5 أشياء تفوّق فيها العقل الغربي على العقل العربي

  • 5/28/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال السؤال مطروحاً في وسائل الإعلام والروايات والكتب الفكرية العربية: لماذا تقدم الغرب وتأخر العرب؟ ولم تزل المقارنات تُكتب بين العقل العربي والغربي، لمواكبة التقدم الذي صنعه العقل الغربي. خمسة فروق بين العقل العربي والغربي سجلتها كتابات مفكرين عرب، بينهم أستاذ الفلسفة فؤاد زكريا، وعالم الاجتماع العراقي علي الوردي، والمفكر السوري هاشم صالح، والمفكر المصري طارق حجي، والسوري الراحل جورج طرابيشي، وشريف الشوباشي.1- عدم القطيعة المعرفية مع الماضي من ضمن أزمات العقل العربي، والتي تخلص منها الغربي منذ مئات السنوات، عدم القطيعة المعرفية مع الماضي، حسبما يقول المفكر السوري هاشم صالح، في إطار تحليله لثورات الربيع العربي، في كتابه "الانتفاضات العربية على ضوء فلسفة التاريخ". يقول صالح إن العقل العربي لا يزال يعيش المرحلة التاريخية التي كانت تعيشها أوروبا على مفترق الحدّ الفاصل بين العصور الوسطى والعصور الحديثة، وهذا هو السبب في الانقسامات الطائفية والمذهبية التي يعاني منها العرب حالياً، والتي تندلع على شكل حروب أهلية. ويسرد المفكر السوري أمثلة لعدم القطيعة مع الماضي، منها عدم الاعتراف بمنطق المساواة والإخاء بين المواطنين في المجتمع الواحد، وعدم قراءة التاريخ الإسلامي، وتخليصه من الشوائب، وتنقية التراث، والعداء للثقافة والسينما بدعوى أنها لن تضيف لكتاب الله، وفرض التفسير السلفي كأنه الصحيح الوحيد، بل فرضه كأنه الإسلام، وهو ما أسماه "الجهل المقدس". يسمي "صالح" عدم القطيعة بـ"الانسداد"، إذ إن العقل العربي ليست لديه القدرة على حسم المسألة التراثية، أي بلورة تأويل جديد ومستنير لكل التراث العربي الإسلامي يكون مضاداً للتأويل الأصولي. وبرأيه، لن تنحل مسألة الانقسامات العرقية والطائفية إلا بناءً على تأويل تنويري للتراث. في المقابل، يرى أن العقل الغربي، خرج من اللاهوت القديم المنغلق، وتمرّد على تدخل الكنيسة في كل أمور الحياة بعد أن كانت تنصب محاكم التفتيش، وتلاحق المفكرين وتعدمهم، فصار أكثر عقلانية وحرية، وصار الحكام في الغرب يخشون من الرأي العام الذي يقف بالمرصاد لكل محاولات التعدي على الحقوق والحريات. ويشير إلى أن الفضل في تمرّد العقل الغربي يرجع إلى جرأة المثقفين والفلاسفة الذين كسروا التابوهات، ولم يستسلموا للكنيسة، مثل فولتير، وهيغل، ونيتشه، وشوبنهاور، وجون لوك. يؤيده في الرأي، المفكر المصري، طارق حجي، الذي يقول في كتابه "نقد العقل العربي"، إن العقل العربي يقيم في الماضي، فالعرب أكثر الشعوب فخراً بماضيها، لكن لا ينتبهون إلى أن الماضي كما يضم صفحات بيضاء، يضم أخرى سوداء، مفسراً العودة إلى الماضي إلى فقر مكونات الواقع الذي يدفع العرب باستمرار للتغني والتفاخر بالماضي. لكن العقل الغربي، وفق حجي، حرّر نفسه منذ أكثر من أربعة قرون من ربقة عبودية العقل الإنساني للسلف والتقليد والاتباع والطاعة.2- الطاعة وغياب التمرّد يعتبر أستاذ الفلسفة المصري الراحل فؤاد زكريا أن الطاعة من بين أكبر أمراض العقل العربي، إذ يعتبرها العرب إحدى الفضائل، لأنها الضامن الأكبر للتماسك والاستقرار في المجتمع، وهي الدعامة الأساسية لاستتباب الهدوء والسلام بين الأفراد. في كتابه "خطاب إلى العقل العربي"، يقول زكريا إن تنشئة الإنسان العربي