استعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسلوبه الهجومي خلال لقائه شركاء بلاده التجاريين أمس، ونعت الألمان بأنهم «سيئون جداً» لامتلاكهم فائضاً كبيراً في إطار التبادل مع الولايات المتحدة، ما أعاد تسليط الضوء على هذه النقطة الخلافية بين الجانبين خلال قمة مجموعة الدول السبع التي انعقدت في مدينة تاورمينا في جزيرة صقلية الإيطالية أمس. كما جدد ترامب انتقاد شركاء بلاده في حلف شمال الأطلسي (ناتو) لفشلهم في رفع موازناتهم المخصصة للإنفاق العسكري. وتحت عنوان رئيسي للقمة هو «بناء أسس الثقة المتجددة» بين دول المجموعة، حضر ملفا الإرهاب والأمن بقوة خلال المحادثات، غداة التفجير الانتحاري الذي استهدف مدينة مانشستر البريطانية الإثنين الماضي، وأسفر عن سقوط 22 قتيلاً. وبدا أن الدول السبع لا تمتلك خياراً سوى التكاتف في مواجهة الإرهاب بعدما اتجهت التحقيقات إلى مزيد من الربط بين اعتداء مانشستر والتفجيرات التي وقعت في باريس وبروكسيل أخيراً، نظراً إلى تشابه العبوات المستخدمة في تلك الأحداث الإرهابية، كما كشف رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس النواب الجمهوري مايك ماكول. لكن ترامب بدا متردداً في تقديم دعم صريح لاتفاق الدفاع المشترك بين الدول الكبرى والذي جرى تفعيله مرة واحدة في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على نيويورك وواشنطن. وأكد رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيليوني الذي رأس القمة أن قادة الدول السبع يعتزمون «توجيه أقوى رسالة ممكنة في شأن بذلهم أقصى الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب». وزاد: «نملك فرصة إعادة تأكيد أن التصرفات الجبانة لأولئك الذين قتلوا مراهقين حضروا حفلة موسيقية في مانشستر، لن ينتصروا على الحرية». ويشير ذلك إلى أن اتفاق قادة المجموعة على إجراءات مكافحة الإرهاب لن يكون صعباً، بعد تجاوز لندن وواشنطن خلافاً بشأن تسريب الأميركيين معطيات من التحقيق، ما أثار مخاوف من اهتزاز الثقة بين الجانبين. وعزا مراقبون تصعيد ترامب حدة خطابه، إلى استقبال أكثر فتوراً من الحفاوة التي لقيها خلال زيارته الشرق الأوسط أخيراً، واضطرار قادة مجموعة السبع إلى التعامل مع خيارات «غير واضحة» للرئيس الأميركي لدى مناقشة مواضيع خلافية، مثل التغير المناخي والتبادل التجاري والتعامل مع الهجرة غير الشرعية التي تُعتبر إيطاليا تحديداً إحدى الوجهات الرئيسية لها عبر البحر المتوسط. وكان ترامب أرجأ إلى ما بعد قمة صقلية خياره الخاص بالتزام الولايات المتحدة خفض الانبعاثات الحرارية بموجب اتفاق باريس. كما تعارضت محاولته فرض حظر أميركي على سفر أشخاص من دول يعتبرها راعية للإرهاب، مع اعتبار رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الهجرة مصدراً قوياً ودائماً للنمو. وخيمت على القمة أجواء توتر مع تأكيد مستشار البيت الأبيض للشؤون الاقتصادية غاري كوهن، انتقاد ترامب ألمانيا خلال لقائه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي في بروكسيل. وأوضح كوهن أن ترامب أبلغ المسؤولين الأوروبيين بأن «لا شيء لديه ضد شعب ألمانيا» باعتبار أن جذور عائلته من هذا البلد، لكنه عارض خلال اللقاء الممارسات التجارية للألمان، وردت المستشارة الألمانية بالإشارة إلى صعوبة التفاهم مع الرئيس الأميركي في قضية المناخ. وكانت لافتة محاولة يونكر التخفيف من حدة تصريحات ترامب بقوله إن الرئيس الأميركي «لم يستخدم كلمة سيئة تحديداً، بل تحدث على غرار آخرين عن الإنتاجية الفائضة لألمانيا، ولم يهاجمها»، علماً أن ألمانيا تربط هذا الأمر بالقدرات التنافسية العالية لمنتجاتها والتي جعلت مبيعاتها تبلغ 253 بليون يورو العام الماضي، وهو رقم قياسي لها. وبحث قادة مجموعة السبع مواضيع ملحة أخرى، بينها الحرب في سورية، وتهديدات كوريا الشمالية، وتزايد هجمات القرصنة الإلكترونية، وآليات تطبيق اتفاق باريس للمناخ، والهجرة، والحماية الاقتصادية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت) والابتكار والتطوير المستدام.
مشاركة :