القاهرة – خالد بطراوي | إنهم حقا جيل من العمالقة، ذلك الجيل من ممثلي السينما، والمسرح العرب في الاربعينات، الذي يوصف بأنه جيل العمالقة، خصوصا ان كلا منهم قد ترك علامات بارزة لفنه وموهبته في الافلام والمسرحيات التي مثلها، والتي يرى الجيل الجديد اكثرها من خلال المحطات الفضائية العربية في هذا الزمن! والقبس تحاول جاهدة، بهذه السلسلة التعرف على طبيعة التجربة السينمائية الأولى في مشوار كل نجم من نجوم السينما الذي قامت عليه مسيرته الفنية، حتى صار تاريخه صرحا عملاقا في تاريخ الفن بعامة، ولعلها تستطيع ان تنفض عن اسمائهم غبار النسيان، ونكران الجميل، الذى اسهم فيه الاعلام العربي بنصيب وافر. فاطمة رشدي هي كبيرة ممثلات الشرق.. هـي.. أعظم ممثلة في العالم العربي، ولقبتها الصحف بلقب «سارة برنار الشرق». وهي أيضا، ممثلة رائدة، كلما رأى الناس اسمها الذي اطلق على أحد شوارع الجيزة.. ولمحوا الاسم نفسه فوق المسرح الذي يحمله، سيتذكرون قصة المجد، والنجاح، والتألق، لفنانة كبيرة في النصف الأول من القرن العشرين في المسرح العربي، اسمها: فاطمة رشدي. ارادت فاطمة رشدي ان تكون واحدة من أربع رائدات، قمن بمحاولات في حقل صناعة فن السينما في مصر، هن بالإضافة إليها: عزيزة أمير، وآسيا، وبهيجة حافظ، فقررت فاطمة رشدي أن تتجه إلى الإنتاج السينمائي مرة ثانية. وفى عودة إلى بداية مشوارها الفني يتبين أن أول محاولة لفاطمة رشدي في السينما كانت في بداية عام 1928. ولعل اللذين مهدا لها طريق الاحلام وفرشاه بالورود أمام دخولها ميدان الشاشة السينمائية، كانا الأخوين إبراهيم وبدر لاما، اللذين استطاعا إقناعها بالانضمام إليهما في إنتاج الفيلم الصامت «فاجعة فوق الهرم» الذي عرض في الثاني من شهر ديسمبر عام 1928، واشتركت في بطولته مع بدر لاما وعزيزة رشدي، واخرجه إبراهيم لاما. فاطمة رشدي بين محمد فوزي وعبدالغني السيد وأصبحت.. مخرجة سينمائية! تلك كانت هي الخطوة الأولى.. وجاءت الخطوة الثانية.. خطت فاطمة رشدي الخطوة الثانية بمفردها، فأسندت إلى المخرج التركي وداد عرفي مهمة تنفيذ إنتاج وإخراج فيلم «الزفاف»، واقتسمت معه بطولة الفيلم، إلا أن الفيلم لم ير النور. عندئذ، صممت فاطمة رشدي على إخراج هذا الفيلم تحت اسم «الزواج» وبعد ايام قليلة، كانت فاطمة رشدي قد اختارت للقيام بدور البطولة فيه أمامها الفتى الأول محمود المليجي الذي انبهرت بتمثيله عندما شاهدته في مسرحية «الذهب» على مسرح الأزبكية، بعد أن تم استئجار هذا المسرح من فاطمة رشدي التي كانت تعمل عليه ويحمل اسمها. منذ ذلك اليوم اختارته لكي يعمل في فرقتها، وانتقل من مجموعة الكومبارس في فرقة «رمسيس» الى فرقة فاطمة رشدي بمرتب شهري قدره أربعة جنيهات مصرية ونصف الجنيه. وثيقة حول فيلم «الزواج» وبدأ العمل.. ودارت الكاميرا.. وصورت مناظره الخارجية ما بين باريس واسبانيا ومصر، يدور موضوعه حول مشكلة «بيت الطاعة».. واستغرق التصوير نحو أربعة أشهر.. ولما عرض الفيلم في التاسع عشر من شهر يناير عام 1933 في دار سينما امريكان كوزموغراف بالقاهرة، وحمل الرقم «عشرين» في قائمة الافلام المصرية، فشل فشلا ذريعا، ولم يحقق النجاح المرتقب، مما ادى الى انصرافها الى المسرح استعدادا لعمل فني سينمائي جديد يحقق ما تتطلع اليه من طموحات سينمائية كبرى. بينما اتجه محمود المليجي الى العمل في فرقة رمسيس مرة أخرى، لكي يتسنى له نسيان تجربته الأولى الفاشلة في فيلم «الزواج» التي ظلت تطارده اينما ذهب.
مشاركة :