ينتج فيتامين «د»، أو ما يسمى بفيتامين أشعة الشمس، بصورة طبيعية في الجسم عند التعرض لأشعة الشمس، أو عندما يتم تناوله من المصادر الطبيعية أو المكملات الغذائية، ويعتبر تناول فيتامين «د» بكميات كافية ضرورياً لتنظيم امتصاص الكالسيوم والفسفور، وبالتالي المحافظة على صحة العظام والأسنان، كما يلعب دوراً مهماً في الوقاية من بعض الأمراض مثل السرطان ومرض التصلب المتعدد وداء السكري، حيث إنه ينظم إفراز هورمون الأنسولين، كما يدعم فيتامين «د» وظيفة الجهاز المناعي والجهاز العصبي والدماغ، ووظائف الرئتين والقلب والأوعية الدموية.وعلى الرغم أنه يطلق عليه فيتامين، فإنه يعتبر هورموناً أيضاً وليس مجرد فيتامين، وذلك لأن الجسم يستطيع تصنيعه عن طريق تأثير الشمس في الجلد، إلا أن الفيتامينات الأخرى تعتبر مغذيات يجب الحصول عليها من الطعام أو المكملات الغذائية، ولا يستطيع الجسم تصنيعها. وتشير التقديرات إلى أن تعرض الجلد العاري المعقول لأشعة الشمس 5 إلى 10 دقائق مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، يساعد الجسم على تصنيع ما يكفي من فيتامين «د»، بيد أن عمر النصف للفيتامين هو أسبوعين فقط، مما يعني أن مخزون الجسم قد يتناقص مع مرور الوقت خاصة في فصل الشتاء. وأوضحت الدراسات الحديثة أن ما يقارب 50% من البالغين والأطفال في جميع أنحاء العالم يعانون نقصاً في فيتامين «د»، حيث تتعدد العوامل المسببة لنقص الفيتامين.يتم إنتاج فيتامين «د» عندما تقوم أشعة الشمس بتحويل الكوليسترول الموجود في الجلد إلى كالسيول (Calciol)، ويسمى فيتامين «د» 3، والذي يتم تحويله إلى كالسيديول (Calcidiol) في الكبد، بعد ذلك تقوم الكلى بتحويل الكالسيديول إلى الشكل النشط من فيتامين «د» والذي يسمى كالسيترول، وبالتالي فإن الأدوية التي تثبط تصنيع الكوليسترول أو تؤثر في وظائف الكبد أو الكلى تؤثر سلباً في تصنيع فيتامين «د».الفوائد الصحية لفيتامين «د» يلعب فيتامين «د» دوراً مهماً في تنظيم مستويات الكالسيوم والفسفور في الدم، حيث يساعد في امتصاص الـ«كالسيوم» من الأمعاء واستعادة الكالسيوم والحفاظ عليه من الإخراج بواسطة الكلى، ويسبب نقص فيتامين «د» عند الأطفال مرض الكساح الذي يتميز بتقوس الساقين نتيجة نقص التمعدن أو ما يعرف بترسب الكالسيوم في العظام، مما يؤدي إلى ليونتها. أما لدى الكبار فيؤدي نقص فيتامين «د» إلى هشاشة العظام التي تسبب بدورها نقص كثافة العظام وضعف العضلات، مما يؤدي إلى تكوين شقوق صغيرة أو كسور زائفة في عظام السلسلة الفقرية والفخذ والذراع، ويعد مرض هشاشة العظام من الأمراض الأكثر شيوعاً بين النساء بعد سن انقطاع الطمث وكبار السن من الرجال.وتشير الدراسات إلى أن إعطاء 1200 وحدة معيارية من فيتامين «د» يومياً لمدة 4 أشهر خلال الشتاء يقلل خطر الإصابة بمرض الإنفلونزا من النوع A بنسبة 40%. فيما أظهرت بعض الدراسات أن هنالك علاقة عكسية بين مستويات فيتامين «د» في الدم ومرض السكري من النوع الثاني، فمستويات فيتامين «د» المنخفضة قد تؤثر سلباً في إفراز الأنسولين وتحمل السكر. وفي إحدى الدراسات الأخرى، انخفضت نسبة الإصابة بمرض السكري في عمر 32 سنة بنسبة 88% لدى الرضع الذين تم إعطاؤهم 2000 وحدة معيارية من فيتامين «د» يومياً. وعندما أعطي الأطفال 2000 وحدة معيارية من فيتامين «د» يومياً، تراجع لديهم مستوى تصلب الشرايين بصورة ملحوظة مقارنة مع الأطفال الذين تناولوا 400 وحدة فقط، كما ترتبط المعدلات المنخفضة لفيتامين «د» بأمراض الحساسية لدى الأطفال مثل الربو والأكزيما.