الشاشة في رمضان.. جدية أكثر واستخفاف أقل

  • 5/26/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الفضائيات العربية رسمت خريطتها الرمضانية، والمشاهد أيضاً رسم «خريطته». ليس سهلاً أن يعرف مسبقاً كيف، وماذا يختار للمشاهدة بين هذا الكم الكبير من الأعمال العربية، والبرامج المتنوعة، لذا يتبع في البداية خطوات نجومه، يحرص على وضع أعمالهم على رأس مشاهداته، لأنه يثق باختياراتهم من جهة، وتعود على لقائهم كل عام في الشهر الفضيل من جهة أخرى. ويتبع المشاهد أيضاً، طريق الروايات والقصص، فهو يستشف مما يقرأه عنها أثناء عمليات التحضير والتصوير، ما «يغريه»، ويدعوه لمتابعتها باحثاً عما هو جديد، وغير مألوف. هناك نوعان من البطولة في الدراما، البطولة القصصية، والبطولة التمثيلية. الثانية نعرفها وتعودنا عليها، وهي السائدة، حيث تنسب صفة «البطل» للممثل الرئيسي في العمل، بينما الأولى هي الأهم، لأنها «العصب» الرئيسي، ولا بد للعمل الناجح أن تكون القصة فيه هي البطل الأول. ومن نسائم الدراما التي هلت علينا قبل أيام من انطلاق السباق الرمضاني، بعض ما ينعش، وبعض ما يزيدنا شوقاً للمتابعة، وبعض ما يغرينا لنكون على الموعد. كل ما تعرضه الشاشة في رمضان يعكس أحوال مجتمعاتنا العربية. وسواء أحببنا العمل أو لا، فالمسلسلات بكل ألوانها الدرامية والكوميدية والتاريخية، تعكس ما نحن عليه اليوم، أو ما كنا فيه بالماضي، أو ما يسعى البعض إلى توجيهنا إليه، وزرعه في نفوس وعقول الناس ليكون هو المستقبل. ويبدو أن صناع الدراما اتجهوا أكثر نحو «الجدية» في طرح القضايا، والابتعاد إلى حد كبير عن الاستخفاف بالعقول، وعن تلميع صورة النجم على حساب الموضوع.من هذا المنطلق نجد أمامنا مجموعة من الأعمال التي تشدنا إليها لنحجز مقاعدنا مسبقاً، وننتظرها كل مساء، ولا بد أن تحقق نسب مشاهدة عالية على الأقل في الأيام الأولى، مثل مسلسل «غرابيب سود» الذي تعرضه مجموعة «إم بي سي»، وهو إنتاج ضخم ل«أو 3» التابعة للمجموعة، و«صبّاح بيكتشرز» المنتج المنفذ. يعتبر عملاً عربياً مشتركاً في الإخراج والبطولة، وهو من الأعمال النادرة التي نجد فيها ورشة عمل في الإخراج، حيث يحمل 3 مخرجين، من مصر عادل أديب وحسين شوكت، ومن سوريا حسام الرنتيسي، ويشارك فيه 38 فناناً من 7 دول عربية. هذا العمل الذي تفاجأنا به، ولم يتم الإعلان عنه مسبقاً، أحيط بسرية تامة وتكتمت المجموعة وكل العاملين فيه على الحديث عنه رغم طول مدة الإعداد له والتصوير، (نحو عامين) خوفاً من أن يتم اكتشاف مكان تصويره، فلربما تعرض فريق عمله لأي خطر، أو تهديد. وإذا كان مسلسل «خيانة وطن» لفت الأنظار إليه العام الماضي لتناوله قضية تفكيك الخلية السرية لتنظيم «الإخوان» في الإمارات، فإن «غرابيب سود» سيثير جدلاً أكبر، لأنه يتناول الفكر "الداعشي"، خصوصاً أنه يركز على كيفية تجنيد النساء والأطفال، والجناح العسكري النسائي، وكتيبتي «أم الريحان»، و«الخنساء»، وحمل الأطفال السلاح، و«جهاد النكاح». مسلسل عربي جريء يقابله من مصر الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة»، تأليف وحيد حامد، الذي يواصل كشف حقائق الفكر الإخواني، وحقبة مهمة من تاريخ انتشارهم في مصر. وتعرضه عدة قنوات عربية من بينها «أبوظبي»، ويضم مجموعة كبيرة من النجوم، وتطلّب مشهداً واحداً فيه الاستعانة بألف من الكومبارس. ويلتقي مع هذا وذاك، مسلسل «الزيبق» من ملفات المخابرات المصرية (الحديثة) تأليف وليد يوسف، وبطولة النجمين كريم عبد العزيز وشريف منير.هذه الأعمال لا تشد الجمهور لأنها تغرق في عالم السياسة، بل لأنها تمس حياته مباشرة، تحكي واقعه، ومخاوفه، وهواجسه. تفتح ملفات تنظيمات تحاول السيطرة على العقول والدول، وإظهارها وكشف أسرارها، هو جزء من الحرب المهمة لمواجهتها والقضاء عليها، والتي لا بد أن تلعب الدراما دوراً أساسياً فيها. هناك أعمال أخرى سياسية، لكنها أقل جرأة ومباشرة، مثل «ظل الرئيس»، عن الحارس الشخصي للرئيس، ويدخل في كواليس السياسة قبل ثورة 25 يناير، بطولة ياسر جلال، سيناريو وحوار محمد اسماعيل أمين. و«واحة الغروب» عن رواية بهاء طاهر الفائزة بجائزة البوكر عام 2008، تمتد أحداثه ما بين عامي 1882 و1886، في ظل الاحتلال البريطاني لمصر.