الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة) في بيان سابق إن العملية تشهد تجاوزات مثلما حدث خلال السنوات الخمس الماضية، خصوصا على مستوى البلديات. كما حذرت ذات المنظمة من إمكانية احتواء هذه المساعدات على مواد فاسدة ومنتهية الصلاحية قد تضر بصحة المواطنين، ودعت السلطات إلى فرض رقابة صارمة على محتويات القفة. ودعت إلى إلغاء “قفة رمضان” واستبدالها بصك مالي بقيمة 20 ألف دينار (قرابة 200 دولار) لفائدة العائلات المحدودة الدخل التي تتوفر فيها الشروط. واعتبرت الرابطة أن الصك البنكي سيسهل العملية أكثر من خلال القضاء على الطوابير، وسيمكن من اكتشاف أي ثغرة أو تجاوزات أو اختلاس. وقدرت الرابطة في تقرير لها، نشرته في شهر فبراير الماضي، أن ربع الجزائريين (10 ملايين نسمة) يعيشون تحت خط الفقر، رغم تحسن الدخل الفردي الذي انتقل بحسبها من 6 آلاف و390 دولارا في عام 1990 إلى 14 ألفا و310 دولارات في 2015. وتعاني الجزائر، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، منذ قرابة ثلاث سنوات أزمة اقتصادية جراء تراجع أسعار النفط. وتقول السلطات إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخيلها من النقد الأجنبي التي هوت من 60 مليار دولار في 2014 إلى 27.5 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2016. ولجأت السلطات الجزائرية، لمواجهة الأزمة، إلى عدة إجراءات منها تقليص المبالغ المرصودة في قانون الموازنة العامة لسنتي 2016 و2017 الموجهة لدعم الفئات محدودة الدخل، كما قلصت من دعم الوقود والكهرباء والغاز. ويعتقد فريد بن يحيى، المحلل الاقتصادي الجزائري، أن تمسك السلطات بـ”قفة رمضان” رغم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، يعود إلى سببين رئيسيين. وذكر بن يحيى أن السبب الأول هو محاولة الحكومة إعطاء انطباع عام بأنها متمسكة بدورها وواجبها الاجتماعي تجاه طبقة من الجزائريين محدودة الدخل. وأوضح بن يحيى أن في الجزائر هناك ضعف في القدرة الشرائية وهذا أمر واقع وحقيقي خصوصا في المحافظات البعيدة (الجزائر العميقة) ولذلك الحكومة تعطي إشارات بأنها ملتزمة بواجبها الاجتماعي تجاه هذه الفئة من الجزائريين، من خلال تخصيص أموال في قانون الموازنة العامة لما يعرف بـ”قفة رمضان”. ويتمثل السبب الثاني لتمسك الحكومة بهذه العملية، حسب بن يحيى، في تخوفها من ترك قفة رمضان للجمعيات الخيرية خصوصا وأن هذه الجمعيات جلها من التيار الإسلامي. وأفاد عيسى بن لخضر، رئيس الجمعية الخيرية “جزائر الخير” (مستقلة)، بأنه يجب على الدولة أن تضبط هذه العملية بالرقابة والمتابعة وتترك عملية تسييرها لجمعيات المجتمع المدني على غرار مطاعم الرحمة في رمضان. وقال بن لخضر إن تسيير قفة رمضان اتسم بالفضائح والنقائص كل سنة، ولذلك من الأفضل أن تشرف عليه جمعيات خيرية وجمعيات المجتمع المدني، فيما يقتصر دور الدولة على الرقابة من بعيد (النظافة والجانب القانوني فقط). وتأسف بن لخضر لما وصفه بـ”وجود حسابات حزبية وسياسية ضيقة على مستوى البلديات أثرت على تنظيم العملية وتوزيع المساعدات، ولهذا في كل مرة صرنا نسمع عن قضايا فساد وسرقة وتحويل لهذه المساعدة عن وجهتها الحقيقية”. وأفاد “على مستوى البلديات هناك أطراف سياسية متعددة ومتنافسة تسعى للبروز من خلال هذه العملية”. وأضاف “مؤخرا تبين أن هناك مواد منتهية الصلاحية وأخرى تم تحويلها عن وجهتها”. ويرى بن لخضر أنه “ليس من شرف الجزائر أن تبقى قفة رمضان قصة يتداولها الإعلام كل عام.. نتمنى أن تصبح العملية من مهام المجتمع المدني والدولة تكتفي بدور المشرف من بعيد”. وقال، حول تمسك السلطات بهذه العملية رغم الأزمة الاقتصادية، إن “الدولة لا تعتبر المساهم الأكبر في العملية كون وزارة الداخلية ووزارة التضامن تساهمان ماليا بنسبة قليلة فقط”. وأوضح أن جل المساعدات تأتي من علميات التبرع من الشركات العمومية (حكومية) والخاصة ورجال الأعمال والمحسنين عبر البلديات والمحافظات.
مشاركة :