عرض فيلم "غرب نهر الأردن" للمخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي ضمن أفلام "أسبوعا المخرجين" في مهرجان كان 2017. ومنحت من جهة أخرى للفلسطينية ميسلون حمود جائزة "مواهب شابة" ضمن تظاهرة "نساء في الحراك" التي ينظمها المهرجان مع مؤسسة كيرينغ. طبعت شخصية إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اغتيل في 1995 على يد متطرف يهودي، حياة السينمائي وحياة المواطن عاموس غيتاي. الجنرال رابين، بطل حرب 1967، تحول إلى مدافع على التقارب بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووصل في 1993 إلى سدة الحكم. فاختار عندها غيتاي المغترب منذ عشر سنوات، العودة إلى البلاد للمساهمة في بناء "مشروع رابين". للمزيد : ناتالي بورتمان تغرق حب الكاتب الإسرائيلي عموس عوز للقدس في الظلام في 1993، أخرج غيتاي وثائقيا يحمل عنوانا واضح الرسالة "فلنعطي للسلام حظه". لكن اغتيال الزعيم العمالي بددت كل الآمال في إيجاد حل للنزاع، وأثرت بعمق في غيتاي الذي خصص فيلمين لرابين: "مسرح الجريمة" (1996) ثم وبعد عشرين سنة "يوم إسحاق رابين الأخير" (2016). "غرب نهر الأردن" هو وثائقي جديد عرض ضمن قسم "أسبوعا المخرجين" في مهرجان كان 2017، وهو بمثابة تحية من يسميهم "ورثة إسحاق رابين" في إسرائيل : مدنيون وعسكريون، شخصيات معروفة وأخرى لا، كل من لم ييأس من أمل مصالحة مع الفلسطينيين في حين تسحقه في كل يوم سياسة اليمين المتطرف التي تعتمدها حكومة نتانياهو. كثيرا ما ابتكر عاموس غيتاي أشكالا جريئة في أفلامه الروائية، إلى حد المبالغة في الخط النظري أحيانا. وينتهج في هذا الوثائقي بروتوكولا صحافيا: ريبورتاجات على عين الأحداث، وحوارات كثيرا ما يظهر فيها المخرج. ورأى البعض على غرار الصحفي ألبريك دو غوفيل في الفيلم "عذرا لإعادة استعمال ما تبقى له من أرشيف مع رابين". فترافق مراحل سفر غيتاي إلى الضفة الغربية نفس الموسيقى الميلونكولية. لم يكن لـ"غرب نهر الأردن" نفس وقع "يوميات حملة" الذي صوره في الأراضي المحتلة قبل 35 سنة، لكنه وثيقة هامة عن وجهة النظر في المنطقة. في "غرب نهر الأردن" فضح وتنديد بالتخريب المادي والنفسي الذي يصنعه الاحتلال. يصور غيتاي معاناة الفلسطينيين، والإسرائيليين. ففي إحدى المشاهد يصل صحفي في جريدة "هآرتز" الإسرائيلية إلى حد التصريح لغيتاي أن حلم مؤسسي إسرائيل في إقامة دولة يهودية وديمقراطية سيدفن في ظرف عشر سنوات. والفيلم تكريم لصمود المدنيين وتحضرهم أمام همجية السياسات القاتلة، فيشارك في اجتماعات جمعية تلتقي فيها أمهات فلسطينيات وإسرائيليات فقدن أبناءهن خلال النزاع. كما يحضر دروسا تقدمها إحدى المنظمات الحقوقية لتساعد الفلسطينيات على تصوير التجاوزات التي تعشنها في الأراضي المحتلة، وكان عنف الصور لا يطاق. في "غرب نهر الأردن" موجات من الأمل رغم كل شيء، على غرار المشهد الأخير حيث يسهر فلسطينيون وإسرائيليون في حفل غنائي يتقاسمون أثناءه حبهم للموسيقى الشرقية (لا سيما أم كلثوم) وللعبة الطاولة... وفيه من جهة أخرى بعض الأشياء التي تبعث على