اللافت أيضاً في الخريطة الرمضانية، «الروح المشتركة» في الدراما الخليجية، فإذا كانت «الكويتية» هي الأكثر كماً وإنتاجاً، فإنها هذا الموسم تأتي بنكهة خليجية، حيث تشارك فيها نخبة من نجوم الدراما من مختلف دول التعاون. وإذا كان الإنتاج المحلي لدولة الإمارات ضئيلاً، فإن رؤيتنا للممثلين الإماراتيين في أعمال خليجية وعربية، مهم أيضاً، حيث لم يعد للدراما عنوان واحد، بل تجد فيها أسماء من كل هوية عربية، وفي كافة المجالات الفنية، سواء تمثيلاً، أو إنتاجاً، أو كتابة، أو إخراجاً، أو تصويراً وفي مختلف المجالات الفنية والتقنية. نجوم الإمارات يشاركون في أعمال خليجية، أحمد الجسمي مع حياة الفهد في «رمانة». حبيب غلوم في «سماء صغيرة» (الكويت). البحرينية سعاد علي تشارك مرعي الحليان في الكوميديا الإماراتية «على قد الحال»، في حين يشارك الحليان في الدراما الكويتية «صوف تحت حرير» إخراج محمد دحام الشمري. هدى الخطيب في المسلسل السعودي «سناب شاف»، وبدرية أحمد تشارك مع مجموعة من النجوم الخليجيين في مسلسل «خطوات الشيطان» للمخرج حمد البدري الذي تم تصويره في دبي، بجانب كوميديا «على قد الحال» (الإمارات). رزيقة طارش بالدراما الخليجية «قلبي معي»، والسلسلة الكوميدية «طماشة 6» (الإمارات) مع جابر نغموش وأمل محمد التي تشارك أيضاً في «رمانة» (الكويت). ولا ننسى قيادة المخرجة الإماراتية نهلة الفهد للمسلسل الكويتي «دموع الأفاعي»، تأليف خليفة الفيلكاوي.لا شك في أننا كنا نتطلع إلى مزيد من الإنتاج المحلي، وعدم الاكتفاء بخمسة أعمال، أو حتى أكثر منها بقليل، ولا شك في أن النصوص الجيدة تفرض نفسها وتجد من يتبناها ويسخو على إنتاجها. ومن أهم ما نستشفه في رمضان هذا العام، تراجع ظاهرة «البلطجة»، وسيادة النجوم الشباب على الأعمال المصرية، من دون الهبوط إلى الإسفاف، رغم تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها شركات الإنتاج والمؤسسات الإعلامية، والقنوات. ولافت مثلاً، وجود مسلسل يحكي عن الجرائم الإلكترونية ومدى تأثيرها في حياة الناس، عمل معاصر وحيوي جداً، اسمه «هذا المساء»، ويضم أسماء شابة من كاتب القصة، ومخرجها تامر محسن، إلى البطولة: إياد نصار وأروى جودة ومحمد فراج وأحمد داوود وحنان مطاوع وهاني عادل.. إنتاج بي لينك وإيغل فيلم. ومن الأعمال الشديدة الواقعية أيضاً، «حلاوة الدنيا» لهند صبري التي تؤدي دور مريضة سرطان، تأليف تامر حبيب سيناريو وحوار إنجي القاسم، وسماء عبد الخالق، وإخراج حسين المنباوي. تلفتنا أيضاً يسرا التي تخلت عن أدوار تمسكت بها لسنوات، لتقدم دور خادمة بسيطة، بينما تخلت نيللي كريم عن السوداوية والعلاقات الاجتماعية المعقدة والحالات النفسية الصعبة، لتطل علينا باليرينا، تاركة معالجة الفصام والأمراض النفسية لأحمد السقا في «الحصان الأسود» وآسر ياسين وباسل خياط في «30 يوم». حين نتحدث عن أزمة، لا بد أن نتوقف عند الدراما السورية التي صارت في أغلبها عربية مشتركة، إذ حكمت عليها الحرب الداخلية أن تتقلص كماً، وتتجه نحو الأعمال المشتركة بجانب تلك السورية. من هذه الأعمال، «أوركيديا» وهو خيالي، عن حروب 3 ممالك ويضم نخبة كبيرة من نجوم الدراما العربية عموماً، والسورية خصوصاً. و«الهيبة» دراما لبنانية سورية بطولة نادين نجيم وتيم الحسن. و«قناديل العشاق» الذي يعود إلى العام 1734 ويجمع ممثلين لبنانيين وسوريين. أما الدراما اللبنانية، فهي ماضية في تحقيق توازن بين إمكاناتها الإنتاجية، وحضورها المتميز، وإن كان ضئيلاً على الشاشة في رمضان. والرهان على مسلسلات عدة منها «الهيبة»، و«لآخر نَفَس»w، لكارين رزق الله، ومعها بديع أبو شقرا، وقد نجحا معاً العام الماضي في «مش أنا». علماً بأن أكثر ما يلفت في الدراما اللبنانية، أن العنصر النسائي يطغى في التأليف. وفي ظل زحمة الأعمال والبهجة على الشاشة، لا ننسى غياب البعض وعودة آخرين، حيث تطل ماجدة زكي بعد غياب طويل عن الشاشة، بينما نفتقد هذا الموسم النجم يحيى الفخراني. ولا بد في رمضان أن نتذكر الراحلين محمود عبد العزيز الذي قدم آخر عمل له في رمضان الماضي «رأس الغول» ورحل، ونور الشريف الذي كان ضيف رمضان الذي نستقبله في بيوتنا كل عام. مارلين سلومmarlynsalloum@gmail.com

مشاركة :