدقائي صمت مازن لاجئ سوري أكبر همومه مرض ابنته ذات الأربع سنوات وبحثه عن بيت يليق بأسرته. اقتراب شهر رمضان و تضارب الآراء حول اليوم الأول منه تسبب له قلقا إضافيا، كما عبر عن ذلك في حديثه لـ DW عربية، يقول مازن: "يكفي أنني أعيش تمزقا نفسيا فهل من الضروري أن أعيش حالة القلق هذه في انتظار يوم كان مصدر طمأنينة لنا في سوريا". مثل غيره من المسلمين في ألمانيا أو من اللاجئين الجدد لا يفهم مازن سبب اختلاف القائمين على الشأن الديني في ألمانيا، لذلك يفضل حسب تصريحه: "إن صام أصدقائي صمت". سأصوم رمضان مع سوريا إن كان مازن سيعتمد على رأي أصدقائه، فإن زينب وهي لاجئة سورية تقيم نواحي مدينة ماينز قد قررت أن تصوم أول رمضان مثل إخوتها في سوريا. إقامة زينب في الضواحي و عدم تمكنها من زيارة المسجد واختلاف المساجد نفسها فيما بينها، ناهيك عن تضارب الرسائل القصيرة التي تصلها عبر "واتس اب" دفعها كما قالت لـ DW عربية إلى أن تصوم هذه السنة أيضا حسب سوريا، ولو أن ذلك اضطرها السنة الماضية لصيام 31 يوما بدلا من 30. الانتظار الذي يتسبب في القلق والفوضى لا ينتهي مع أول يوم في رمضان لأنه يتجدد مع اقتراب العيد، تضيف زينب التي تقول بمرح: "سأصوم رمضان مع إخوتي في سوريا، كل رمضان و أنتم بخير". عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين سنتفق هذه السنة بالصدفة الاختلاف في الإعلان عن يوم موحد للصيام في ألمانيا يعود، حسب عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين إلى الاختلاف في المنهج، ففي الوقت الذي يتبنى فيه المجلس التنسيقي للمسلمين والذي يضم المؤسسات الإسلامية الكبرى مثل الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية، رابطة المراكز الثقافية الإسلامية، المجلس الإسلامي و المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا الرأي الفقهي الذي يجيز إتباع الحسابات الفلكية و بالتالي حسم بداية الشهور القمرية قبل دخولها، تتبنى مؤسسات إسلامية أخرى حسب تصريحه، الرأي الفقهي الذي يعتمد على الرؤيا العينية. أما عن قرار اعتماد المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا على الحسابات الفلكية، يضيف أمينها العام اليزيدي في حديثه مع DW عربية، فهو لمساعدة المسلمين في ألمانيا على وضع الترتيبات المسبقة للعطل والأعياد، أيضا من أجل الدفع بالمؤسسات التعليمية لإلغاء الامتحانات ذلك اليوم والسماح للتلاميذ والطلبة بالاحتفال. هذه السنة، يضيف اليزيدي، لن يكون هناك خلاف، ليس لأن المجموعتين اتفقتا، و لكن لأنه يتعذر رؤية الهلال يوم الخميس 25 أيار/مايو، وبالتالي ستكون إرادة الله أن يصوم المسلمون في ألمانيا يوم السبت 27 أيار/مايو. تبقى قرارات المجالس الإسلامية، حسب اليزيدي، بمثابة توصيات يأخذ بها جزء كبير من المسلمين في ألمانيا دون أن يتم إلزام الجميع بها، داعيا إلى توحيد الصفوف وتغليب المصلحة العامة للمسلمين. ويقول: "علينا أن نتحد من أجل مواجهة الأخطار التي تهددنا من اليمين المتطرف و التيارات العنصرية