بيروت: بولا أسطيح أصدرت وزارة الداخلية اللبنانية، أمس، قرارا يقضي بنزع صفة «النازح» عن اللاجئين السوريين في لبنان الذين يدخلون الأراضي السورية، بدءا من اليوم، واضعة الإجراء ضمن إطار «الحرص على الأمن في لبنان وعلى علاقة النازحين السوريين بالمواطنين اللبنانيين في المناطق المضيفة». ويأتي القرار على خلفية الضجة التي أثارتها مشاركة آلاف السوريين في الانتخابات الرئاسية السورية التي أجريت في مقر السفارة ببيروت، وما تلاها من تداعيات، كان آخرها إحراق مخيم للاجئين السوريين شرق لبنان، أمس. وطلبت وزارة الداخلية، في بيان صدر عن مكتب الوزير نهاد المشنوق، من جميع النازحين السوريين والمسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بـ«الامتناع عن الدخول إلى سوريا، اعتبارا من الأول من يونيو (حزيران) (اليوم) تحت طائلة فقدان صفتهم كنازحين في لبنان»، معربة عن أملها «التقيد بهذا التدبير لسلامة وضع النازحين في لبنان»، مشيرة إلى أن القرار «سيعمم من خلال المديرية العامة للأمن العام على كل المراكز المختصة على الحدود اللبنانية - السورية». وأوضحت الوزارة أن هذا التدبير «يأتي انطلاقا من الحرص على الأمن في لبنان وعلى علاقة النازحين السوريين بالمواطنين اللبنانيين في المناطق المضيفة لهم، ومنعا لأي احتكاك أو استفزاز متبادل»، مشيرة إلى أنها «طلبت من منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي المعنية بشؤون النازحين تحمل مسؤولياتهم الكاملة حيال هذا الموضوع، والعمل على إبلاغ النازحين السوريين بمضمون هذا البيان ومتابعته وإعطائه الأهمية القصوى». وكانت شوارع بيروت المؤدية إلى مقر السفارة السورية في لبنان، شرق العاصمة، غصت يومي الأربعاء والخميس الماضيين بعشرات آلاف السوريين الذين شاركوا في جولة الانتخابات الرئاسية السورية في دول الاغتراب، وسط مقاطعة آلاف آخرين يقيمون في بلدات شمال وشرق لبنان، يغلب عليها طابع التأييد للمعارضة السورية. ودعا أكثر من طرف لبناني بعيد الانتخابات إلى ترحيل اللاجئين الذين اقترعوا لسقوط صفة اللجوء عنهم بذريعة دعمهم للنظام، وبالتالي بطلان أسباب وجودهم في لبنان، بينما كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» عن توجه «لشطب اسم النازح الذي يخرج من لبنان ويعود إلى بلده، من لائحة اللاجئين، حال عودته مجددا إلى لبنان»، مشيرا إلى أن السلطات اللبنانية «ستتعامل معه، إذا قرر العودة، كزائر أو سائح وليس نازحا يكلف الدولة اللبنانية ما يكلفها في ظل غياب المساعدات الدولية اللازمة للبنان». وفي معرض رده على الأصوات اللبنانية التي نددت بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية في سفارة دمشق في بيروت، أسف السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي لـ«ما صدر من تصريحات بعد الانتخابات في السفارة»، موضحا في حديث إذاعي، أمس، أن «مثل هذا الحضور السوري في الانتخابات يجب أن يطمئن اللبنانيين». ورأى علي أن «ما تحدث به البعض بعد الانتخابات مناقض للحقيقة»، لافتا إلى أن «عملية فرز الأصوات تستكمل وسترفع للجنة العليا للانتخابات بعد الانتهاء منها». في غضون ذلك، أحرق عدد من السوريين مخيما يضم 200 لاجئ في منطقة جديتا شرق لبنان، على خلفية مشاركتهم في العملية الانتخابية. وأجهز الحريق الذي اندلع ليل الجمعة - السبت على 20 خيمة كانت تؤوي 30 عائلة أو مائتي شخص، بحسب ما أكدت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين السوريين في لبنان دانا سليمان لـ«الشرق الأوسط». وأشارت سليمان إلى أن القوى الأمنية اللبنانية فتحت تحقيقا بالموضوع، فيما «لا تزال الأسباب الحقيقية وراء الحريق غير معروفة»، لافتة إلى أن المفوضية وشركاءها، جمعية كاريتاس ومنظمة «أنقذوا الطفولة» ومنظمة «العمل لمكافحة الجوع» وبرنامج التغذية العالمي، وكشافة الجراح، يعملون على توزيع المساعدات الغذائية والعينية على اللاجئين المتضررين ويجهدون مع ناشطين من المنطقة لإعادة بناء المخيم «على أمل أن تسلم الخيام لأصحابها ليل السبت - الأحد». بدوره، أشار رئيس بلدية جديتا وهيب قيقانو إلى أن خلافات بين اللاجئين أدت لاندلاع الحريق، من غير أن يستبعد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون سبب الخلاف مشاركة بعض اللاجئين بالانتخابات الرئاسية السورية. وكانت أكثر من مظاهرة منددة بمشاركة عشرات آلاف اللاجئين السوريين يومي الأربعاء والخميس الماضيين بالانتخابات الرئاسية السورية في السفارة في اليرزة، خرجت في مدينة طرابلس شمال لبنان وعرسال شرق البلاد. وخرج العشرات من النازحين يوم الجمعة الماضي في عرسال في اعتصام ضد «انتخابات الموت» كما سموها، وضد الرئيس السوري بشار الأسد. ورفع المعتصمون أعلام الثورة السورية، ولافتات كتبوا عليها شعارات «إذا أسقطت ورقة في صندوق الانتخابات فأنت تسقط برميلا متفجرا على الشعب السوري»، «صح النوم يا عرب»، «الانتخابات الأسدية برعاية عربية وحماية دولية»، «السوريون عشاق كرامة ليسوا متسولين وعبيدا لآل الأسد». وفي طرابلس، خرجت مظاهرة بعد صلاة الجمعة في منطقة «باب التبانة» منددة بمشاركة السوريين في الانتخابات الرئاسية في السفارة، مرددين شعارات طالبت بطردهم، كما نددت بنظام الأسد. وأعلنت مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، أمس، عن ارتفاع عدد المسجلين منهم هذا الأسبوع ليبلغ مليونا و92 ألفا، فيما تؤكد السلطات اللبنانية أن عددهم الإجمالي تخطى المليونين. وأشار بيان صادر عن المفوضية إلى أنها سجلت في شهر مايو (أيار) الماضي وصول 44 ألف لاجئ سوري جديد إلى لبنان، موضحة أن 745 ألفا من اللاجئين استفادوا الشهر الماضي من المساعدات الغذائية، بينما استفاد 50 ألفا من دورات للتوعية الصحية وأكثر من 46 ألفا من الخدمات الصحية. ويعيش معظم هؤلاء اللاجئين إما في شقق استأجروها، وإما في غرف صغيرة، أو لدى عائلات لبنانية مضيفة، وإما في مخيمات عشوائية منتشرة على الأراضي اللبنانية تفتقر إلى أدنى حد من مقومات العيش.
مشاركة :