مصطفى دالع/ الأناضول تشهد أقاليم ليبيا الثلاثة (طرابلس، برقة، فزان) تطورات الميدانية ملفتة قد يكون لديها تداعياتها السياسية والعسكرية على مستقبل البلاد، أبرزها سيطرة قوات خليفة حفتر على قاعدة تمنهت الجوية، أكبر قاعدة في الجنوب الغربي، وطرد قوات حكومة الوفاق لقوات الإنقاذ من العاصمة طرابلس، أما شرقا فدخلت مصر معركة ليبيا بشكل صريح بعد قصفها "درنة"، المدينة الوحيدة في إقليم برقة، التي لا تخضع لسيطرة قوات خليفة حفتر. وهدت العاصمة طرابلس، الجمعة الماضية، مواجهات عسكرية بين قوات عملية فخر ليبيا بقيادة صلاح بادي الموالي لحكومة الإنقاذ بقيادة خليفة الغويل، وبين قوات موالية للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق بقيادة فائز السراج، من أجل حسم صراع السيطرة على العاصمة. ** حكومة الوفاق تحسم معركة طرابلس ورغم أن قوات حكومة الإنقاذ بادرت بالهجوم على القصور الرئاسية وعلى عدة أحياء وسط طرابلس، مستغلة حالة الغضب من مواقف حكومة الوفاق خاصة بعد وصف وزير خارجيتها محمد الطاهر سيالة، خليفة حفتر، بأنه "قائد الجيش الليبي"، وإدانة المجلس الرئاسي لهجوم القوة الثالثة (التابعة لكتائب مصراته) لهجومها على قاعدة براك الشاطئ الجوية، إلا أن قوات حكومة الوفاق تمكنت من صد الهجوم، وانتقلت إلى مرحلة المبادرة الهجوم مما أدى بقوات الإنقاذ إلى التراجع والانسحاب من أهم معاقلها في جنوبي العاصمة وخاصة مطار طرابلس الدولي. كما سيطرت قوات حكومة الوفاق على سجن الهضبة، وسط طرابلس، والذي يضم رموز القذافي على غرار الساعدي القذافي نجل العقيد معمر القذافي، والبغدادي المحمودي، رئيس الوزراء الأسبق، وعبد الله السنوسي، رئيس المخابرات الأسبق، وذلك بعد اشتباكات مع القوة التي تحرس السجن، الذي يديره خالد الشريف، أحد رموز "الجماعة الليبية المقاتلة" سابقا، والتي لم يعلن زعيمها عبد الحكيم بلحاج (رئيس حزب الوطن) ولاءه إلى أي حكومة من الحكومات المتنازعة في طرابلس، رغم أنه محسوب على حكومة الإنقاذ. ولأول مرة منذ دخوله إلى طرابلس، في 30 مارس/ آذار 2016، تمكن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من السيطرة الفعلية على طرابلس، بعد أن كانت حكومة الإنقاذ تقاسمه السيطرة عليها وتستولي من حين إلى آخر على بعض المقرات السيادية. ** قصف مصري لشرقي ووسط ليبيا وفي الوقت الذي كانت طرابلس تخوض معاركها الداخلية، تعرضت مدينة درنة (1340 كلم شرق طرابلس)، إلى قصف جوي مصري لما وصفه بـ"معسكرات الإرهابيين خارج مصر"، عقب هجوم المنيا الذي قتل فيه 29 شخصا وتبناه تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي سبق وأن طرده "مجلس شورى مجاهدي درنة" (تحالف كتائب إسلامية) من المدينة في 2015. ورغم نفي مجلس مجاهدي درنة، صلته بمنفذي هجوم المنيا، وتأكيده أن القصف طال أهدافا مدنية ليس من ضمنها مواقعه، تواصل القصف المصري لدرنة منذ الجمعة الماضية، وإلى غاية اليوم الإثنين، وامتد ليطال محافظة الجفرة (وسط) وقاعدتها الجوية التي تتمركز فيها قوات من البنيان المرصوص، التابعة لحكومة الوفاق الوطني، والتي سبق لها وأن هزمت "داعش" في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ومحيطها في 2016. وأدانت حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج الهجوم على درنة، بينما أعلنت قوات حفتر مشاركة