و أن نثبت من خلال أنشطتنا على انتمائنا للمجتمع الألماني." يجب توحيد قلوبنا أولا وهناك مجموعة من المؤسسات الإسلامية التي توافقت مع الأتراك فيما يخص تحديد اليوم الأول و الأخير من رمضان، إلا أن البعض لا يصوم عن اقتناع وإنما من أجل إتباع الأغلبية التي تشكلها الجالية التركية في ألمانيا، كما صرح بذلك الشيخ الميلود لحسيني رئيس اتحاد الأئمة بالراين/ ماين وإمام مسجد التقوى بمدينة فرانكفورت، لـ DW عربية: "الجالية التركية تتبع بلدها تركيا بقرار تركي منذ 1978 إلى يومنا هذا، نحن مستعدون للاجتماع حول الهلال الألماني ليس فقط كمسلمين بل كمواطنين ألمان في دولة مستقلة نتمتع فيها بكل حقوقنا، فلما لا نتبع رؤية هلال هذا البلد إذن؟ أما إن كان لا بد من تقليد بلد بعينه فالأحرى أن نقلد المغرب أو السعودية". الشيخ الميلود لحسيني رئيس اتحاد الأئمة بالراين/ ماين وإمام مسجد التقوى بمدينة فرانكفورت و فيما يخص عدم اعتماد الحساب الفلكي في ألمانيا، فاتحاد الأئمة بمنطقة الراين/ ماين، يضيف الشيخ لحسيني، يجمع ما بين الرؤيا والحسابات الفلكية، فإن ثبتت الرؤيا أخذوا بها وإن لم تثبت صاموا مع أول بلد يعول عليه في المراقبة شريطة عدم مخالفة الحسابات الفلكية بالنفي. اتحاد الأئمة، يضيف الشيخ لحسيني، لا ينكر الحسابات الفلكية و لكن بشروط وذلك بسبب الخلاف بين الفلكيين أنفسهم من حيث اعتماد التقويم الثنائي أو الأحادي، ناهيك عن مسالة التعامل مع يوم عرفة في حال إتباع الحسابات الفلكية، يقول: "هل نتبع الأتراك في رمضان و نتبع السعودية يوم عرفة؟ علينا أن نوحد قلوبنا أولا ونترك جسور المحبة و التواصل مفتوحة بيننا سواء اتفقنا أو اختلفنا على موعد الصيام، لأن هناك أمورا كبيرة تحتاج أن نتوحد فيها و نضع يدا في يد". الحل بيد المسلمات والمسلمين في هذا البلد عالم الإسلام البروفيسور الدكتور ماتياس روهه الذي يتابع النقاش الدائر حول بداية و نهاية رمضان، يؤكد على انه ثمة مبادرات قامت بها منظمات إسلامية مختلفة من أجل توحيد هذا اليوم، لأن هذا الاختلاف يضيف، يؤدي إلى نوع من الارتباك كما يقود إلى توتر يمكن تجنبه، إلا أنه ولحد اليوم لم يتم الإجماع على إجراءات مشتركة بشكل واضح وهذا حسب رأيه يعود إلى أسباب عرقية و ثقافية. عالم الإسلام البروفيسور الدكتور ماتياس روهه يقول الدكتور روهه في تصريحه لـ DW عربية: "العرب لا يسمحون للأتراك بإرشادهم في المسائل الدينية و العكس صحيح أيضا، وهذه مسألة لا توجد في تعاليم الإسلام طبعا، بحيث يسمح لطائفة دينية أو أمة بالإرشاد دون غيرها". من هنا يمكن القول إن الإسلام قد يرتبط بسياقات عرقية و ثقافية و اجتماعية تكون أحيانا أقوى من الجانب العقائدي المشترك. الدكتور روهه لا يظن بوجود تغييرات جوهرية في المستقبل مادامت جميع المحاولات لتوحيد المسلمين باءت بالفشل. ويقول: "الحل يوجد فقط بين يدي المسلمات والمسلمين في هذا البلد" سواء كان رمضان غدا أو بعد غد، نتمنى لكم جميعا رمضانا مباركا سعيدا، وكل عام وأنتم بخير. ناديا يقين/ فرانكفورت
مشاركة :