اعتقل الأمن المغربي صباح أمس ناصر زفزافي، زعيم الحراك الشعبي في مدينة الحسيمة، الذي كان مطلوبا للسلطات منذ الجمعة الماضي بعد أن اقتحم مسجدا، ومنع إماما من إكمال خطبته، وألقى خطابا تحريضيا داخل المسجد.وكان زفزافي، قد تمكن من الفرار والاختباء بعد أن تعرضت قوات الأمن للرشق بالحجارة من قبل عدد من المحتجين، الذين منعوا وصول أفراد الأمن إليه عندما كان موجودا فوق سطح منزله بالحسيمة.وأعلن الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة أمس أنه «تم إيقاف المدعو ناصر الزفزافي من أجل الاشتباه في ارتكابه جريمة عرقلة وتعطيل حرية العبادات، وذلك تبعا للبلاغ الصادر بتاريخ 26 مايو (أيار) بخصوص الأمر بإلقاء القبض على هذا الشخص».وذكر الوكيل العام في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أنه «تم إيقاف المعني بالأمر بمعية أشخاص آخرين سلموا للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء للبحث مع الأول بشأن الفعل المشار إليه أعلاه، والبحث معهم جميعا فيما يشتبه ارتكابه من طرفهم من أفعال تتمثل في المس بالسلامة الداخلية للدولة، وأفعال أخرى تشكل جرائم بمقتضى القانون تحت إشراف هذه النيابة العامة، التي تسهر على مجريات هذا البحث وتحرص على احترام جميع الشكليات والضمانات المقررة لهم قانونا».وخلص البيان إلى أنه سيتم تقديم هؤلاء أمام النيابة العامة فور انتهاء البحث، ولم يذكر البيان تفاصيل عن ظروف اعتقاله.وحسب مصادر مطلعة في الحسيمة، فإن اعتقال الزفزافي جرى في الساعة السادسة من صباح أمس وأنه لم يبد أي مقاومة تذكر.وأضافت المصادر ذاتها أنه جرى نقله إلى الدار البيضاء، حيث مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على متن طائرة خاصة، وذكرت أن التحقيق مع الزفزافي بدأ بمجرد وصوله إلى الدار البيضاء تحت إشراف النيابة العامة.وباعتقاله يكون الزفزافي المعتقل رقم 23، إذ سبق اعتقال 22 شخصا من عناصر الحراك المتورطين في المواجهات، التي جرت مع رجال الأمن. ومنذ اندلاع الاحتجاجات في الريف، عقب وفاة محسن فكري بائع السمك طحنا داخل شاحنة لتدوير النفايات، دأب الزفزافي على نشر فيديوهات ينتقد فيها السلطة ويحملها مسؤولية التهميش، الذي تعاني منه المنطقة. وقبل اعتقاله نشر فيديو جديدا يحث فيه المحتجين على مواصلة الحراك، وناشدهم المحافظة على سلمية المظاهرات مطمئنا أنصاره بأنه بخير.وطالب الناشط المغربي التجار بإغلاق محلاتهم التجارية، ردا على زيارة الوفد الحكومي للمنطقة قبل أسبوع، وقال إن الوفد زار الحسيمة «خوفا من المسيرة التاريخية المقرر تنظيمها يوم 7 يوليو (تموز) المقبل»، كما حث الزفزافي باقي المدن المغربية على الخروج للتظاهر تضامنا مع المحتجين في الحسيمة، الأمر الذي استجاب له البعض، حيث خرجت مظاهرات ليلية في عدد من المدن المغربية تضامنا مع حراك الحسيمة بدعم من جمعيات حقوقية.واجتمع مئات المتظاهرين في كل من الرباط والدار البيضاء ومراكش وأزيلال وطنجة، بالتزامن مع مظاهرات مماثلة في الحسيمة والبلدات المجاورة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. وتدخلت قوات مكافحة الشغب لتفريق المحتجين في الحسيمة، ووقعت صدامات أسفرت عن إصابة ثلاثة من أفراد الشرطة بجروح خطيرة، بينما انتشرت قوات حفظ النظام بالزي العسكري واللباس المدني بأعداد كبيرة في المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 56 ألف نسمة. كما فرق الأمن جميع المظاهرات في المدن الأخرى.