إعداد: محمد فتحيبعد مرور سنوات من وصول الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى القمر، كان من الصعب أن تقف الدول الأوروبية مكتوفة الأيدي وألا تنخرط في السباق الدولي لغزو الفضاء لما يمثله من أهمية استراتيجية وقفزة حضارية للبشرية جمعاء، لذا كان تأسيس وكالة الفضاء الأوروبية في مثل هذا اليوم من عام 1975 أمراً بديهياً يرسخ للدور الأوروبي كلاعب أساسي في الوصول إلى الفضاء وتسخير كل السبل التكنولوجية من أجل الوصول لاكتشافات فضائية داخل المجموعة الشمسية وخارجها.تمثل الوكالة التي يقع مقرها الرئيسي في العاصمة الفرنسية باريس، وتبلغ ميزانيتها أكثر من 5 مليارات يورو، الذراع الفضائية ل 22 دولة أوروبية مجتمعة، منها النمسا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة، إذ أصبحت خلال فترة وجيزة قوة ضاربة تحقق العديد من الإنجازات على صعيد تكنولوجيا الاستكشافات الفضائية مثل المشاركة الفعالة لمحطة الفضاء الدولية وإطلاق وتشغيل عدة بعثات استكشافية إلى القمر ورصد الأرض من الفضاء وإطلاق عدسات التلسكوبات الهائلة لاستكشاف ما وراء المجموعة الشمسية من الكواكب والنجوم التي تبعد ملايين السنوات الضوئية، فضلاً عن تصميم مركبات الإطلاق والأقمار الصناعية وإطلاق المسبارات الفضائية لاستكشاف الكويكبات، والتي كان آخرها المسبار «روزيتا» الذي انطلق في رحلة استمرت لأكثر من 10 سنوات لاستكشاف المذنب «تشوري» لتصبح أطول مهمة تصل لمذنب في التاريخ، وهي المهمة التي تكللت بالنجاح بعد هبوط المسبار «فيلة» على المذنب عام 2014 بعد خمول دام عشر سنوات خلال السباحة في الفضاء والوصول إلى المذنب، ولكن تم فقده بعدها على سطح المذنب الأكثر غموضاً في التاريخ.تضم وكالة الفضاء الأوروبية عدداً من المراكز والمعاهد البحثية والعلمية التي تمثل وقود العمل بداخلها والعمود الفقري لإنجازاتها في مختلف ميادين الفضاء، ومنها المركز الأوروبي للبحث الفضائي والتقني المسؤول عن تصميم البرامج الفضائية، ومركز عمليات الفضاء الأوروبية المسؤول عن السيطرة على الأقمار الصناعية الخاصة بالوكالة في المدار ومراقبتها وتوجيهها، والمركز الأوروبي لرواد الفضاء المسؤول عن تدريب وتحضير رواد الفضاء للمهمات المستقبلية، والمعهد الأوروبي للأبحاث الفضائية المسؤول عن تجميع وتخزين وإرسال بيانات الأقمار الصناعية إلى شركاء وكالة الفضاء الأوروبية. كما تتعاون وكالة الفضاء الأوروبية مع العديد من وكالات الفضاء الأخرى.كما يُطبق العديد من برامج التعاون المشترك مع مختلف المنظمات والهيئات الدولية المعنية بأبحاث الفضاء. وتعد برامج التعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) من أهم برامج التعاون المتعلقة بالمركبات الفضائية واستكشاف المريخ، وتجلت أوجه التعاون في مركبة «كاسيني - هويجنز» لاستكشاف نظام كوكب زحل بأدق التفاصيل الممكنة، كما يعد مرصد هابل الفضائي واحداً من أبرز أوجه التعاون مع «ناسا». ويعمل الطرفان حالياً أيضاً على الانتهاء من مرصد «جيمس ويب» الفضائي بالتعاون مع الوكالة الكندية والمركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية ليكون خليفة للمرصد الفضائي هابل، ومن المقرر إطلاقه العام المقبل.تشمل أيضاً أوجه التعاون محطة الفضاء الدولية، حيث طورت الوكالة مركبة النقل الفضائية «ATV» لصالح المحطة، وهي مركبة فضائية مستهلكة من دون طيار صُممت لخدمة المحطة وإمدادها بالمياه والوقود والهواء والحمولات وأخيراً التجارب العلمية، كما تتعاون الوكالة مع الصين في أبحاث القمر والتخطيط لإقامة مستعمرات بشرية على القمر، بالإضافة إلى مشروع الأقمار الصناعية المشترك «دوبل ستار» لأبحاث الغلاف المغناطيسي للأرض. يحظى التعاون مع وكالة الفضاء الروسية باهتمام كبير من وكالة الفضاء الأوروبية لشموله عدداً من أبحاث إطلاق الصواريخ وعمليات النقل والإمداد للمحطات الفضائية حالياً وفي المستقبل.
مشاركة :