مهارة مارسيلو وألفيس هل تحسم نهائي دوري الأبطال؟

  • 5/30/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

قال المدير الفني لنادي يوفنتوس الإيطالي ماسيميليانو أليغري عن لاعب فريقه البرازيلي داني ألفيس وهو يبتسم: «قبل ثلاثة أشهر كان البعض يريد أن يشنقه»، لكنهم في تلك الليلة كانوا يريدون أن يعانقوه. بدأت القصة عندما التحق ألفيس بنادي يوفنتوس قادما من برشلونة، حيث أخذه حارس الفريق جيجي بوفون إلى أحد أركان الملعب وطلب منه أن يعلمهم كيف يحصلون على بطولة دوري أبطال أوروبا. ربما لا يكون ألفيس قادرا على القيام بذلك بالضبط، لكن أليغري كان قد أدلى بهذه التصريحات بعدما أسهم اللاعب البرازيلي بشكل كبير في وصول يوفنتوس للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا المقررة في كارديف السبت المقبل، بعدما صنع الهدف الأول وأحرز الهدف الثاني بشكل رائع في مرمى موناكو الفرنسي. وكان ألفيس قد صنع هدفين أيضا في مباراة الذهاب للدور قبل النهائي أمام موناكو في تورينو، كان أحدهما بتمريرة رائعة بكعب القدم. ووصل يوفنتوس إلى المباراة النهائية مرة أخرى، بعد عامين من خسارة اللقب أمام برشلونة الإسباني في برلين، عندما كان ألفيس يدافع عن ألوان العملاق الكتالوني. وفي المباراة النهائية لهذا العام، يواجه ألفيس مواطنه ولاعب ريـال مدريد مارسيلو، الذي قال عقب خسارة فريقه في مباراة الكلاسيكو أمام برشلونة في الدوري الإسباني «إنه خطأي»، لأنه لم يرتكب مخالفة ويعطل الهجمة قبل أن تصل الكرة إلى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي أحرز هدفا في الوقت المحتسب بدلا من الضائع ليمنح فريقه نقاط المباراة الثلاث. ولم يلحظ كثيرون أن مارسيلو كان هو من صنع هدف التعادل الذي أحرزه الكولومبي خاميس رودريغيز في المقام الأول - لكن الجميع بالطبع ما زال يتذكر ما فعله مارسيلو بعد ستة أيام من تلك المباراة عندما أحرز هدفا قاتلا وأحكم قبضة ريـال مدريد على صدارة الدوري الإسباني الذي فاز بلقبه في نهاية المطاف. ولعب مارسيلو أيضا دورا بارزا في فوز فريقه على بايرن ميونيخ في الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، بعدما مر بسهولة ومرر الكرة لكريستيانو رونالدو ليضع الكرة في المرمى الخالي في الدقيقة 109 من عمر اللقاء الذي كان قد امتد للوقت الإضافي. وسوف يتواجه ألفيس ومارسيلو مرة أخرى، وهذه المرة في نهائي دوري أبطال أوروبا في كارديف يوم السبت، بعدما التقيا مرات ومرات ضمن صفوف الغريمين التقليديين في كرة القدم الإسبانية برشلونة وريـال مدريد. صحيح أنهما يلعبان في الدفاع، لكنهما يقومان بما هو أكبر بكثير من مهام مركزيهما. إنهما ليس مدافعين تقليديين، ولكنهما لاعبا كرة قدم بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فهما يتسمان بالذكاء الشديد، والمهارة الفائقة بحكم أنهما ينتميان لكرة القدم البرازيلية التي دائما ما تنجب لاعبين مهرة للغاية، كما أنهما نجحا في كسر القالب التقليدي للاعب المدافع. يقول ألفيس: «لا أريد أن أكون مثل أي لاعب آخر». وفي الحقيقة، هو ليس مثل أي لاعب آخر، والأمر نفسه ينطبق أيضا على مارسيلو. إنهما يلعبان من أجل الاستمتاع بكرة القدم، وتحقيق الفوز في الوقت