الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون يجازف بعد نحو أسبوعين فقط من تنصيبه باستقبال الزعيم الروسي فلاديمير بوتين رغم الخلافات القائمة بين البلدين.العرب [نُشر في 2017/05/30، العدد: 10648، ص(5)]لا جديد في الأفق باريس - يحاول الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون إحداث اختراق في العلاقات الفرنسية والأوروبية عموما مع روسيا. وعلى الرغم من أن العلاقات الثنائية يشوبها انعدام الثقة جراء دعم باريس وموسكو لأطراف مختلفة في الحرب السورية وبسبب الصراع في أوكرانيا، فإن ماكرون جازف بعد نحو أسبوعين فقط من تنصيبه باستقبال الزعيم الروسي فلاديمير بوتين. وتشير التصريحات التي أعقبت اللقاء إلى حدوث بعض توافقات في ملف مكافحة التطرف على الأقل، حيث أعرب ماكرون عن الأمل في “تعزيز (…) الشراكة مع روسيا” في مكافحة الإرهاب في سوريا قائلا “أولويتنا المطلقة هي مكافحة الإرهاب (…) هو المبدأ الذي نسترشد به لتحديد تحركنا في سوريا. وأريد، بعيدا عن العمل الذي نقوم به في سياق الائتلاف، أن نتمكن من تعزيز شراكتنا مع روسيا”. ويقول محللون إن هذه التطورات ستلقى صدى واسعا في موسكو، خاصة وأن الروس يتحركون منذ أشهر لتشكيل موقف دولي موحد تجاه التنظيمات المتطرفة بسوريا وعلى رأسها تنظيم داعش. وكان ماكرون، الذي تولى الرئاسة قبل أسبوعين قال إن الحوار مع روسيا ضروري لمواجهة عدد من النزاعات الدولية. ويقول محللون إن تطابق وجهات النظر الفرنسية الروسية في مجال مكافحة الإرهاب في سوريا، لا يحجب حجم الخلافات القائمة بين العاصمتين حول الأزمة السورية ككل. وقال ماكرون إن استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا خط أحمر بالنسبة إلى فرنسا وإن استخدامها سيدفع بلاده للرد. وأضاف في المؤتمر الصحافي “أي استخدام للأسلحة الكيمياوية سيستدعي عملا انتقاميا وردا سريعا.. على الأقل من ناحية فرنسا”. ويدعم البلدان أطرافا متناحرة في الحرب السورية حيث يدعم بوتين الرئيس السوري بينما يشارك ماكرون في تحالف غربي يدعم فصائل معارضة مسلحة واتهم الأسد باستخدام أسلحة كيمياوية في الماضي. وقال ماكرون إنه تبادل وجهات النظر بشكل صريح مع بوتين وإنهما عبرا عن آراء متباينة بشأن عدد من الموضوعات. ويعتبر محللون أن الاجتماع الذي يعقد بعد أسبوعين من تنصيب ماكرون، يعتبر خطوة رمزية، ولكنهم يستعبدون أن تؤدي نتائجه إلى نتائج ملموسة قريبا. وخلال الحملة الانتخابية الفرنسية اتهم فريق ماكرون، روسيا، بالانحياز إلى منافسته اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، التي التقت بوتين في موسكو، مارس الماضي. وينتهج الكرملين باستمرار سياسة نفي الاتهامات المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات في أكثر من دولة أخرى، وبالفعل سارع بوتين الاثنين إلى التأكيد على أنه ليس هناك ما يمكن بحثه بشأن مزاعم تدخل موسكو في انتخابات دول أخرى وأضاف أن ماكرون لم يطرح القضية خلال الاجتماع. وقال بوتين إن الكرملين لم يحاول التأثير على التصويت بلقاء لوبان منافسة ماكرون في مارس الماضي. وانخفض مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا إلى أدنى مستوى لها، منذ أن ضمت روسيا جزءا من أوكرانيا المجاورة منذ ثلاث سنوات، ولا تزال العقوبات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا تعرقل التجارة. واعتبر بوتين أن “العقوبات” على روسيا “لا تساهم إطلاقا في حل الأزمة الأوكرانية”. وقال بوتين ردا على سؤال صحافي “أنت سألت كيف يمكن للعقوبات على روسيا أن تساعد في حل الأزمة في شرق أوكرانيا؟ والجواب لا تساعد إطلاقا”. من جهته قال ماكرون إنه سيكون هناك “نقاش” داخل صيغة نورماندي (روسيا وألمانيا وفرنسا وأوكرانيا) في “الأيام أو الأسابيع المقبلة” لتجنب “تصعيد” التوتر. ويؤكد محللون أن ماكرون يتعرض لضغط واسع مع مجتمع الأعمال في بلاده الذي يعتبر بين المعارضين الأعلى صوتا للعقوبات المناهضة لروسيا في أوروبا. ويستعبد هؤلاء أن يضحي ماكرون بأي رأسمال سياسي لمساعدة بوتين اقتصادي، وبالتالي يرجحون تواصل فرض العقوبات على المدى القصير والمتوسط.
مشاركة :