في الوقت الذي أحيت فيه مدينة مانشستر ذكرى مرور أسبوع على الاعتداء الدامي الذي ضرب المدينة الاثنين الماضي، بدأ جهاز الاستخبارات العسكري البريطاني الداخلي "إم آي 5" تحقيقا في احتمال حدوث ثغرات في تتبع سلمان عبيدي منفذ الاعتداء والذي كانت أجهزة الأمن على علم بعلاقته بالتنظيمات الإرهابية. أطلق جهاز الاستخبارات العسكرية البريطاني الداخلي "إم آي 5" تحقيقا لمعرفة ما إذا تم إغفال أية مؤشرات كانت تشير إلى احتمال وقوع هجوم مانشستر، فيما أحيت المدينة الاثنين ذكرى مرور أسبوع على المجزرة التي أسفرت عن 22 قتيلا. ودعا مجلس بلدية مانشستر من ناحيته إلى وقفة في وسط المدينة الواقعة شمال غربي البلاد في تمام الساعة 21:21 ت غ، وهي اللحظة ذاتها التي فجر فيها سلمان العبيدي (22 عاما) قنبلته خارج إحدى أكبر الصالات المغلقة في أوروبا، بعد أن كانت نجمة البوب أريانا غراندي قد أحيت للتو حفلا فيها. وتمت تلاوة أسماء الضحايا، بينهم ستة أطفال، أمام مبنى البلدية في وقت سابق الاثنين بحضور المئات خلال مراسم دينية. وامتلأت ساحة قريبة من موقع الهجوم، باتت مركزا لتكريم الضحايا، بالأزهار والبالونات على شكل قلوب. وكتب على إحدى اللافتات التي وضعت في المكان "حاولتم تدميرنا ولكنكم جعلتمونا أقرب من بعضنا البعض". "إم آي5 محق" في قراره ومن ناحيتهم، واصل المحققون استقصاءهم عن ملابسات الاعتداء الذي تبناه تنظيم "الدولة الإسلامية". واعتقلت السلطات رجلا في الـ23 من عمره في بلدة شورهام-باي-سي الساحلية، على بعد أكثر من 400 كلم عن مانشستر. وبهذا، يصبح إجمالي عدد المعتقلين على الأراضي البريطانية في إطار التحقيقات المتعلقة بالهجوم 14، جميعهم رجال، فيما تم توقيف والد وشقيق العبيدي في ليبيا. وأفاد مسؤولون في طرابلس أن العبيدي وشقيقه ينتميان إلى تنظيم "الدولة الإسلامية". وينظر "إم آي5" كذلك في القرارات التي تم اتخاذها في قضية العبيدي، الذي كان على لائحة الأشخاص الخاضعين للرقابة لصلته بالإرهاب، ولكنه لم يكن عليها وقت الهجوم، وإن كان قد تم تجاهل أي تحذيرات بشأن سلوكه وسط تنامي الانتقادات للأجهزة الأمنية. ومن ناحيتها، قالت وزيرة الداخلية آمبر رود لشبكة "سكاي نيوز" إن "هناك الكثير من المعلومات التي ترد في الوقت الحالي بشأن ما حصل، وكيف حصل ذلك، وماذا كان من الممكن أن يعرفه أو لا يعرفه الناس". وأضافت أن جهاز الاستخبارات الداخلي "محق في قراره النظر في حقيقة ما حصل". وقالت "علينا ألا نسارع في استخلاص أي استنتاجات في هذه المرحلة". وكانت وسائل الإعلام البريطانية ذكرت أن شخصين عرفا العبيدي أجريا اتصالات منفصلة بخط ساخن لمحاربة الإرهاب لتحذير الشرطة من مواقفه المتطرفة. ونقلت صحيفة "ذي ميل" الأحد عن مصدر قوله إن عملاء فدراليين أمريكيين أعربوا عن شكوكهم بانتماءات العبيدي المتطرفة منذ منتصف عام 2016 وكانوا قد عبروا عن مخاوفهم لجهاز "ام آي5" البريطاني. ومن ناحيتها، أفادت شبكة "بي بي سي" الإخبارية أن العبيدي، الذي نشأ في بريطانيا شارك، عندما كان لا يزال مراهقا في الانتفاضة المسلحة التي خرجت ضد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. ونشر المحققون البريطانيون صورا للعبيدي التقطتها كاميرات المراقبة ليلة وقوع المجزرة، داعين السكان إلى المساعدة في معرفة تحركاته خلال الأيام القليلة التي سبقت التفجير. وظهر العبيدي مرتديا سترة سوداء وسروال جينز وينتعل حذاء رياضيا ويحمل حقيبة ظهر يعتقد أنها احتوت على القنبلة. ويشير بيان الشرطة إلى أن أحد آخر الأماكن التي توجه إليها قبل الهجوم في قاعة "مانشستر أرينا" كان شقة في وسط المدينة، حيث يعتقدون أنه قد يكون أنهى تجميع متفجراته. ولم يتم توجيه اتهامات لأي من الموقوفين بعد، ولدى الشرطة مهلة 11 يوما للقيام بذلك بناء على قوانين خاصة لمحاربة الإرهاب. تخفيف درجة التوتر الأمني وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي السبت خفض مستوى التأهب في بريطانيا، بعد رفعه إلى أعلى درجة غداة الهجوم. وسيتم إيقاف العمل ليل الاثنين بـ"عملية تيمبرير" التي نشرت قوات الجيش بكثافة غير اعتيادية بموجبها في شوارع بريطانيا. وفي مؤشر آخر على انخفاض التهديدات الأمنية، سيعاد فتح محطة فيكتوريا في مانشستر، وهي محطة مواصلات رئيسية كانت قرب موقع التفجير وأغلقت منذ وقوعه. ولكن خفض عدد قوات الشرطة الذي قامت به ماي عندما كانت وزيرة للداخلية بات نقطة تركيز للحملات التي تسبق الانتخابات المرتقبة في الثامن من حزيران/يونيو حيث أظهرت استطلاعات الرأي تقدمها بقوة على زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن خلال الأيام القليلة الماضية. وانخفض عدد عناصر الشرطة بين عامي 2009 و2016 بحوالي 20 ألف عنصر أي ما يعادل نحو 14 بالمئة. وتصر ماي على أن الحكومة زادت التمويل لوكالات الأمن والاستخبارات. ويوجد حاليا 500 تحقيق متعلق بالإرهاب يخص ثلاثة آلاف شخص، فيما هناك 20 ألفا تحت الرقابة. والتفجير هو الأخير في سلسلة اعتداءات تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" في أوروبا وتزامنت مع حملة عسكرية تقودها الولايات المتحدة ضد الجماعة المتطرفة في سوريا والعراق وتشارك فيها عدة دول بينها بريطانيا. فرانس24/ أ ف ب نشرت في : 29/05/2017
مشاركة :