وبالنسبة للسيدات الحوامل، فإن نقص فيتامين «د» يزيد من خطر الإصابة بتسمم الحمل، وبالتالي الحاجة لإجراء العمليات القيصرية. كما ترتبط المعدلات المنخفضة من فيتامين «د» بزيادة خطر الإصابة بداء السكري أثناء الحمل والتهاب المهبل البكتيري لدى السيدات الحوامل، مع الإشارة إلى أن مستويات فيتامين «د» المرتفعة أثناء الحمل ترتبط بزيادة خطر الإصابة بحساسية الطعام للأطفال خلال العامين الأولين من العمر. ويعتبر فيتامين «د» من الأهمية بمكان في الوقاية من السرطان، حيث إنه يعمل على تنظيم نمو الخلايا والاتصال بين كل خلية وأخرى، إذ أثبتت بعض الدراسات أن الكالسيترول، وهو الشكل الهورموني النشط من فيتامين «د»، قد يقلل تطور السرطان عن طريق إبطاء نمو الأوعية الدموية الجديدة في الأنسجة الخبيثة وزيادة موت الخلايا السرطانية عن طريق تثبيط نمو الخلايا وانتشارها، مع العلم أن الفيتامين يؤثر في أكثر من 200 جين من الجينات البشرية التي يمكن أن تضعف عندما تقل مستويات فيتامين «د» في الجسم.كما يرتبط نقص فيتامين «د» بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وداء التصلب المتعدد والتوحد ومرض الزهايمر والتهاب المفاصل الروماتويدي والربو وإنفلونزا الخنازير، وعلى الرغم من ذلك، فإن هنالك حاجة للمزيد من الدراسات لإثبات هذه الارتباطات.المصادر تعتبر أشعة الشمس من المصادر الأكثر شيوعاً وفعالية، بيد أن البشرة السمراء واستعمال مستحضرات الوقاية من أشعة الشمس قد تقلل من قابلية الجسم لامتصاص الأشعة فوق البنفسجية من النوع «ب» (UVB) المطلوبة لإنتاج فيتامين «د»، حيث إن استعمال مضاد أشعة الشمس بعامل وقاية 30 (SPF30)، قد يقلل من قابلية الجسم لتصنيع فيتامين «د» بنسبة 95%، كما يجب أن يتعرض الجلد للأشعة بشكل مباشر، حيث إن الملابس قد تحجز الأشعة أيضاً، و حتى إن زاوية سقوط أشعة الشمس على الجلد قد تشكل أحد العوامل المؤثرة. توجد العديد من الأطعمة التي تحتوي على فيتامين «د»، منها زيت كبد الحوت، حيث إن ملعقة صغيرة منه تعادل 1360 وحدة معيارية من فيتامين «د»، إضافة إلى السمك المملح والسمك أبوسيف وفطر المشروم وسمك السلمون والسردين والتونة، فضلاً عن الحليب المقشود والبيض والدجاج.كما تتوفر مكملات غذائية لفيتامين «د»، إلا أنه من الأفضل تناول كل الفيتامينات والمعادن من مصادرها الطبيعية، فليس الفيتامين وحده هو ما يجعل الأطعمة مغذية، ولكن التعاون بين المغذيات الموجودة في الطعام وعملها معاً هو ما يحقق الفائدة القصوى، وكمثال على ذلك، فإن فيتامين «د» هو من الفيتامينات الذائبة في الدهون، فامتصاصه يتطلب وجود الدهون في الغذاء، إضافة إلى أن المغنسيوم يساعد في تحويل فيتامين «د» إلى شكله النشط، وقد تم إثبات أن تناول الفيتامينات والمعادن في شكل مكملات لا يعطي نفس الفائدة الصحية التي توفرها المصادر الطبيعية، وبالتالي يستحسن الحصول على الفيتامين من أشعة الشمس والأطعمة، ومن ثم استخدام المكملات الغذائية كخيار أخير.
مشاركة :