كان منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الذي عُقد في الفترة من 14 إلى 15 مايو/أيار في بكين، آخر جهود الصين لضخّ قوة دفع في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني، «شي جين بينغ» عام 2013. وقد لخّص المنتدى، الذي حضره 29 من قادة الحكومات والعديد من الوفود الأخرى من جميع أنحاء العالم، وجهة النظر الصينية القديمة التي تقول إن «كل تحدٍّ يجلب معه فرَصاً». وأشار البيان المشترك، إلى أنه بينما يمرُّ الاقتصاد العالمي بتغيرات عميقة، «وفَّر المنتدى فرَصاً وتحديات في الوقت ذاته» في «عصر الفُرَص، حيث تستمرّ الدول في التطلع إلى السلام والتنمية والتعاون». وحدّد كذلك الأهداف والغايات الرئيسية، والمبادئ والأساليب التي اتفق الزعماء على تقاسمها، لتوجيه مبادرة الحزام والطريق، على مستويات متعددة الأطراف، بما في ذلك، «التعاون بين الشمال والجنوب، والتعاون في ما بين بلدان الجنوب، والتعاون الثلاثي» عبر البرّ والبحر والجوّ، لتجاوز العديد من الحدود. وتهدف مبادرة الحزام والطريق أساساً إلى ربط آسيا وإفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن لديها أيضاً القدرة على بناء جسر إلى أمريكا الجنوبية، حيث يتحدث القادة بصوت عال بالفعل عن أحلامهم ب«طريق حرير» خاص بهم.وفقرة واحدة في البيان المشترك تفتح في واقع الأمر، المجال أمام البلدان النامية، بغض النظر عن حجمها.وتنصّ هذه الفقرة على ما يلي: «إن أقلّ البلدان نموّاً، والبلدان النامية غير الساحلية، والدول الجزيرية الصغيرة النامية، والبلدان المتوسطة الدخل، تستحق اهتماماً خاصّاً لإزالة مآزق التنمية وتحقيق تواصل فعال». وقد تمّ في الآونة الأخيرة، تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دول أمريكا الجنوبية وآسيا، حيث انضمت كل من تشيلي وبوليفيا إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وتقول الأرجنتين، إنها تعتزم أن تحذو حذوها. يقول رئيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية،، «جين لي كون»، إن البنية التحتية الأفضل في آسيا، ستسمح للبضائع الأمريكية الجنوبية بالوصول إلى أسواق جديدة، في حين أن المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية لأمريكا الجنوبية، سوف يقرّب بين القارتين البعيدتين (آسيا وأمريكا الجنوبية). وقد حضرت رئيسة تشيلي ميشيل باشيليت، والرئيس الأرجنتيني موريسيو ماكري المنتدى، إلى جانب وفود من بوليفيا وفنزويلا.وفي بكين طرحت الرئيسة باتشيليت، تصوّراً لكثير من المشاريع القادرة على ربط آسيا مع أمريكا الجنوبية، بما في ذلك إمكانية الاستثمار المشترك في «كابل الألياف البصرية عبر المحيط الهادئ لتحسين التواصل الرقمي». وتشمل الاستثمارات الأخرى في ذهنها «إنشاء أنفاق وطرق سريعة عبر جبال الأنديز وموانئ لربط أمريكا الجنوبية بآسيا».وقد كتب سفير تشيلي لدى الصين خورخي هاين مؤخراً، في صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية:«حيث إن مبادرة الحزام والطريق تضع الاتصال الدولي وتطوير البنية الأساسية في جوهرها، فإنه يجب على أمريكا الجنوبية أن تحقق الاستفادة القصوى منها».وكان من رأيه أيضاً، أن «ارتباطات دول امريكا الجنوبية مع آسيا، تمثل أفضل أمل» لتحقيق «طريق الحرير» المتصوَّر إلى أمريكا الجنوبية. كما أعلنت فنزويلا عن دعمها، حيث قال نائب وزير شؤونها الخارجية للشرق الأوسط وآسيا وأوقيانوسيا، فيليكس غونزاليس، إن بلاده تتمنى ألا تضع البلدان غير المعنية «أي عراقيل في طريق نجاح الحزام والطريق». وتقيم فنزويلا بالفعل علاقات قوية وودية مع الصين، وتعتزم توسيع العلاقات الاقتصادية مع الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق. والصين حالياً أكبر شريك تجاري للبرازيل وتشيلي وبيرو؛ وثاني أكبر شريك لفنزويلا. وقد تعهّد الرئيس الصيني «شي» عام 2016، بمضاعفة التجارة الثنائية بين الصين وأمريكا اللاتينية إلى 500 مليار دولار- وزيادة استثمارات الصين إلى 250 مليار دولار على مدى العقد القادم. واشتمل البيان المشترك أيضاً على فقرة أخرى، من شأنها أن تساعد في تشكيل طريق الحرير إلى أمريكا الجنوبية، إذ أعلنت أن القادة اتفقوا على «تعزيز التعاون العملي في مجال الطرق، والسكك الحديدية، والموانئ والنقل البحري، والمائي الداخلي، والطيران، وخطوط أنابيب الطاقة والكهرباء، والألياف البصرية، بما في ذلك الكابلات العابرة للمحيطات، والاتصالات السلكية واللاسلكية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتطوير ممرات متعددة الوسائط مترابطة.. وإنشاء أنظمة نقل رئيسية لمسافات طويلة، من أجل شبكة بنية تحتية عالمية بمرور الزمن». وتعمل الصين، وبعض شركائها من أمريكا الجنوبية بالفعل في هذا الاتجاه. وبعد المنتدى، اجتمع الرئيس «شي» مع نظيره الأرجنتيني ماكري، واقترح ربط مبادرة الحزام والطريق، مع استراتيجية التنمية في الأرجنتين. كما اتفقا على توسيع التعاون في البنية الأساسية والطاقة، والزراعة، والتعدين، والتصنيع، وتنفيذ مشروعات التعاون الرئيسية القائمة، مثل الطاقة المائية، والسكك الحديدية.ومع إشادة «شي» بالدعم الذي قدمته الأرجنتين، وبمشاركتها في مبادرة الحزام والطريق، أكد أن أمريكا الجنوبية «امتداد طبيعي لطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين». فهذه المبادرة، لديها القدرة الكاملة على مساعدة الدول القريبة والبعيدة - وتحويل الأحلام الكبيرة بجسر وطريق حرير إلى أمريكا الجنوبية، إلى واقع يدوم طويلاً. إيرل بوسكيت ** صحفي ومؤلف من سانت لوشا (وهي دولة جزيريّة) في البحر الكاريبي). موقع: «تشاينا دوت أورغ»
مشاركة :