مهند عبدالله دحلان تعتبر المرأة السعودية في الزمانات العامل الرئيسي في تعليم وتربية الاجيال حيث كرست اكثر وقتها، بعيدا عن التعليم والعمل، نحو الوفاء بواجباتها العائلية والمنزلية وقامت بنقل تقاليدنا وعاداتنا الاسلامية وفكرها وعلمها وخبرتها المكتسبة اجتماعيا لأبنائها وبناتها في حين ينشغل رب المنزل بين التعليم والعمل والاعمال وكسب قوتهم اليومي الأمر الذي وضع ثقلا أكبر على المرأة في السابق وتطلب مجهودا كبيرا، قد لا يتحمله الرجل، للوفاء بواجباتها ومسؤولياتها العائلية والتي قامت بها على أكمل وجه ونتج عنه تخريج أجيال قامت ببناء الوطن من جذوره وفي جميع قطاعاته حيث ساهمت المرأة كعنصر أساسي وغير مباشر في تنمية الوطن واستقراره. أما في عصرنا هذا، العصر الذهبي للمرأة في السعودية، تشكل المرأة نصف أعداد الطلبة بالتعليم الحكومي والأهلي 49.8 في المائة وتتزايد نسبتها عاما بعد عام كما تشكل النسبة الاكبر من أعداد الطلبة المقيدين بالجامعات السعودية (55 في المائة) والنسبة الاكبر من أعداد خريجي الجامعات السعودية (61 في المائة) والنسبة الاعلى للمتعلمين بين اعداد الإناث داخل القوى العاملة السعودية (99.7 في المائة) مقارنة بنسبة المتعلمين بين أعداد الذكور (97.3 في المائة) كما تشكل المرأة النسبة الاكبر من المسجلين ببرنامج حافر «صعوبة الحصول على العمل» (90 في المائة) والنسبة الاكبر من المتعطلين عن العمل (54.2 في المائة) وتشكل الفئة العمرية بين 25 إلى 29 سنة نسبة (43 في المائة) من بين المتعطلات عن العمل كما تشكل نسبة الحاصلات على البكالوريوس أو الليسانس (71 في المائة) من إجمالي المتعطلات عن العمل. تشير النسب أعلاه إلى تغيير المفهوم السابق لمشاركة المرأة واستبداله بمفهوم المشاركة الفعالة عبر التعليم والعمل والمشاركة في التنمية حيث إن أعداد الإناث بالتعليم تعكس مجتمعا متفتحا مؤمنا بحق المرأة في التعليم وبتمكينها وتحفيزها ودعمها معنويا إلى أن تساوت المرأة بالرجل في التعليم النظامي الأمر الذي يرتقي بالمستوى الثقافي والعلمي لجميع أفراد الوطن في باديته وحاضرته. كما أن أعداد الإناث الملتحقات بجامعات التعليم العالي تضاعف كثيرا عما كانت عليه قبل عشر سنوات وسوف تتزايد في المستقبل لما أدركه المجتمع من اهمية التعليم الجامعي والعالي للإناث في تنمية الأسرة وبناء العقل وتقويم القرار وإيجاد فرص وظيفية ممتازة تمكن أصحابها من المساهمة في تنمية الوطن. ومن منطلق الدولة، ان حكومة المملكة العربية السعودية متمثلة في والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عززت دور المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في التعليم والصحة ومشاركة المجتمع كما تخطط لزيادة مشاركتها عبر تنميتها أولا حيث نفذت الكثير من الخطط وقدمت حوافز كبيرة لتعليم الإناث عبر تضاعف الجامعات والكليات المخصصة للإناث في جميع أنحاء المملكة وعبر برنامج الابتعاث الخارجي والداخلي والذي أصبح مثالا يقتدى به عالميا. كما أن إحصاءات البطالة بين الإناث وإحصاءات المتعطلات عن العمل، بغض النظر عن أسبابها ومسبباتها، فهي تعبر عن رغبة في العمل واندفاع غير مسبوق للمرأة حيث إنها أكدت للجميع بأنها أجتازت وقادت المراحل التعليمية أجمعها وأنها أقدمت وأعلنت رغبتها في العمل وانتظرت وسوف تنتظر الوظيفة. إن المرأة السعودية تشكل منبع قدرات قد يفوق تلك التي لدى الرجل لما تواجهه من صعاب كثيرة ما قبل وبعد حصولها على الوظيفة والذي يجعلها أكثر اندفاعا والتزاما بالعمل وقوانينه وبتحقيق متطلباته وأهدافه. ومن جهه أخرى، فإن استقطاب العاطلات عن العمل اليوم والأفواج القادمة من التعليم في المستقبل يتطلب استحداث وتفعيل أنظمة صارمة وبغير استثناء وتوافر وسائل عديدة تسهل من عمل المرأة إضافة إلى تلك المعمول بها حاليا بالقطاعين الحكومي والخاص. إن المرأة العاملة في حاجة لوسيلة نقل آمنة ومنتظمة حيث إن النظام لا يسمح لها بالقيادة كما انها في حاجة لجهة عمل توفر لها رعاية آمنة وصحية لأبنائها الصغار ومن تعول شرعا من أهلها خلال ساعات عملها وإن لم يتوفر فيضاف بدل (رعاية) تحصل عليه من ضمن البدلات لتمكينها من الاستعانة بخدمات من جهات أخرى. وفي ظل الوعي الذي تتمتع به المرأة في عصرها الذهبي فإنها تتطلع بمساواتها بالرجل في الوظيفة ونحو التدرج الوظيفي وتقلدها المناصب في القطاعين الحكومي والخاص كما تتطلع لمساواتها بالرجل في الراتب والميزات والتدريب المحلي والدولي في إطار نظام العمل والعمال كما أن المرونة في توزيع ساعات العمل عامل أساسي لاستمرارية عمل المرأة حيث إن ظروفها ومسؤولياتها ومهامها تجاه الأسرة والأجيال تبقى من الاولويات ويتوجب مراعاتها.
مشاركة :