شكلت مسألة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي (بريكست) محور اول مواجهة تلفزيونية بين رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي اكدت استعدادها لعدم توقيع اتفاق مع المفوضية الاوروبية، وزعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن المصمم على إيجاد حل. وقبل عشرة ايام من الانتخابات التشريعية، تلقى زعيما حزبي المحافظين والعمال أسئلة الجمهور ثم الصحافي جيريمي باكسمان على مرحلتين منفصلتين في المناظرة أمام ملايين المشاهدين. ورفضت ماي أي مناظرة مباشرة مع خصمها العمالي، بينما نجح أكبر حزب معارض في بريطانيا في الاسابيع الاخيرة في التعويض عن الفارق الكبير الذي كان يفصله عن المحافظين في استطلاعات الرأي قبل تعليق الحملة لأربعة أيام على اثر اعتداء مانشستر. وبينما أكد كوربن انه سيعمل على "التوصل الى اتفاق" مع الاتحاد الاوروبي قبل ان تخرج بريطانيا منه، قالت ماي انها "مستعدة للانسحاب" بدون اتفاق. وقالت ماي ان "عدم ابرام اتفاق أفضل من التوصل الى اتفاق سيئ" للمملكة المتحدة، ووعدت بأن تكون "حازمة قدر الامكان" خلال المفاوضات التي ستبدأ بعد أيام من الانتخابات التشريعية المقررة في الثامن من يونيو (حزيران). وأضافت "علينا ان نكون مستعدين للخروج"، مشيرة الى ان البعض في اوروبا "يتحدثون عن معاقبتنا". من جهته، أكد خصمها البالغ من العمر 68 عاما ان "واقع" نتيجة الاستفتاء حول بريكست "يجب ان يحترم"، مؤكدا "سنعمل على ان يكون هناك اتفاق". وقال كوربن "لن نبدأ المفاوضات بدبلوماسية الصوت العالي عبر تهديد اوروبا بنوع من الملاذات الضريبية مقابل سواحل اوروبا"، في انتقاد مبطن لجهود ماي في معالجة قضية بريكست. وبعد ان اكد قبوله "بحكم الشعب"، قال انه يؤيد ايضا "هجرة مضبوطة". إلا انه حرص على التذكير "بالمساهمة الهائلة للعمال المهاجرين في النظام الصحي او النقل". وكان المرشحان أعلنا تأييدهما للبقاء في الاتحاد الاوروبي قبل الاستفتاء الذي صوت فيه 52 بالمئة من البريطانيين على مغادرة االتكتل. وقامت ماي بتفعيل المادة 50 بدء الاجراءات الرسمية لمغادرة الاتحاد الاوروبي في نهاية آمارس (آذار)، مدشنة بذلك برنامج سنتين من المفاوضات قبل الانسحاب. وشكل الامن احد المحاور الرئيسية لهذه المواجهة الاثنين بعد اسبوع على اعتداء مانشستر الذي اسفر عن سقوط 22 قتيلا وأدى الى تعليق الحملة الانتخابية. وتعرضت ماي لانتقادات حادة بسبب اقتطاعات الميزانية التي فرضتها الحكومة المحافظة على الخدمات العامة منذ 2010. وسألت شرطية حول "الخفض" المدمر في عدد افراد الشرطة خلال توليها وزارة الداخلية لست سنوات. لكن ماي ردت بالقول انه على الحكومة التأكد من ان بريطانيا "تعيش بحدود امكانياتها" نظرا "للوضع الاقتصادي الذي ورثناه". واضافت ان ميزانيات قوات مكافحة الارهاب والقوى الامنية بشكل عام لم تمس. ولم ينج كوربن من الانتقادات حول الأمن. لكن الهجوم الأكبر تناول علاقته المثيرة للجدل مع الجيش الجمهوري الآيرلندي وخفض الاعتماد على الطاقة النووية وما اذا كان يفكر في إلغاء الملكية نظرا لطروحاته الجمهورية. إلا انه قال ان "هذه القضية ليست مدرجة على جدول اعمال أحد، وليست على جدول اعمالي بالتأكيد. في الواقع أجريت حديثا لطيفا جدا مع الملكة". وبعد ذلك قام باكسمان، الصحافي المعروف بمقابلاته القاسية، بطرح اسئلته على ماي وكوربن. وكان في 1997 طرح السؤال نفسه 12 مرة متتالية على سياسي يقابله. وحقق جيريمي كوربن نجاحا في هذه المقابلة حتى في نظر أحد أشد معارضيه، الزعيم السابق لحزب "يوكيب" الاستقلالي نايجل فاراج الذي قال انه بدا "صادقا بالكامل" ولو أنه يخالفه الرأي. واضاف فاراج ان "تكرار (لا اتفاق افضل من اتفاق سيئ) أربع مرات سيسمح لماي بالفوز في الانتخابات. لكنها متقلبة وتؤمن بالقليل من الامور". ودعت ماي الى هذه الانتخابات المبكرة التي ستجرى قبل ثلاث سنوات من الموعد المقرر لها، لتعزيز أغلبيتها من أجل إجراء المفاوضات حول بريكست. وبعد ان تصدر استطلاعات الرأي، يواجه حزبها المحافظ تراجعا مؤخرا. وقد تقلص الفارق بينه وبين العماليين من عشرين نقطة الى عشر نقاط.
مشاركة :