تعيش الأقليات المسلمة مشكلات في كل أنحاء العالم، وهذا يفرض على المسلمين أن يتعاملوا مع هذه المشكلات بذكاء وحكمة، وأستراليا مثال للدول التي تعيش فيها الأقليات المسلمة، حيث يبلغ عددهم قرابة 300 ألف نسمة في بلد تعداده 20 مليون نسمة، وفي هذا الحوار نفتح هذا الملف، آخذين الأقلية المسلمة في أستراليا نموذجاً، وملتقين مع مفتي أستراليا الدكتور إبراهيم أبو محمد، والشيخ شفيق الرحمن عبدالله رئيس المركز الثقافي الإسلامي في أستراليا، ولهما تجارب في هذا الجانب يمكن أن تكون مثالاً للتعايش مع الآخر. ونعرض لتجربتي الدكتور أبي محمد والشيخ شفيق الرحمن.مشكلات الأقليات المسلمة في أستراليا ويبين د. إبراهيم أبو محمد مفتي أستراليا أن المشكلات التي تواجه الأقليات المسلمة في أستراليا متعددة، منها عدم مراعاة الخصوصية في العادات والتقاليد الإسلامية. تجربة شخصية وتحدث عن تجربته الشخصية في إنشاء دار للمعاقين دون الاستعانة بالدولة، حيث جاءته سيدة لبنانية عندها ابنتان معاقتان ذهنياً، وقد أودعتهما دار إعاقة أسترالية، وعندما ذهبت تأخذهما فوجئت برجل يسلمها ابنتيها، فقالت له وأين كارولينا (القائمة على خدمة الفتاتين) فقال: انتهى دوامها وأنا مكانها قمت بكل شيء لابنتيك: فقد ساعدتهن على أمورهن الشخصية المختلفة) وصعقت المرأة، وجاءتني وفكرنا نحن المسلمين في أستراليا وأقمنا داراً للمعاقين بجهد ذاتي دون الاستعانة بالدولة التي تهتم بهذا الجانب وتغدق عليه الكثير من المال، وبالفعل أقمنا الدار وأصبحت فيها إذاعة القرآن تعمل ليل نهار ووجدنا السلوك للمعاقين تغير إلى الأفضل، والحمد لله. جامعة إسلامية وأضاف أبو محمد: نفكر الآن في إنشاء جامعة إسلامية لنشر الثقافة الإسلامية وتعريف المجتمع الأسترالي بالإسلام المعتدل. الدولة والمجتمع ونظرتهم للمسلمين شهدت الفترة الماضية تفهماً من الحكومة الأسترالية تجاه الأقليات المسلمة، وبات كثير من المسؤولين ينظرون للمسلمين بنظرة أكثر إيجابية. المركز الثقافي الإسلامي في أستراليا ويحدثنا الشيخ شفيق الرحمن عبد الله رئيس المركز الثقافي الإسلامي عن تجربتهم في التعايش بالقارة الأسترالية فيقول: العمل الإسلامي في أستراليا لم يكن واضحاً للعيان إلا في السبعينيات من القرن الماضي، وأستراليا بلد ديمقراطي تسمح بإقامة الأنشطة للثقافات المتعددة بشرط تقيدها بالأنظمة المتبعة في أستراليا، ونحن تقيدنا بالنظام وشيدنا المركز الثقافي الإسلامي بأستراليا عام 1984، لنبني جسور الثقة بين المسلمين وغيرهم ونغرس الثقافة الإسلامية في نفوس الشباب، ونسعى في المركز للمساهمة الفاعلة في بناء أستراليا، ورفع مستوى معيشة المسلمين وإنشاء المراكز الإسلامية المتخصصة. وحصل المركز على ترخيص حكومي من وزارة التعليم الأسترالية لبناء كلية الملك فيصل ويدرس بها حوالي 2000 طالب وطالبة من الروضة وحتى الثانوية العامة، حيث يدرسون المناهج الأسترالية الكاملة، بالإضافة إلى القرآن والحديث والعلوم الشرعية، وقد افتتحها في ذلك الوقت رئيس وزراء أستراليا. مركز عمر بن الخطاب وتحدث الشيخ شفيق الرحمن عن مركز عمر بن الخطاب الذي ينوون بناءه حيث واجهوا صعوبات شديدة كي يحصلوا على رخصة بنائه، وقال إنه أكبر مجمع إسلامي في أستراليا، حيث تم بناؤه على 5800 م2 ويستوعب 5000 مصلٍ، وهو من 6 طوابق، الأدوار الثلاثة السفلية دورات مياه وأماكن للسيارات، ثم دور للمسجد ودور لقاعات المحاضرات والمناسبات ودور للمكتبة ولممارسة الرياضة والخدمة العامة. مارثون الحصول على التصريح وعن الحصول على التصريح قال الشيخ شفيق الرحمن: لقد عانينا كثيراً، فالبلدية لا تعطي التصاريح إلا بعد إجراءات طويلة ومعقدة، أبرزها إعلام السكان المجاورين للمسجد على بعد كيلو متر تقريباً، ومنهم من يرفض لكراهية الإسلام والمسلمين، وأذكر أن سيدة يهودية جمعت ثلاثة آلاف توقيع أمام المحكمة لرفض بناء المجمع الإسلامي، وقالت إن المسلمين جاؤوا جوعى من بلادهم ومطاردين كي يغيروا هويتنا، ومعي ثلاثة آلاف توقيع أصحابهم يتضررون من بناء هذا المسجد. فرددت عليها أمام رئيس المحكمة الذي منحني خمس دقائق فقط: نعم إننا نحترم رأيك ورأي التوقيعات التي جمعت، ولكن جمعنا أكثر منها، جمعنا 27 ألف توقيع، وصحيح أننا جئنا من بلادنا مطاردين، ولكننا الآن مواطنون، ومعنا الخيار في الرجوع لبلادنا الأصلية، ولكنا نفضل العيش هنا، ونحن نتمتع بحرية وديمقراطية لا تفرق بين المواطنين على أساس لون أو دين أو عرق، وكنت قد نبهت على الشباب الحاضر معي ألا يكبروا حتى لا يخاف الناس ويكتفوا بالتصفيق، والحمد لله حصلنا على الترخيص. تاريخ الإسلام في أستراليا عاصر دخول الإسلام إلى القارة الأسترالية وصول المستعمرات الغربية، حيث اعتمد الإنجليز على الأفغان المسلمين في نقل البضائع والتموين وتشييد الطرق، وقد وصل عددهم في عام 1931م إلى ما يقارب 393 رجلاً قدموا للعمل بغير عوائلهم التي فضّلوا بقاءها في أفغانستان، بسبب عدم سماح النظام الأسترالي في ذلك الوقت بقدوم نساء الأفغان. وبما أن الإنجليز لم يمنحوا الأفغان الجنسية رغم مساهمتهم بتطوير البلاد، وقد وجد الأفغان البلد غير مناسبة للحفاظ على هويتهم الإسلامية، ولهذا فإن معظمهم عاد إلى أفغانستان، والقليل منهم مكث في أستراليا وتزوج من سكان البلد الأصليين والإنجليز، وقد ترك الأفغان المسلمون خلفهم بعض العادات والتقاليد والمباني التي ما زالت إلى الوقت الحاضر ملموسة في الجالية الإسلامية. عادات المسلمين إن نشر الإسلام في القارة الأسترالية في عام 1866م كان أهم وأعظم مساهمة قام بها الأفغان، وما زال الصدق والأمانة وحسن المعاملة والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي متعلقة بأذهان الأستراليين حول أولئك الرجال، إلى درجة أن عدم شربهم للخمر قد أدهش الغربيين. ورغم احترام المسلمين للأنظمة، إلا أن وضعهم كان صعباً وضعيفاً، لأن الغرب يراهم متخلفين بسبب تمسكهم بالإسلام، ولكن التاريخ يوضح أن الأفغان ليسوا أول من وصل إلى أستراليا، حيث إن التجار المسلمين كان لهم علاقات مع سكان شمال أستراليا الأصليين في القرن السابع عشر الميلادي. ولكن تأثير الأفغان حالياً هو القائم والمشهود له. ومساهمة المسلمين بشكل عام في التجارة والصناعة والزراعة ظاهر في جميع الولايات الأسترالية ومعترف به. واليوم فإن عدد المسلمين فـي أستراليا يقارب300000 مسلم تقريباً، يقطن %80 منهم في مدينتي سدني وملبورن.;
مشاركة :