دفع عرض مسرحي بلغة الإشارة المخرج الشاب رضا عبدالعزيز، إلى تأسيس فرقته الفريدة من نوعها «الصامتين»، وفيها ترقص مجموعة من الصم والبكم على إيقاعات موسيقية لا يسمعونها، بينما يسمعها الجمهور في الصالات باتساق تام بين اللحن والحركة، في صورة تجعله يشكك في أن هؤلاء الراقصين صم! كانت البداية مع اقتناع المخرج بقدرة الفن على مدّ جسر للتواصل على رغم المعوقات، ما شجعه على حضور العرض المسرحي على رغم عدم علمه مسبقاً بلغة الإشارة، إذ أن العرض كوحدة واحدة سيصل إليه في النهاية ويتفاعل معه. إلا أن ذلك لم يحدث. يقول: «لم أفهم شيئاً من العرض، ودخول مترجم للغة الإشارة كان سيفقدني إحساسي بالعمل الفني، شغلني الأمر وقررت أن أتعلم لغة الإشارة لأمد جسراً بين ذوي الحاجات الخاصة والناس العاديين». قواقع مغلقة على المسرح تتفتح فتخرج منها أيادٍ تلوّح طالبة الاستغاثة. الموسيقى تزداد صخباً ومعها رغبة القابعين داخل قواقعهم في التحرر عبر زيادة تلوحات الأيدي وظهور أجزاء أخرى من الجسد. تتبدل الأنغام من حزينة إلى سعيدة منطلقة ومعها حركات أجسادهم التي خرجت بكاملها من قواقعها كأنها تختبر الرقص للمرة الأولى. «أجنحة صغيرة» عُرض ضمن عشرات العروض التي قدمتها فرقة الصامتين منذ تأسيسها عام 2005 في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية المصرية. لكنه يبقى الأفضل لما فيه من محاكاة لإعاقتهم وحالة العزلة المجتمعية التي عاشوها قبل أن ينضموا إلى الفريق، «فكان له فضل في تحريرهم من تبعات الإعاقة والاندماج في المجتمع بثقة تامة، واستطاعوا تقديم تجربة أبهرت العالم وكانت الأولى من نوعها، انعكست في ما بعد على حياتهم ودراستهم التي حققوا فيها تقدماً كبيراً»، كما يقول مؤسس الفرقة. من حياة بيتهوفن استلهم عبدالعزيز فكرة العرض. ويقول المخرج: «بالطريقة نفسها ترجمت الرقصات إلى دقات بيدي على أجزاء في أجسادهم تنقل إليهم إحساس الرقصة وتساعدهم على حفظها والاندماج معها، وتأتي النتيجة في النهاية بالاتساق بين حركات الرقصة والموسيقى». بدأت الفرقة بـ9 أعضاء فقط من مدرسة الأمل للصم والبكم، 4 فتيان و5 فتيات، ووصلت الآن إلى 22 عضواً، 12 من البنين و10 من البنات. «أمضيت 9 شهور أتعلم لغة الإشارة، وبالفعل نجحت التجربة رغم صعوبتها والمجهود الكبير فيها، لنكتشف في ما بعد أن ما فعلته «الصامتين» هو الأول من نوعه في العالم، وحملنا تجربتنا ننقلها إلى العالم، وقدمنا ورش عمل في دول عدة منها أيطاليا». ناقشت فرقة «الصامتين» قضايا كثيرة، كالمخدرات في عرض «نيران صديقة»، وقضية العنف ضد المرأة في «رفقاً بالقوارير». ويشير عبدالعزيز إلى أن الفرقة دمجت بين الصم والبكم وإعاقات أخرى، فقدمت عروضاً مع مقعدين، ووصل الإبداع إلى ذروته حين عزفت الفتاة الكفيفة مروة عبدالرازق على آلة القانون ورقصت بسمة الفتاة الصماء على موسيقاها في عرض وثّقه فيلم عنوانه «حلقة وصل».
مشاركة :