تدني معدلات الادخار المصرية يقوض الطموحات الاقتصادية بقلم: محمد حماد

  • 5/31/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تدني معدلات الادخار المصرية يقوض الطموحات الاقتصاديةأكد محللون أن الحكومة المصرية تحتاج إلى آليات غير نمطية لمعالجة التشوهات الهيكلية للاقتصاد وتعزيز معدلات الادخار لتمويل توسعاتها الاستثمارية. وقالوا إن انخفاض معدلات الادخار يعرقل نجاح استراتيجية 2030 التي تهدف إلى ضخ استثمارات بنحو 30 مليار دولار سنويا.العرب محمد حماد [نُشر في 2017/05/31، العدد: 10649، ص(10)]بيروقراطية الجهاز المصرفي تنذر معدلات الادخار المتدنية بمصر بتحد كبير يواجه طموحات الحكومة الاستثمارية، في ظل عدم وجود مؤشرات على اتجاه للادخار جراء تباطؤ مؤشرات الاقتصاد. ويعاني اقتصاد البلاد من خلل هيكلي نتيجة قلة معدل الادخار في البلاد الذي تراجع إلى نحو 5.8 بالمئة خلال العام المالي الماضي، مقارنة بمعدلات قياسية عند 14 بالمئة قبل عام 2010. وأدى هذا الخلل إلى تفاقم أزمة منظومة الاستثمار في البلاد بسبب ارتفاع الفجوة مع معدل الادخار بنحو 9.2 بالمئة بعد أن سجل معدل الاستثمار نحو 15 بالمئة. وتقول وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري إن معدل الاستثمار بمصر منخفض للغاية، مقارنة بنحو 46 بالمئة في الصين، و30 بالمئة في المغرب، على سبيل المثال. وأكد اقتصادي كبير بصندوق النقد الدولي، فضل عدم ذكر اسمه، لـ“العرب” أن مشكلة مصر تتمثل في تراجع معدلات الادخار الحكومي، لأن القطاع الخاص لن يضخ استثمارات جديـدة إلا إذا لمـس اتجاه الحكـومة لضخ سيـولة في شـرايـين الاقتصـاد. وأوضح أن الاستثمارات الحكومية خلال الفترة الحالية ستعزز من معدلات نمو اقتصاد البلاد، في ظل ارتفاع معدلات الفائدة الكبيرة على ائتمان الشركات.محمد معيط: الحكومة لا تدخر وتمول جميع استثماراتها من الموازنة العامة للدولة وقررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري مؤخرا رفع سعري الفائدة على الإيداع والإقراض بنحو 200 نقطة أساس لتصل إلى 16.75 بالمئة للإيداع و17.75 بالمئة للإقراض. وتستهدف القاهرة ضخ استثمارات جديدة بنحو 7.5 مليار دولار خلال العام المالي المقبل، مقارنة بنحو 5 مليارات دولار خلال العام المالي الحالي. وقال محمد معيط نائب وزير المالية لشؤون الخزانة لـ“العرب” إن “الحكومة المصرية لا تدخر بل تمول استثماراتها من الموازنة العامة للدولة”، ولفت إلى أن الحكومة تستهدف زيادة معدلات النمو الاقتصادي خلال العام المالي الجديد بنحو 4.6 بالمئة عبر التوسع في الإنفاق الاستثماري. وتستهدف الحكومة زيادة مواردها المالية بالتوسع في فرض الضرائب التي تمثل 40 بالمئة من إجمالي حجم إيرادات الموازنة العامة للبلاد، أي نحو 33.5 مليار دولار من إجمالي 83 مليار دولار حجم الموازنة الجديدة عن العام المالي 2017-2018. وأشار محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، في تصريح لـ“العرب” إلى أن الحكومة تواجه تحديات خطيرة تتمثل في كيفية زيادة معدل الادخار لتحقيق النمو المستهدف الذي يحتاج سيولة ملائمة. وقال إن “الحكومة بإمكانها التغلب على تراجع الادخار عبر تهيئة بيئة تشريعية واقتصادية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعويض الاقتصاد بالتدفقات الخارجية لتحقيق النمو، ويتطلب هذا أيضا تحول الأنشطة الاقتصادية إلى الإنتاج بدلا من الاستيراد والاستهلاك”. ويعج الجهاز المصرفي بحجم مدخرات غير مسبوق للأفراد، بعد الارتفاعات القياسية في سعر الفائدة منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي حتى قرارات لجنة السياسة النقدية مؤخرا. ووصل معدل الارتفاع على ودائع التوفير والحسابات اليومية إلى نحو 500 نقطة أساس خلال الستة أشهر الماضية، ما شجع الأفراد على التوسع في إيداع مدخراتهم بالبنوك، فضلا عن طرح الجهاز المصرفي شهادات ذات عائد ادخاري مرتفع يصل إلى نحو 20 بالمئة. ويقول عادل إن رفع معدلات الادخار يحتاج تحركا أكبر من الجهاز المصرفي لتجميع المدخرات الصغيرة التي لا تدخل للبنوك، عبر السماح لهيئة البريد بإطلاق بطاقات دفع على حسابات المودعين لديها بالتزامن مع خطة تدشين ماكينات صرف آلي بمكاتب البريد، مما سيعمل على تنشيط حجم التعاملات. وكان طارق عامر محافظ البنك المركزي قد قال إن “قرار رفع سعر الفائدة تسبب في زيادة الودائع خلال تعاملات يومي الخميس والأحد الماضيين بنحو مليار دولار”، وهو مؤشر على اتجاه الأفراد للتخلص من الدولار للبنوك والاستثمار في المدخرات ذات العائد المرتفع بالبنوك. ويصل إجمالي المدخرات إلى 115 مليار دولار. وأظهرت بيانات المركزي ارتفاع معدلات نمو الودائع بالبنوك بنسبة 22.6 بالمئة، واستحوذ القطاع العائلي على نحو 79.4 بالمئة. وأكد الخبير المصرفي أحمد آدم أن حجم الودائع بالبنوك الأجنبية والعـربيـة العاملة في السوق المصـرية شهد نمتوا الفتـرة الماضية، لكن هذه الودائع كانت “وهمية” بسبب عرض البنوك أسعار صرف مرتفعة للدولار واليورو وسلة العملات العربية، ما أدى إلى سحب عدد كبير من المصريين لودائعهم وتحويلاتهم من البنوك العامة وتغييرها في هذه البنوك. وتعد تلك الحركة تغييرا في دورة النقود فقط وليس نموا في حجم الودائع الناتجة عن ادخار حقيقي ناتج عن فائض لدى الأفراد، بل نتج عن فروق سعر صرف العملة فقط. وقال آدم لـ“العرب” إن “زيادة معدلات الادخار تتطلب تفعيل قرار المركزي، بإنشاء فروع صغيرة للبنوك بالمحافظات والمناطق النائية وإصدار البنوك لشهادات استثمار بفئات صغيرة، وإطلاق حملة توعية مكثفة بأهمية الادخار مهما صغرت قيمته”.

مشاركة :