نفسه، ويكفي أن نعرف أن اللاعبين معا قد حصلا على 53 بطولة، وسوف يرتفع هذا العدد بالطبع إلى 54 بعد المباراة النهائية لدوري الأبطال. إنهما لاعبان مؤثران - إن لم يكونا أهم لاعبين - في أفضل فريقين في أوروبا الآن. وعلى مدار السنوات السابقة، لم يكن من الصعب أن ترى من ينتقد أداء اللاعبين ويقول إنهما لا يجيدان القيام بالمهام الدفاعية، أو أنهما غير ملتزمين داخل الملعب، لأنهما دائما ما يظهران وهما يبتسمان، وكأن كرة القدم قد أصبحت عبارة عن عمل قاتل ليس به مكان للمتعة، التي تعد هي الهدف الأساسي من اللعبة في المقام الأول! ويحتاج كل فريق لأن تكون لديه شخصيات «معدية»، على حد قول المدير الفني لريـال مدريد زين الدين زيدان وهو يصف مارسيلو، كما أن المرح لا يعني عدم الالتزام، لأنه لا يمكن للاعب أن يلعب لمدة ثماني سنوات في برشلونة والآخر لمدة عشر سنوات لريـال مدريد من دون أن يكونا ملتزمين. ولو لم يكن ألفيس لاعبا كبيرا للغاية لما تعاقد معه يوفنتوس ولما ظهر التأثير الواضح لرحيله على برشلونة. قال ألفيس: «الناس تعتقد بصورة تلقائية بأنك لا تجيد الأدوار الدفاعية لأنك تهاجم دائما، وهذا ليس صحيحا». لقد أدلى ألفيس بهذه التصريحات قبل خمس سنوات، لكن ما قاله لا يزال ينطبق عليه حتى الآن، لأنه لم يتغير مثل باقي اللاعبين. ولم يعترف البعض بأهمية الدور الذي يلعبه ألفيس إلا في الآونة الأخيرة، والأمر نفسه أيضا ينطبق على مارسيلو. يقول ألفيس: «ماذا تعنون بكلمة الدفاع» هل تعني عدم المراوغة والتقدم للهجوم؟ سوف تكون الكرة حينئذ مملة للغاية، أليس كذلك؟ قد تستعد للدفاع فقط، لكن اللاعب الذي أمامك سوف يراوغك بأي طريقة. هل تعتقد أنك الأسرع وأنه لن يمر منك؟ لو دافعت سيقولون إنك لا تهاجم، ولو هاجمت سيقولون إنك لا تدافع. ألا يسعى كل فريق في كرة القدم إلى تحقيق الفوز؟ ولكي تفوز يتعين عليك أن تحرز أهدافا أكثر، فالفريق الفائز ليس هو الفريق الذي يدافع بصورة جيدة، لأنك لو دافعت جيدا ولم تحرز أهدافا، فلن يكون الأمر ذا جدوى». وقد مر اللاعبان ببعض الأوقات الصعبة أيضا، فلم يبدأ مارسيلو المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام أتليتكو مدريد عام 2014 في لشبونة، كما كانت علاقة ألفيس بمجلس إدارة نادي برشلونة متوترة دائما، لكن يجب أن ندرك أن ما يقدمه اللاعبان يفوق كثيرا أي قصور في أدائهما. فلو كانا يهاجمان فلا بد أنهما يقومان بذلك بناء على تعليمات فنية من المدربين الذين يعلمون قدراتهما الهجومية جيدا ويحاولون استغلالها، ولذا فإنهما ينفذان التعليمات وليس العكس. ووصل عدد إجمالي المباريات التي لعبها اللاعبان سويا إلى أكثر من ألف مباراة في أكبر الأندية على مستوى العالم، فكيف يشكك البعض في قدراتهما؟ بدأ مارسيلو لعب كرة القدم وهو في سن الرابعة، حين كان يلعب كرة الصالات الخماسية. ويلعب شقيق زوجته الكرة الخماسية على مستوى احترافي، وكان مارسيلو خلال أول عامين له مع ريـال مدريد يهرب للاشتراك في بعض مسابقات الكرة الخماسية أيضا. واعترف مارسيلو في مقابلة مع مجلة متخصصة في كرة الصالات بأنه كان يود أن تكون مسيرته في كرة الصالات لا في ملاعب كرة القدم، كما يود في النهاية العودة للعب كرة القدم الخماسية. ويشيد شقيق زوجة