بيروت: سوسن الأبطح سترجع، هذا الصيف، مهرجانات بعلبك إلى القلعة الرومانية التاريخية.. إلى أدراجها وأعمدتها ومعابدها بعد سنة من الغياب القسري انتقلت خلالها إلى بيروت، تحت وطأة التهديد الأمني. المدينة باتت آمنة، لم تعد في مرمى الصواريخ التي كانت تطالها من الداخل السوري، كما أن الخطة التي نفذها الجيش أحكمت قبضة الأمن على المدينة، إلى حد كبير. هذا ما أرادت أن تؤكده لجنة «مهرجانات بعلبك الدولية» يوم أمس، بإقامتها مؤتمرا صحافيا للإعلان عن برنامجها، ليس في صالات أحد فنادق بيروت كما جرت العادة، وإنما في مدينة بعلبك وفي قلب قلعتها، وفي ظلال أشهر معابدها. بالحافلات انتقل الصحافيون إلى مدينة الشمس، وعقد المؤتمر بمشاركة كل من وزير السياحة ميشال فرعون ووزير الثقافة ريمون عريجي، والوزيرة السابقة ليلى الصلح ليرى الصحافيون بأم العين أن إقامة المهرجان في بعلبك باتت ممكنة. وتحت حراسة أمنية مشددة أحاطت بالقلعة، أعلن عن برنامج مختصر، لكنه منوع، يضم الغناء العربي والأوبرالي والمسرحي والاستعراضي. وبمقدورنا القول إن عاصي الحلاني، ابن بعلبك، سيحقق، إذا ما استمرت الظروف الأمنية على ما هي عليه، أخيرا حلمه الكبير ويفتتح هذه المهرجانات يوم 30 من يوليو (تموز) بحفل غنائي راقص، يحمل عنوان «عاصي.. الحلم»، وقد صمم الكوريغرافيا فرنسوا رحمة، فيما قام بالإخراج جو مكرزل. ومن وحي الفصول الأربعة وأجوائها سيغني الحلاني، أشهر أغنياته مع أغنية جديدة خاصة يهديها لمدينته بعلبك. ويقام هذا الحفل على ثلاث ليال متواليات آخرها في الأول من أغسطس (آب) المقبل. ولمحبي الأوبرا، وعلى معبد باخوس، ستصدح في الثالث من أغسطس نجمة الأوبرا الرومانية، السوبرانو أنجيلا جورجيو، في مقطوعات لبوتشيني وفيردي وأدريانا لوكوفرور. من ضيوف قلعة بعلبك هذا الصيف أيضا المغني والمؤلف الموسيقي وعازف العود التونسي المثير للجدل ضافر يوسف. وهي ليست الحفلة الأولى له في لبنان، لكنه هذه المرة سيكون في أحضان بعلبك، ليقدم «ترنيمة الطيور» بصحبة عازف الكلارنيت التركي حسنو سنلنديريتشي الذي سيعزف للمرة الأولى في لبنان. موسيقى هي خليط بين الشرقي والغربي، والصوفي والإلكتروني، تناسب ذائقة أولئك المحبين للتعرف على التجارب الجديدة. ويتضمن برنامج هذه السنة استعراضا بهلوانيا تقدمة، فرقة «أصابع اليد السبعة» الكندية المعروفة. وبعد عروض أمام مئات ملايين المتفرجين أثناء ثلاث حفلات افتتاحية للألعاب الأولمبية في كل من تورينو وفانكوفر وسوتشي، تصل الفرقة إلى لبنان بعرضها «التسلسل الأخير»، الذي وضع عام 2012 ويجمع التمثيل إلى الغناء والبهلوانية والرقص. وكان هذا العمل قد أطلق في «ليالي فورفيير»، الذي تقام في مدينة ليون الفرنسية، وسيراه المتفرج اللبناني في السادس عشر من أغسطس المقبل. ختامها مسك مع نجمي السينما الفرنسية الشهيرين جيرار دوبارديو وفاني أردان، بصحبة نجمة ثالثة لكنها راحلة، وهي الأديبة الكبيرة مارغريت دوراس، وذلك ضمن الاحتفالات بالذكرى المئوية الأولى لولادتها. وسيستمتع المتفرجون في بعلبك برؤية نصها المسرحي «لا موزيكا دوزيم» أو (الموسيقى الثانية) يمثل على أدراج معبد باخوس. القصة تروي حكاية الزوجين العاديين، اللذين تزوجا ليواجها العالم معا، وتحولت حياتهما إلى سلسلة من الصراعات والمحن. مسرحية قرأها الملايين، من المفترض أن تكون إحدى المحطات الفنية الهامة في لبنان هذا الصيف. وشرحت لجنة المهرجانات أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقد ظهر أمس، أنها اتخذت قرار العودة إلى القلعة بفضل تطمينات الجيش اللبناني ومؤازرته ومساندته. وحثت رئيسة اللجنة نايلة دوفريج المواطنين على شراء بطاقاتهم من الآن، دون أن يساورهم أي قلق، فأي إلغاء أو تغيير، لن تكون له أي عواقب، إذ ستعاد أسعار البطاقات كما حصل العام الماضي. وجدير بالذكر أن الظروف الأمنية الصعبة التي عانت منها منطقة البقاع عموما العام الماضي، بسبب الأزمة السورية، أجبرت لجنة مهرجانات بعلبك على نقل أنشطتها إلى شمال بيروت، حيث أقيمت الحفلات في خان قديم للحرير، أضفيت عليه لمسات جمالية بديعة، وترتب على ذلك إلغاء حفلات وتأجيل مواعيد أخرى. لكن اللجنة أصرت على عدم التوقف أو الاستسلام. هذه السنة وتشجيعا للمتفرجين للذهاب إلى بعلبك ستسير أيام الحفلات باصات تنقل رواد المهرجان من بيروت بأسعار صغيرة وهي عشرة دولارات للشخص الواحد. وإن كانت بعض المهرجانات قد قررت أن تتعامل مع الصيف برمضانه وما بعده من دون تمييز، فإن مهرجانات بعلبك آلت البدء مع شهر أغسطس.
مشاركة :