ترتكز في مراحلها المختلفة على تثبيت هذه القيمة، حتى أصبحت العلاقات بين الأفراد في الأسرة أو العمل أو السياسة قائمة على الطاعة، موضحاً أن الأنظمة الدكتاتورية العربية لا تريد من الإنسان إلا أن يكون مطيعاً لأوامر الحاكم، وعلى المواطنين أن يوكلوا أمورهم إلى السلطة، لتفكّر نيابة عنهم. بجانب الطاعة، هناك غياب للتمرّد، إذ يعاني العقل العربي من ذلك، ويسير في اتجاه الطاعة فقط، وتلك القيمة لا تخلق العظماء، فقط التمرّد هو الذي يصنع المجد، فأعظم إنجازات الإنسان لم تُخلق إلا على أيدي أولئك الذين رفضوا أن يكونوا مطيعين، والإنسان نفسه اكتسب مكانته في الكون بسبب رفضه طاعة الطبيعة، والاستسلام لقواعدها، وفق زكريا. في المقابل، ومنذ مئات السنوات، يسير العقل الغربي في اتجاه معاكس، إذ رفض الطاعة، وأعلن تمرده على الكنيسة التي كانت تتدخل في الفلسفة والسياسة والعلم، وثار على الحكام الدكتاتوريين، لخلق تاريخ جديد، وهو ما سُمي "عصر النهضة". ويقول زكريا إن الحكام في الغرب باتوا يخشون عقول مواطنيهم، لا يستطيعون إجبارهم على شيء، لأنهم يثورون دوماً على الأوضاع الخاطئة، يعرفون حقوقهم، ولا يميلون إلى الطاعة التي يعاني منها المواطنون العرب، موضحاً أن العقل الغربي كسّر منذ مئات السنوات تابوهات الدين والسياسة والجنس. الأمر نفسه تناوله المفكر جورج طراييشي، في كتابه "إشكاليات العقل العربي"، بقوله إن العقل لا يكون عقلاً إلا إذا كان نقدياً، وهذا النقد لا يتواجد دوماً في العقل العربي، بعكس العقل الغربي الذي يملك حساً نقدياً مكّنه من تجاوز أوهام كثيرة، وبات متقدماً في مختلف المجالات، فيما بقى العرب في مربع التخلف.أقوال جاهزة شاركغردخمسة فروق أساسية بين العقل العربي والغربي... تعرفوا إليها شاركغردإن العقل العربي يقيم في الماضي، فالعرب أكثر الشعوب فخراً بماضيها... أمر إيجابي أم سلبي؟3- غياب التسامح تقلص السماحة تجاه الآخرين أحد أبرز عيوب العقل العربي، حسبما يرى المفكر المصري طارق حجي، في كتابه "نقد العقل العربي". يقول إن العرب يرفضون التباين والاختلاف في الدين والعرق والمعتقدات والعادات، رغم أن الاختلافات من الأمور الطبيعية والملازمة لحياة البشر على الأرض. ويلفت حجي إلى أنه منذ قرابة 60 عاماً، كان العرب يعيشون في ظل مناخ ثقافي يسمح لمبدأ التسامح بأن يحكم الحياة العامة، إلا أن السنوات اللاحقة شهدت أشكالاً من الفشل جعلت هذا المناخ العام يتقلص، وجرى ترويج لأفكار مناهضة للتسامح، وظهر التكفير، وقتل وحبس المخالفين في الرأي والعقيدة. في المقابل، يرى أن العقل الغربي تخلص من التعصب العرقي. وبرأيه، يجب الاعتراف بأن الازدهار الثقافي في العالم الغربي أكسب أبناء تلك المجتمعات درجة أفضل من التسامح، ويكفي أن نلاحظ التحوّل الكبير في الموقف الأوروبي من القضية الفلسطينية، فإسرائيل اليوم، لم تعد تجد مساندة وتأييداً كاملين من العقل الغربي، لأن الثقافة والوعي جعلا معظم الأوروبيين يدركون حقوق الفلسطينيين.4- ثقافة الأوهام ورفض العلم في كتابه "لماذا تخلفنا؟ ولماذ تقدم الآخرون؟"