وكان الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة قد أعلن الليلة قبل الماضية عن إيقاف شخصين آخرين على أيدي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ما رفع عدد الاعتقالات إلى 22 على أثر الأحداث الأخيرة التي وقعت في الحسيمة.وأوضح محمد أقوير، الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف بالحسيمة، أنه تم وضع المشتبه فيهما في ارتكاب أعمال مخالفة للقانون تحت الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي)، مؤكدا في تصريح للصحافة أنه على إثر الأحداث التي وقعت في الحسيمة وتنويرا للرأي العام، تلقت النيابة العامة تقريرا من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية يفيد بأن بعض الأفراد يشتبه في ارتكابهم أفعالا مخالفة للقانون ويعاقب عليها القانون الجنائي، وتتعلق بالمس بالسلامة الداخلية للدولة، والتحريض على ارتكاب جنح وجرائم، وإهانة موظفين عموميين أثناء أدائهم لمهامهم، ومعاداة رموز المملكة في تجمعات عامة وأفعال أخرى.وأكد هذا التقرير أن بعض الأشخاص يشتبه في تورطهم في الأحداث، التي وقعت بمدينتي إمزورن وبني بوعياش يوم 26 مارس (آذار) الماضي، والتي نتج عنها إضرام النار في إقامة مخصصة للقوات العمومية وإحراق ناقلات، وإلحاق خسائر مادية بمنقول الغير، وكسر وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، والاعتداء على موظفين عموميين إضافة إلى أفعال أخرى. وبناء عليه، تم تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء التحقيق، الذي أسفر يومي 26 و27 مايو (أيار) الحالي عن إيقاف 20 شخصا، وسيتم تقديمهم أمام النيابة العامة فور إتمام البحث.ومن أجل طمأنة عائلات المعتقلين وعامة الناس في موضوع الإشاعات التي تروج حول نقل مفترض لبعض الأشخاص، الذين تم إيقافهم إلى وجهة مجهولة، أوضح الوكيل العام بمحكمة الاستئناف أن بعض «الأشخاص الذين تم إيقافهم نقلوا إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، حيث تم وضعهم تحت تدبير الحراسة النظرية، باعتبار أنها هي المكلفة التحقيق».وأكد أقوير أن الأشخاص الباقين الذين تم إيقافهم عقب أحداث الشغب، التي وقعت بالحسيمة وبني بوعياش وإمزورن خلال اليومين الأخيرين، يوجدون رهن الحراسة النظرية بمقر الشرطة القضائية بالحسيمة ومقري الشرطة بالمدينتين الأخريين، وخلص إلى أن النيابة العامة ستواصل الإشراف على سير البحث مع السهر على احترام مجموع الشكليات والضمانات المقررة قانونا للأشخاص الموقوفين.وكانت السلطات الأمنية قد أكدت أن المعطيات الأولية للبحث أفضت إلى «توفر شبهة استلام المشتبه فيهم تحويلات مالية ودعم لوجستيكي من الخارج بغرض القيام بأنشطة دعائية من شأنها المساس بوحدة المملكة وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي، فضلا عن إهانة ومعاداة رموز المملكة في تجمعات عامة».ومن تداعيات الاحتقان في الحسيمة، أعلن موقع بوابة التشغيل العمومي في المغرب أمس عن إرجاء تنظيم أغلب مباريات التوظيف في مختلف التخصصات، التي سبق أن أعلن عنها في وقت سابق بإقليم الحسيمة. بيد أنه لم يعلن عن تاريخ محدد لإجرائها.وكان الموقع الإلكتروني التابع لوزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة قد أعلن عن توظيف 228 شخصا بإقليم الحسيمة.
مشاركة :