أسئلة خفض وكالة موديز للتصنيف السيادي الصيني بقلم: سلام سرحان

  • 5/26/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا غرابة في وصف بكين لتصنيف موديز بأنه غير ملائم وأنها بالغت في تقدير الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الصيني.العرب سلام سرحان [نُشر في 2017/05/26، العدد: 10644، ص(11)] رغم كل مواطن الخلل في سياسة الصين المالية ووجود بعض الاتجاهات السلبية في مستوى الديون وتدفقات الأموال إلى الخارج وتباطؤ النمو الاقتصادي فإن الخفض الجديد الذي أجرته وكالة موديز أمس لتصنيفها السيادي يبدو مثيرا للاستغراب. ذلك لأن بكين لا تزال تملك أكبر الاحتياطات المالية في العالم ولا يمكن مقارنة مستوى ديونها بأي من الدول الكبرى باستثناء ألمانيا، إضافة إلى متانة الفائض التجاري الهائل ومستوى النمو الاقتصادي وضآلة مخاطر عدم الاستقرار. أول أسباب الاستغراب يكمن في أن تصنيف الصين السيادي من قبل موديز لم يكن في الدرجات الممتازة بل في الدرجة الرابعة أي.أي.3 وقد خفضته أمس إلى الدرجة الخامسة عند أي.1 بل دون ذلك لأنها خفضت نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية. قد يستغرب البعض أن الوكالة تصنف الصين دون مستوى عشرات الدول الغربية التي يبدو بعضها في أوضاع لا يمكن مقارنتها بالأوضاع الاقتصادية والمالية في الصين. يكفي أن نشير إلى أن موديز تصنف السنغال وجنوب أفريقيا وتركيا وتونس وتايلند وتايوان ورومانيا وصربيا وترينداد وموريشيوس بدرجات أعلى من تصنيف الصين. ويكشف ذلك أن الأدوات الفنية في التقييم قد تغفل الصورة الشاملة للمؤشرات العامة لمجمل الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد. الغريب أنه حتى الأرقام الدقيقة والتفصيلية تتعارض مع هذا التصنيف. فخزانة البنك المركزي الصيني لوحدها تملك احتياطات مالية بالعملات الأجنبية تصل إلى 3.2 تريليون دولار، ناهيك عن صناديقها السيادية وما تملكه المصارف والشركات الحكومية. وإذا كان إجمالي الدين العام المترتب على الحكومة المركزية والحكـومات المحلية الصينية قد وصل بنهاية العام الماضي إلى 3.96 تريليون دولار، فإنه لا يعادل سوى 36.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وهي مستويات تقل كثيرا عن نسبة الدين العام في معظم الدول المتقدمة. يكفي أن نشير إلى أن نسبة الدين العام في اليابان تعادل 221 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وفي الولايات المتحدة تعادل نحو 110 بالمئة ومثلها في الكثير من الدول الأوروبية الكبيرة، باستثناء ألمانيا مرة أخرى. وتعلل موديز تحركها الجديد بتدهور آفاق الديون في الصين وتشير إلى تحذير المحللين الاقتصاديين منذ وقت طويل من تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي هو سبب خفض التصنيف الائتماني. وبحسب بيان المؤسسة فإن “خفض التصنيف يعكس توقعات موديز بتآكل القوة المالية للصين بدرجة ما خلال السنوات المقبلة، مع ارتفاع مستويات الدين وهو ما سيؤدي إلى تباطؤ وتيرة النمو المحتملة”. وحتى عند النظر إلى التقديرات الإجمالية لديون الحكومة والشركات والأسر الصينية التي يمكن أن تصل مجتمعة في نهاية العام الحالي إلى 260 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي فإنها لا تزال تقل كثيرا عن مثيلاتها في عشرات الدول المصنفة في درجات أعلى من الصين. بل إنه حتى حديث صندوق النقد الدولي ومؤسسات التصنيف الائتماني الدولية عن القلق من احتمالات تفجر أزمة مالية وربما تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين بسبب تنامي مستويات الدين العام، لا يكفي للتصنيف بهذه الدرجة المنخفضة. فالاقتصاد الصيني رغم مخاوف التباطؤ التي خيمت في العام الماضي تمكن من تعزيز وتيرة النمو في الربع الأول من العام الحالي لتصل إلى 6.9 بالمئة وهي وتيرة تعادل أكثر من ضعف معدلات النمو في جميع البلدان المتقدمة. ولا غرابة في وصف بكين لتصنيف موديز بأنه “غير ملائم” وأنها بالغت في تقدير الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الصيني. سلام سرحان

مشاركة :