هلّ هلال رمضان المبارك، وهلّ معه هلال «العيد» للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، الذين أنهوا «صيامهم» وإضرابهم عن الطعام، بعد 41 يوماً، سطروا خلالها صموداً أسطورياً، أعاد قضيتهم كأولوية، للشارع الفلسطيني، ومناصري العدل والحرية في العالم. ومع انتشار نبأ تعليق إضراب الأسرى، اختصرت خيم التضامن معهم، شهادات حيّة، على فرحة كانت كفيلة بإسالة الدموع، لا سيما وأن الشارع الفلسطيني، بات متعطشاً وتوّاقاً لكل ما من شأنه أن يرسم الابتسامة على وجهه، بخبر يحمل معه بشائر انتصار الأسرى في معركة الكرامة والحرية. الفلسطينيون اعتادوا على أن تسيل دموعهم لدى استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، الذي تطلقه قوات الاحتلال عليهم، خلال تفريقها للمواجهات والتظاهرات، لكن تعليق الأسرى لإضرابهم، رسم فيضاً طافحاً من علامات الفرح، التي أسالت الدموع، من عيون أمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم، الذين انطلقوا في موجة فرح عفوية، فتشابكت الأيدي، التي أنهكها الإضراب التضامني، وهتفت الحناجر، فعلى صوتها على صوت السجان، ولسان حالها يردد: «منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي، في كفي قصفة زيتون، وعلى كتفي نعشي.. وأنا أمشي». أسماء حامد، من مدينة رام الله، فتاة في مقتبل العمر، لم تهنأ بخطوبتها قبل عامين، على فارس أحلامها، الأسير محمـد أبو خلف، حتى طالته يد الاعتقال، وهي حكاية تكررت في كل المدن والقرى الفلسطينية، ففي فلسطين فقط، تتشابه القصص في أحداثها، وتتوحد في نهاياتها، لأن الأدوار تتكرر، والأبطال يُستنسخون. تقول أسماء التي بدت فَرِحة مستبشرة بانتصار الأسرى، إنه في زيارتها الوحيدة، لخطيبها، قبل أكثر من عام، تفاجأت بمحمد يقدم لها خاتم الخطوبة، بعد أن بات من الواضح بأنه سيقضي وقتاً طويلاً في السجن، لكنها رفضت ذلك، وربما ستحتاج لأكثر من عشر سنوات، قبل أن ينتقل الخاتم إلى يدها اليسرى!!. أوضحت لـ «البيان»، «أعرف أن كل فتاة تحلم بالارتباط من شاب حرّ طليق، لبناء أسرة، وحياة مغلّفة بالسعادة، لكني سأنتظر محمـد، مهما طالت فترة اعتقاله، ولعل استمرار ارتباطه بي، سيسمح له أن يحلم يومياً، بعالم خارج بوابات سجنه، هذا هو قدرنا، واليوم بانتصار محمـد ورفاقه، أشعر وكأني أحضّر لحفل زفافي إليه، رغم القيود والأسلاك والقضبان التي تفصلنا». صورة أخرى، رسمتها «سمر» زوجة الأسير مراد البرغوثي، في بلدة كوبر القريبة من رام الله، والتي عُرفت منذ سنوات الثورة والانتفاضة الأولى، بأنها بلدة «الأحكام المؤبدة» فهي مسقط رأس قائد الإضراب، الأسير مروان البرغوثي، وعميد الأسرى المعاد اعتقاله، نائل البرغوثي، وزميله في «عمادة الأسرى» فخري البرغوثي. سبعة أشهر فقط، أمضتها سمر في عش الزوجية، قبل أن يعتقل مراد، المحكوم بالسجن المؤبد، لتعيش هي وأخريات، ممن عاندهنّ الحظ، رحلة شاقة، قد تصل إلى انتظار مؤبد!! تقول سمر، ودموع الفرح تترقرق في عينيها: «منذ 40 يوماً، ونحن ننتظر هذا اليوم، الذي تنتصر فيه إرادة الأسرى، رمضان شهر الخير والانتصارات، وبحلوله هلّت علينا بشائر الخير، وإن شاء الله الفرج قريب لكل أسرانا.. حتى طفلي الصغير، الذي لم ير والده إلا من خلال «شيك الزيارة» كان يرفض الطعام، واليوم سيفرح بفطوره». الموقف الرسمي، أيضاً كانت فرحته منقوصة، إذ إن المطالب التي أضرب الأسرى لأجلها، كلها مطالب إنسانية، ومقارنة بصمودهم، فهي كانت كفيلة بإطلاق سراحهم، وليس الاكتفاء بتحسين ظروف أسرهم!!. وفي هذا الإطار، اعتبرت خالدة جرّار، رئيسة كتلة الأسرى البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني، في حديثها لـ «البيان» أن الأسرى انتصروا في معركتهم البطولية، لكنها تساءلت: «إذا كان السماح بزيارة إضافية للأسرى، وإجراء مكالمات هاتفية مع عائلاتهم، احتاج لإضراب 41 يوماً، فكم سيحتاج إضراب تحريرهم»؟؟
مشاركة :