في برنامج (ست الصبح) الاذاعي في إذاعة (يو اف ام) طرحت المذيعة المبدعة الأستاذة نوف سلطان موضوعاً بالغ الأهمية هو قضية الأعمال المهنية في مجتمعنا ونظرتنا إليها وممارستنا لها. أول ما تبادر إلى ذهني هو الربط بين عنوان البرنامج وتلك الأعمال المهنية التي تتطلب بدء العمل في الصباح الباكر. أما المتطلبات الأخرى فهي كثيرة ومنها ثقة الإنسان بنفسة واعتزازه بمهنته، وامتلاك المؤهلات والمهارات اللازمة للمهنة، والتطوير المستمر، وعدم الاهتمام بالآراء المحبطة. تفاعلَ المستمعون مع القضية بشكل جيد وبعضهم سردوا تجاربهم ونجاحاتهم الشخصية. التفاعل الإيجابي يشير إلى أن مجال الأعمال المهنية يوفر فرص عمل كثيرة للسعوديين وأن النظرة إليها بدأت تتحول إلى نظرة إيجابية لكنها تحتاج إلى مزيد من التفعيل حيث لا تزال فئة من الناس تعتقد أن هذه الأعمال ليست للسعوديين وهو اعتقاد متأثر بالعادات وليس بشيء آخر، وهي عادات جديدة لم تكن موجودة في الماضي. الآباء والأجداد ليس في قاموسهم كلمة (عيب) حين يتعلق الأمر بالعمل الشريف. أما الآن أصبحت حتى النخلة التي نعتز بها ونعتبرها أحد الرموز الوطنية صار الوافد هو الذي يزرعها ويعتني بها ويجني ثمارها ويتاجر بها. ولعلي هنا (ومن أجل تذليل قانون العيب) أستعين بدراسة أعدها الدكتور سليمان بن فالح الصغير بعنوان (العمل المهني في الإسلام، مطلب شرعي وضرورة حضارية) وهي دراسة مفهوم العمل المهني في الإسلام وإحياء المبادئ والقيم المثلى التي جاء بها. وتتلخص النتائج التي خرجت بها الدراسة فيما يلي: - إن العمل بمفهومه العام يشمل كلاً من المهنة والحرفة كما يشمل الأعمال الفنية والتقنية والمهنية باصطلاحاتها الحديثة. - إن نظرة الإسلام إلى العمل والحرف والمهن نظرة كلها تكريم وإجلال تكمن في أن جعلها ضرورة حياتية ورتب عليها الأجر وجعلها أفضل الكسب وجوهر العبادة. - العمل جهاد ومكفر للذنوب وموجب للأجر الدنيوي والأخروي. - إن التعليم المهني والفني والتقني ضرورة اجتماعية وحضارية في العصر الحديث لما له من أهمية كبيرة في تنمية القوى البشرية. - العمل سبب لدرء الفساد الذاتي والاجتماعي ووسيلة لدفع الفقر. - إن الإسلام دين العلم إذ لا يعرف التاريخ أمة ترفع من شأن العلم وأهله كأمة الإسلام وممارسة العمل لا تقل أهمية عن العلم والتعليم. - محاربه الإسلام للبطالة والكسل والخمول وسعيه إلى القضاء عليها بجميع أشكالها وصورها. - إن للعمل مبادئ وقيماً إسلامية مثلى بينتها الشريعة الإسلامية وحثت عليها. - إن علاج ضعف الأمة الاسلامية وتفرقها وإعادة بناء اقتصادها ودعم قوتها واستقلالها يكمن في إدراك أفرادها ومجتمعاتها للمبادئ والقيم الإسلامية للعمل، وبخاصة العمل المهني ومكانته في الإسلام والعمل الجاد على ضوء هذه المبادئ والقيم. - فضيلة الأخذ بالأسباب المشروعة وأنها لا تنافي التوكل على الله. - امتهان السؤال سبب في وجود كثرة العاطلين في المجتمع الإسلامي. - تحريم السؤال على من كان قادراً على العمل. - أهمية التخصص في الأعمال وأنه من أبرز أسباب النهضة الشاملة التي يعيشها العالم اليوم. - إن الإخلاص يحول العادة المباحة إلى قربة وعبادة. - إن العمل المهني مطلب شرعي قبل أن يكون ضرورة حضارية. (المصدر، مجلة التدريب والتقنية/ عدد 11/ 1420). ذلك هو موقف الإسلام من العمل بشكل عام والعمل المهني بشكل خاص أردنا التذكير به لأنه أقوى من العادات التي تسيطر على البعض وتبعدهم عن أعمال مهمة ومؤثرة في مسار حياتهم وفي مسار وبناء المجتمع وتنميته الشاملة. أعرف أننا أمام قضية أو مشكلة لا تحل بالتنظير والكلام المثالي وهذا يدفعنا للتفكير في البرامج العملية المنطلقة من استراتيجية وطنية لتحقيق نقلة نوعية في هذا المجال.
مشاركة :