، يوضح الكاتب المصري شريف الشوباشي أن العقل العربي لا يزال يعيش على الأساطير، والتفسيرات الخرافية، في وقت انسلخت الحضارات الأخرى عن عالم الميثولوجيا والخرافات ودخلت إلى دنيا العقل والواقع. ويسرد الشوباشي بعض الأمثلة على خضوع العقل العربي لسلطان الأوهام والخيالات، ويضرب مثل قضية الأنساب التي تحرص عليها العائلات العربية: "بناء شجرة للأنساب ترجع للعصور الوسطى، وهذا أمر يرفضه العقل والمنطق، لأنه لم تكن توجد في الماضي أية وسيلة لمعرفة التسلسل الإنجابي لأي إنسان، ولم يكن هناك سجل مدني ولا شهادات ميلاد، بل لم تكن في الجزيرة العربية وثائق مكتوبة". في المقابل، تخلص العقل الغربي من تلك الأوهام والأساطير والتفسيرات الخرافية، وبات العلم الركيزة الأساسية في الحياة، واهتم أيضاً بجميع العلوم النفسية والاجتماعية، وبالتكنولجيا. ويقول الشوباشي إن العقل الغربي يواجه الواقع ويعمل على حل المشكلات التي تواجهه بالعلم، دون انتظار أي تفسيرات خرافية، فيما يفضّل العقل العربي الهروب من المواجهة، والجنوح إلى الوهم والمراوغة، عوضاً عن المباشرة. الطاعة من بين أكبر أمراض العقل العربي، إذ يعتبرها العرب إحدى الفضائل شاركغرد أستاذ الفلسفة فؤاد زكريا تطرق إلى تلك القضية، حينما تحدث عن عدم إيمان غالبية العرب بالعلم، كونه مناقضاً للدين برأيهم. يقول: إن العلم واجه قبل عصر النهضة مقاومة شديدة العنف من الكنيسة، وكان الدين يُصارع الحقيقة العلمية بكل ما أوتي من قوة، لكن في النهاية تضاءلت مقاومة الكنيسة، واضطرت إلى الاعتراف بالحقيقة العلمية، حتى أصبحت الهيئات الدينية الرسمية في أوروبا على استعداد أن تقبل أشد الإنجازات العلمية خروجاً عن المألوف، وتتعاون في نشر نتائجها على أوسع نطاق بين البشر. أما في العالم العربي الإسلامي، يتابع، "لا زالت المناقشات دائرة حول تعارض الدين والعلم من عدمه، وهذا الصراع يغذيه رجال الدين، والجماعات الإسلامية التي تؤكد أن التدخل الإلهي موجود في كل شيء، ولا قيمة للعلم وحده، الأمر الذي ساعد على ظهور الخرافات والشعوذة في حل مشكلات المواطنين، وما أكثرها عندما نقرأ الصحف".5- نظرية المؤامرة يعتقد العرب أن المشكلات والفتن في منطقة الشرق الأوسط كلها نتاج مؤامرة دبّرتها الدول الغربية، لمنع تقدم العالم العربي. تلك النظرة فنّدها عالم الاجتماع العراقي علي الوردي في كتابه "مهزلة العقل البشري"، حينما رفض الفكرة السائدة عن وجود مؤامرة كونية عليه، موضحاً أن هذا تفسير لا يقبله العقل. ويشير الوردي إلى أن مشكلات العالم العربي لها أسباب بعيدة تماماً عن نظرية المؤامرة، تتمثل في الدين، وغياب الديمقراطية، واستخدام الدعاة الإسلاميين للدين لخدمة السياسة، وعدم التسامح مع الأقليات، وعدم الاعتماد على البحث العلمي، وهو الأمر الذي نجح فيه الغرب، إذ حقق الديمقراطية، وباتت البلاد الأوروبية مفتوحة للجميع للتعايش معها، وأصبحت متقدمة جراء اعتمادها على العلم. لفؤاد زكريا نفس وجهة نظر الوردي، إذ يرفض مصطلح نظرية المؤامرة. وكتب تحت عنوان "الغرب: ذلك المتآمر الآزلي" يقول: "فكرة المؤامرة الغـربية الأبدية على العرب والإسلام، هي فكرة أقنعنا بها أنفسنا واسترحنا إليها، لأنها تؤدي في حياتنا مجموعة من الوظائف المفيدة: فهي تعفينا من مواجهة عيوبنا وبذل الجهد اللازم من أجل إصلاحها ما دمنا على الدوام ضحايا لتلك المؤامرة التي هي الشغل الشاغل، والهم الأزلي، لـذلك العالم الواسع الـذي نطلق عليه اسم الغرب".   وفي كتابه "آراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة"، يبدي إعجابه بقدرة العقل الغربي على عدم الاستسلام للمبررات، وسعيه لحل المشكلات التي تواجهه، وتملكه حسياً نقدياً دفعه إلى الاعتماد على العلم، وعدم صناعة أصنام. التعليقات

مشاركة :