إبراهيم الملا(دبي) تفرض الأزمنة الراهنة بسطوتها البصرية، أنماطاً معاصرة لقراءة التحولات المتسارعة من حولنا، وكانت السينما قد بشّرت مبكراً بهذه النوعية المتجاوزة من قراءة المنتج الفني المطبوع والمتحرك على الشاشة البيضاء، والمشرعة مثل صفحة عملاقة على الخيالات المجسّدة والتصورات المجسّمة، حيث تنبض تلك الشاشة بمضامين السيناريوهات والروايات والقصص، في فضاء جديد من العزلة المشتركة داخل صالة العرض، بدلاً عن العزلة الفردية لقارئ الكتب في محبسه الأثير! والسؤال الحاضر هنا هو: ما الذي يجعلنا ممسوسين بفيلم ما، ومأخوذين بطغيانه الأليف وبسحره الخفي، وما الذي يجعلنا نقطع وبقسوة كل خيوط التواصل مع فيلم آخر، حتى ونحن في تلك القاعة الفسيحة والشبيهة بمجمع الحواسّ المكثّفة؟ هناك أفلام تشاهدها وتقرأ تفاصيلها بعمق، ثم تصحب تلك التفاصيل معك خارج صالة العرض، فيكون لوقعها الداخلي أثر وعلامة وحياة، ذلك أنها أفلام تملك طاقتها المشعّة والمخترقة بحيث تستحوذ عليك، وتتحول إلى شريط ذاكرة واسترجاع وتواصل وامتداد، وهناك أفلام أخرى تنغلق عليها الذاكرة، كما ينغلق صندوق النسيان على أثر عابر، وعلى مشهد طارئ ومنطفئ. فما الذي يحدد بوصلة هذه الانطباعات والأحكام إذن؟ وما الذي يفصل بينها؟ ما هو المناخ الذي يؤطّر خرائط الذائقة والمزاج الشخصي والهوى النقدي؟ وكيف يمكن الحكم على جودة الفيلم وقراءة خطوطه البصرية وملامحه الدرامية، بمعزل عن المرجعيات الثقافية والحياتية وحتى الترويجية التي غالباً ما تشكل وسيطاً عاطفياً يرفع من أسهم وحظوظ الفيلم، حتى قبل الانكشاف على مساره الزمني ومضمونه الحكائي وأسلوبه الإخراجي؟ ... المزيد
مشاركة :