طائراتها في قصف المدينة. وفي مؤتمر استثنائي اليوم، دعا المتحدث باسم قوات حفتر، العقيد أحمد المسماري، كافة ما اسماها وحداتهم العسكرية في المنطقة الغربية إلى الاستعداد للتحرك وتأمين العاصمة طرابلس، وكشف أن قواتهم البرية على مشارف الجفرة، و"ستدخل المعركة بعد إنهاك العدو (القوة الثالثة الموالية لحكومة الوفاق) بالضربات الجوية". وهذا التصريحات تكشف أن القصف الجوي المصري للجفرة، ليس الهدف منه مكافحة الإرهاب بقدر ما يسعى لتمهيد الطريق لسيطرة قوات حفتر، على قاعدة الجفرة الجوية (الاستراتيجية) وتسهيل عملية نقل قوات الرئيسة من شرقي البلاد إلى الجنوب والغرب، مما سيمكنهم من اقتحام طرابلس، بحسب متابعين للشأن الليبي. ** حفتر يتمدد فى الجنوب أخفقت قوات حفتر، مرارا في السيطرة على قاعدة تمنهت الجوية (نحو 750 كلم جنوب طرابلس) عسكريا، رغم تمكن قوات اللواء 12 مجحفل من السيطرة على قاعدة براك الشاطئ الجوية (700 كلم جنوب طرابلس) في نهاية 2016. لكن ما فشلت في تحقيقه قوات حفتر بالقوة، نجحت فيه بالسياسة، حيث حولت هزيمتها في براك الشاطئ إلى نصر سياسي بعد انسحاب القوة الثالثة طوعا من قاعدة تمنهنت، تحت ضغوط محلية ودولية، لتدخلها قوات اللواء 12 دون قتال. وفي 18 مايو/أيار الجاري، اقتحمت القوة الثالثة (تابعة لكتائب مصراته) قاعدة براك الشاطئ الجوية وقتلت نحو 140 شخص أغلبهم من قوات حفتر، ثم انسحبت بعدما استولت على كميات من الأسلحة، ودمرت القاعدة بشكل أصبحت غير صالحة للاستخدام. لكن المجلس الرئاسي الذي تتبع له القوة الثالثة (شكليا) أدان الهجوم وأوقف وزير الدفاع مهدي البرغثي، وقائد القوة الثالثة جمال التريكي، وفتح تحقيقا في الهجوم، كما طالب شيوخ قبائل الجنوب، القوة الثالثة بمغادرة قاعدة تمنهنت، الأمر الذي أدى إلى انسحابها تحت وابل من الإدانات المحلية والدولية، قبل أن تأتي قوات حفتر وتستولي عليها بدون قتال. وبسيطرة قوات اللواء 12 على تمنهنت، أصبح بإمكان قوات حفتر مراقبة (وليس السيطرة) كامل منطقة إقليم فزان بما فيه مدينة سبها (30 كلم جنوب تمنهنت)، كما أن ذلك سيعني أن تواجد القوة الثالثة في الجفرة، سينحصر في "الجفرة"، وفي ظل القصف الجوي المصري وطيران حفتر، وضعف الدعم العسكري والسياسي وحتى المعنوي للمجلس الرئاسي للقوة الثالثة قد يؤدي ذلك إلى اندلاع جبهة جديدة للقتال، وسط البلاد. والعنوان البارز للمشهد الليبي، في ظل المخاض السياسي والعسكري الحالي، هو بداية تراجع كتائب مصراته وانكفائها على نفسها، بعد أن كانت القوة الأكبر في الغرب والجنوب الليبيين، حيث سيطرت على القرار السياسي والعسكري منذ انتصارها في معركة المطار في 2014، وسيطرتها على العاصمة طرابلس وعلى المطارات والقواعدة العسكرية في الجنوب (الجفرة، تمنهنت، براك الشاطئ، غدامس، أوباري)، ثم طردها لتنظيم "داعش" من مدينة سرت وضواحيها في 2016. غير أن كتائب مصراته انقسمت على نفسها بين مؤيد لحكومة الوفاق (لواءي الحلبوص والمحجوب والقوة الثالثة، ونواب ومجلس بلدي مصرته، وحزب العدالة والبناء، ورئيس المجلس الرئاسي عبد الرحمان السويحلي، ونائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق)، وبين مؤيد لحكومة الإنقاذ (لواء الصمود، كتيبة المرسى، المجلس العسكري مصراتة)، مما أضعف نفوذها. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :