قال رياض الشعيبي، رئيس حزب البناء الوطني التونسي المعارض: إن حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد عاجزة عن إنجاز أي مهمة ناجحة، وأنها أصبحت في حاجة إلى إعادة هيكلة عاجلة، سواء على مستوى الأحزاب السياسية المشكلة لها، أو على مستوى من يتحملون المسؤولية داخلها.ونفى الشعيبي أن يكون الهدف من الانتقادات الطعن في الشرعية الانتخابية لهذه الحكومة أو في شرعية الأغلبية البرلمانية المنبثقة عن الانتخابات الحرة، وقال: إنه ضد الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة؛ لأنها لن تغير الكثير على مستوى الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.وبخصوص الأزمة السياسية في البلاد، دعا الشعيبي إلى إجراء حوار سياسي واجتماعي مفتوح على كل الأحزاب السياسية والمنظمات بهدف الخروج من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد، وقال: إن حزب البناء الوطني يرفض الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية المبكرة لأن موازين القوى لم تتغير؛ ولذلك فإن هذه الانتخابات لن تستطيع فرض حقائق سياسية جديدة، على حد قوله.ورغم انتمائه السابق إلى حركة النهضة، حيث كان رئيس المؤتمر التاسع للحركة عام 2012، قبل أن يغادرها احتجاجا على تسليمها السلطة وخروجها من الحكم تحت ضغط الشارع، إلا أن ذلك لم يمنعه من انتقادها واعتبارها جزءا من منظومة الحكم الحالي، وحملها المسؤولية نفسها التي يتحملها حزب النداء، الحزب الفائز في انتخابات 2014. وقال: إنها تتحمل مع بقية الأحزاب السياسية المشكلة للائتلاف الحاكم مسؤولية حماية منظومة الفساد، وفشل الحكومة في حل الملفات الاجتماعية والاقتصادية، وحلحلة الأزمة العامة التي تعرفها البلاد.وبشأن مستقبل الإسلام السياسي في تونس، ومدى تخوف حركة النهضة من دعوات الإقصاء السياسي، وبخاصة بعد خروج إخوان مصر من السلطة وتصنيفهم جماعة إرهابية، قال الشعيبي: إنه لا مستقبل للإسلام السياسي في تونس، معتبرا أن ما تعيشه حركة النهضة في هذه المرحلة من أزمة سياسية وأخلاقية، حسب تعبيره، يضعها أمام طريقين لا ثالث لهما: إما القطع النهائي مع آيديولوجيا الإسلام السياسي لمواصلة التواجد في المشهد السياسي، أو الاندثار إذا ما واصلت طريقها على المشوار نفسه.وأوضح الشعيبي أن ما عبرت عنه حركة النهضة إلى حد الآن من مواقف لا يدفع إلى التفاؤل بإمكانية قطعها مع الإسلام السياسي، وأكد أن هذا الواقع يمس كل الأحزاب الآيديولوجية، بما فيها أحزاب يسارية.وبخصوص موقف الحزب من الاحتجاجات الاجتماعية وقرار رئيس الدولة تكليف المؤسسة العسكرية بحماية المنشأة النفطية والثروات الطبيعية في مواجهة المحتجين، قال الشعيبي: إن الوضع السياسي والأمني هش؛ لأن البلاد لم تستوف بعد مراحل الانتقال الديمقراطي، ولم تتشكل بعد المحكمة الدستورية وهيئة مكافحة الفساد، علاوة على استمرار تهميش الشباب العاطل عن العمل، وغياب التنمية، وتواصل التهديدات الإرهابية؛ وهو ما يتطلب وعيا جماعيا بخطورة هذه المرحلة، وبضرورة الذهاب إلى المناطق الفقيرة وفهم حاجياتها. واعتبر الشعيبي أن قرار رئيس الدولة لن يغير الكثير لأن الاحتجاجات ستتواصل، وقد تؤدي رصاصة طائشة على أحد المحتجين إلى إطلاق شرارة انتفاضة اجتماعية جديدة، على اعتبار أن تعامل المؤسسة العسكرية يختلف كثيرا عن تعامل المؤسسة الأمنية مع المحتجين، وهو ما ينبئ بمخاطر جمة.وبخصوص قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع رموز النظام السابق، قال الشعيبي إن حزبه «البناء الوطني» شارك في الاحتجاجات الرافضة لمشروع هذا القانون، معتبرا أنه يمثل وعدا انتخابيا قدمه الرئيس الباجي السبسي لداعميه من رجال الأعمال المتورطين في ملفات الفساد، ومن أطر الإدارة العميقة التي استفادت من الوضع السياسي في عهد بن علي، ولأن الباجي ما زال يحتاج إلى دعمهم في الانتخابات البلدية المقررة نهاية السنة الحالية، فإنه يجد نفسه - أمام ضغط الوقت - مضطرا إلى تمرير هذا القانون على حد قوله، رغم فشله خلال مرات سابقة حين عرضه على البرلمان.وسخر الشعيبي من القائلين بوجود نسخة معدلة من قانون المصالحة، وقال: إن المفارقة الكبرى أن الإدارة الفاسدة هي التي ستشرف على هذا الملف، حسب رأيه.وبشأن المؤتمر التأسيسي لحزب البناء الوطني الذي انعقد قبل أيام، قال الشعيبي إنه نظم تحت شعار «العدل أساس العمران»، وهي عبارة عالم الاجتماع التونسي عبد الرحمن بن خلدون، مؤكدا أن الحزب لا تشقه خلافات سياسية مقارنة بأحزاب سياسية تونسية أخرى، وأنه ما زال في مرحلة البناء (تأسس سنة 2014)، وحاجة ماسة إلى التعريف بأدبياته واستقطاب المزيد من المؤيدين لأفكاره وأطروحاته.
مشاركة :