مارسيلو «بمهاراته الفنية وقدرته العالية على المراوغة، والابتكار للخروج من المواقف الصعبة عندما لا يعتقد أحد أنه قادر على القيام بذلك». وفي الحقيقة، اكتسب مارسيلو وألفيس هذه المهارات من البيئة التي نشأ بها والخبرات التي اكتسباها. وتُلعب كرة القدم الخماسية بكرة أقل حجما وأثقل وزنا ودائما ما تكون على أرض الملعب بعيدا عن الكرات الهوائية الكثيرة، حيث يمرر اللاعبون الكرة من لمسة واحدة وبسرعة شديدة وتفكير سريع. يقول ألفيس: «أنا سعيد لأنني لعبت كرة القدم الخماسية في المدرسة، فهي لعبة تجعلك أكثر ذكاء لأنها تعتمد على التفكير بشكل أكبر، بسبب ضيق المساحات والرقابة اللصيقة. وفي كرة القدم فإن اللاعبين الذين يملكون هذا الذكاء يكونون أفضل من نظرائهم». ويجب أن نتفق على أن ألفيس ومارسيلو ليسا «مدافعين» يقومان ببعض الأدوار الهجومية، لكنهما مدافعان رائعان في مهارات كرة القدم، فهما ليس مثل ظهراء الجنب الذين ينطلقون بالكرة بجانب خط التماس، لكنهما مختلفان تماما، فهما ينطلقان لداخل الملعب ويصنعان الفرص ويبحثان عن التمريرات السريعة والحصول على الكرة مرة أخرى - ولا يعتمدان مثل المدافعين الآخرين على القوة البدنية والسرعة فحسب، ولذا تشعر وكأنهما صانعا لعب يلعبان في المكان الخطأ. وخلال الموسم الحالي، يتفق كثيرون على أن مارسيلو هو أفضل لاعب في ريـال مدريد. أما بالنسبة لألفيس فقد كان أبرز لاعبي إشبيلية عندما كان يلعب بقميص النادي، وعندما انتقل إلى برشلونة كان أكثر اللاعبين في إسبانيا صناعة للأهداف، بعد ليونيل ميسي. وفي يوفنتوس، صنع ألفيس أهدافا أكثر من أي لاعب آخر في دوري أبطال أوروبا. وقال أليغري متحمسا عن ألفيس بعد مباراة فريقه أمام موناكو في الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا: «هل رأيته؟ وهل رأيت تمريراته؟ إنه يلعب وكأنه في مركز صانع الألعاب». والأمر نفسه ينطبق على مارسيلو أيضا، حيث يقول المدير الرياضي السابق لنادي ريـال مدريد جورج فالدانو «إنه يحصل على الكرة بسهولة كبيرة وينطلق بها إلى داخل الملعب وكأن هذا هو مركزه الأصلي، وعندما يكون في الثلث الأخير من الملعب تكون لديه الحلول التي يملكها أي مهاجم. لقد اعتدنا أن نرى ظهراء جنب مثل غورديلو أو روبرتو كارلوس اللذين يلعبان على الخط، لكن مارسيلو يبهرنا بمهاراته». أما بالنسبة لألفيس، فقد اعترف مدافع يوفنتوس ومنتخب إيطاليا جورجيو كيليني بأنه «منبهر بثقافتنا»، مشيرا إلى أنه وجد صعوبة في التأقلم في بداية الأمر، لكنه «مثل ميسي، على مستوى آخر من الناحية الفنية». إنهما لاعبان برازيليان لديهما الروح نفسها ويعشقان كرة القدم. وسوف يدخل مارسيلو المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بقميص ريـال مدريد وهو يبحث عن اللقب الأوروبي الثالث خلال أربعة مواسم، في حين يدخل ألفيس المباراة مدافعا عن ألوان السيدة العجوز من أجل الحصول على «الثلاثية» - الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا - للمرة الثالثة في تاريخه، وفي حال الفوز ستكون هذه هي البطولة رقم 34 التي يحصل عليها ألفيس. لا أحد يعرف من سيفوز منهما في تلك المباراة، لكن الشيء المؤكد هو أننا سنستمتع برؤيتهما وجها لوجه على أرضية الملعب.

مشاركة :