القنوط على غرار مقطع تصرح فيه للمخرج الشابة الرهيبة تزيبي هوتوفلي، وهي وزيرة نائبة في الشؤون الخارجية الإسرائيلية والنجمة الصاعدة للحزب المحافظ، حقها في احتلال الأراضي الفلسطينية باسم "الدين والتاريخ". حاور غيتاي صحافيين ومثقفين وسياسيين إسرائيلين، وفي المقابل فتى فلسطينيا يريد أن "يصبح شهيدا في المستقبل"، الزاوية كاريكاتورية وإن كان المخرج يبحث وجهات النظر الإسرائيلية. فهل نبقى مع غيتاي وكل الحالمين بالسلام الذين لم تمحقهم بالكامل ماكينة الحرب في مستوى التفكير بأن السينما قد تكون سلاحا لخلق مجال عيش مشترك في المنطقة؟ قريبا يمر نصف قرن على حرب الأيام الست، فكيف نفهم ونعيش فعاليات مهرجان "مفتوحا لصدى العالم".. فيعرض فيلم غيتاي وفي نفس الوقت تظهر وزيرة إسرائيلية على البساط الأحمر بفستانها المطبوع بصورة القدس، ولا سيما الجزء العربي، في حادثة أثارت جدلا واسعا ووصفتها "هآرتز" بالـ"عنيفة وداعمة للاحتلال"؟ كيف يهتم المهرجان بقضية اللاجئين وهو يعرض بشأنهم أفلاما "بورجوازية" وقد عثر مساء الجمعة على مهاجر ميت في محطة "لا بوكا" الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من كان؟ هل يتكلف الجيل الجديد من السينمائيين بكسر حواجز الأفكار النمطية ويوصل رسائله إلى العالم بردا وسلاما؟ جائزة "المواهب الشابة" للفلسطينية ميسلون حمود سلمت أيقونة التمثيل الفرنسي إيزابيل هوبير من جهتها جائزة "مواهب شابة" لبرنامج "نساء في الحراك" للمخرجة الفلسطينية ميسلون حمود. و"نساء في الحراك" هي جائزة تخصصها مؤسسة كيرينغ ومهرجان كان تكريما لمساهمة النساء في دعم السينما. للمزيد: من مهرجان كان.. التانغو الأخير في رام الله في إطار برنامج "نساء في الحراك" woman in motion الذي تدعمه مؤسسة كيرينغ kering ، لتسليط الضوء على دور النساء في دفع الفن السابع، جمع "العشاء الرسمي" لمهرجان كان في دورته السبعين 200 ضيف. وسلمت جائزة "نساء في الحراك" للممثلة الفرنسية الكبيرة إيزابيل هوبار، التي اختارت بدورها تكريم المخرجة الفلسطينية، والمواطنة الإسرائيلية، المولودة في المجر... ميسلون حمود عبر جائزة "المواهب الشابة". تم عرض فيلم ميسلون حمود "بر بحر" (إنتاج إسرائيلي فرنسي) عام 2016، ويروي قصة ثلاث شابات عربيات يتشاركن العيش في شقة في وسط تل أبيب. بين الدراسة والعمل، تدور حياة البنات على وقع نزعة التحرر من ضغوط المجتمع عبر اتباع نمط عيش يظن العديد أنه حكر على الشباب الغربي: كحول وحشيش، مممارسة الجنس، سهر... إحدى شخصيات الفيلم تنحدر من قرية أم الفحم التي كان رد فعل بلديتها غير مسبوق، إذ أصدرت بيانا جاء فيه "نؤكد رفضنا القاطع واستنكارنا الشديد لما يسمى بفيلم "بر بحر"، لما فيه من إساءة مباشرة لأم الفحم وأهلها بشكل خاص، ولمجتمعنا الفلسطيني في الداخل بشكل عام. كما ندعو أهلنا في مدينة أم الفحم خاصة ووسطنا العربي عامة بكل فئاته وأحزابه وحركاته إلى رفض هذا الفيلم ومقاطعته". وأكدت المخرجة أن كل ما تلقته من تهديدات دليل على نجاح الفيلم. مها بن عبد العظيم نشرت في : 26/05/2017
مشاركة :