جرياً على العادة السنوية.. وقبل حلول شهر رمضان بأيام تشهد الطرق السريعة ومداخل المدن ومخارجها والمساجد تسابق أهل الخير والميسورين، إلى جانب الجمعيات الخيرية والمكاتب الدعوية في التكفل بإعداد مخيمات تفطير، حيث تجسّد هذه المخيمات معاني الإسلام، دين التسامح، وتعبّر عن المعاني الأصيلة للتراحم بين المسلمين في الشهر الكريم وتشهد إقبالاً كبيراً من المقيمين من جنسيات مختلفة، في أجواء روحانية وأخوية متحابة في الله، وألفة كبيرة على الرغم من أن غالبيتهم لم يتعارف بعضهم على بعض إلاّ في مخيمات الإفطار. وكثير من المواطنين يهبون إلى هذا العمل من باب التطوع للمشاركة في مثل هذه المخيمات التي تقدم الإفطار الجماعي، حيث يقومون في توزيع الأطعمة وقتي الإفطار والسحور، ويشعرون بمردود كبير على نفسياتهم، كما أن المشاركة برمتها تكرس مفهوم عمل الخير ما يؤدي إلى الميل إلى فعل الخير في نفس هؤلاء المشاركين والمتطوعين ولها تأثير في التكوين الشخصي السليم. كما أنها تعكس وجهاً خيراً لمعظم المواطنين والمقيمين وتظهر صوراً عديدة من صور التكافل الاجتماعي الأصيل ويحرص القائمون على مخيمات إفطار الصائمين على تجهيز المقر بشكل مناسب ولائق لاستقبال الصائمين من خلال تجهيزه بوسائل التكييف والفرش المناسب، إلى جانب الاهتمام بالنظافة، لاستيعاب أكبر عدد من الصائمين، فضلًا عن إعداد سفرة الطعام بما لذ وطاب من أصناف الأكل والشرب، إذ لا تخلو موائد الإفطار من تمور وعصائر ومياه شرب، وألبان ومعجنات، إلى جانب حلويات وفواكه وشوربة، إضافة إلى الأرز والدجاج واللحم والقهوة والشاي، وغيرها من الأصناف، ويقف على رأس كل مائدة أحد العاملين بها يدعو السائرين على الشوارع أثناء أذان المغرب إلى تناول الإفطار لدرجة قد تصل فى بعض الأحيان إلى حد الإلحاح رغبة في الحصول على الثواب الديني والثناء الاجتماعي، وتشكل المساجد الكبرى في مدن المملكة ملتقى لهذه المشاريع الخيرة، حيث تشهد إقبالاً كبيراً من المقيمين وسط أجواء روحانية فريدة وتعمد بعض المساجد إلى إقامة محاضرات للجاليات المسلمة بعد صلاة المغرب عن فضل الصيام وتعاليم الإسلام بالأوردو وبعدد من اللغات الأخرى. ولا تقتصر مهمة المشرفين على هذه المخيمات على تقديم وجبات الإفطار والدعوة، بل إن هناك رصداً لجوائز تحفيزية للمنتظمين في الحضور لهذه المخيمات بهدف خلق تنافس أكبر بين هذه المخيمات والجمعيات لتقديم الأفضل دائماً. ولعل اللافت في شهر رمضان خاصة في هذه المشاريع التي تقع في المدن هو تسابق أبناء المجتمع على توزيع هذه الوجبات على الصائمين وتنظيف الموقع بعد انتهاء الإفطار قبيل صلاة المغرب طمعاً في الأجر والمثوبة من الله، حيث يحرص آباؤهم على تعويدهم فعل الخير لصقل شخصياتهم وزرع حب الخير في نفوسهم منذ طفولتهم، كما يتسابق عدد من شباب الأحياء في هذه المشاريع في تغليف وجبات خاصه تحوي عدداً من التمر وحبة لبن وعصير وقارورة ماء ويتم توزيعها على الصائمين أمام إشارات المرور قبيل أذان المغرب.
مشاركة :