دعوة إلى حركة جذرية تعمل بشجاعة على إقامة نظام تعايش إنساني كتاب “قانون التسامح” للباحث الألماني هوبرتس هوفمان يمثل نداء يدعو إلى تعزيز أوسع للسماحة والاحترام تجاه أديان وأقليّات إثنيّة وأعراق مختلفة، وذلك بمبادرات صغيرة وشجاعة نبيلة. الكتاب يمثل تحريضا على توسيع المشاعر القلبية والإحساس الإنساني ومحبة الناس في القرية العالمية، وفي الوقت نفسه يفنّد كل مقولات التطرف الديني أو السياسي.العرب محمد الحمامصي [نُشر في 2017/06/01، العدد: 10650، ص(13)]ضجيج التطرف لم يحل دون تبين هدوء التعايش الإنساني هوبرتس هوفمان أكد في كتابه، الصادر عن دار العربي للنشر وترجمة عادل خوري، أن كلّ واحد منّا يمكنه أن يضيف قطعة في تركيبة السماحة في جميع أجزاء الأرض والثقافات والاتجاهات الدينيّة، وقال “نجد أمثالا صغيرة وكبيرة ممتازة، تدلنا كيف يمكننا أن نحسن عيشنا المشترك، وقد بدأتُ في هذا الكتاب أجمع المئة الأولى منها وأعرضها عليكم، هي الأمثال المثالية للسماحة. كلها تبين أن السماحة تمكن ممارستها. فبفضل بعض الآلاف من الأنشطة على الصعيد المحلي والوطني والدولي نستطيع أن نعزز معا المحبّة والسلام ونقيم سدّا أمام الشر. فلنقتد بهذه المُثُل الصالحة”. القسم الأول من الكتاب يحلل ثمار التسامح الذهبية في الأديان العالمية الكبرى، خصوصًا في الإسلام. فنصف الكتاب يعرض تعاليم القرآن والنبيّ محمّد تجاه أتباع الأديان الأخرى، والقطع العشر للسماحة في الإسلام. وفيه رأى هوفمان “إنّ هذا الدين يختبره الكثيرون اليوم كدعوة إلى التعسف، لذلك تم الاهتمام به اهتماما أوسع من الأديان الأخرى. يلحق بعد ذلك وصف مقتضب لتطوّر أخلاقيّات عالميّة وأبحاث في النسبيّة الأخلاقيّة، وفي حدود السماحة وفي علم النفس والسماحة. شرائع السماحة توجد في جميع الأديان، لكننا نسينا هذه الحجارة الثمينة الكامنة في الثقافة العالمية فقد دحرت بضجيج التطرف في المقطع الأخير تشير ستون من شرائع السماحة إلى الطريق الذي يمكننا من أن ننشئ معا عالما أفضل. هي قواعد عملية لكل واحد منا، وللقادة الدينيين، وللوالدين والمربّين والمدارس، ولوسائل الإعلام والصحافيين، ولأصحاب الأمر السياسيين، ولحقل الرياضة البدنية والثقافة. ممارستها تستطيع أن تحسن تحسينا فعّالا تعايش مختلف الأديان والأقليات والأعراق، وتقيم سدّا أمام المتشددين”. وأضاف “شرائع السماحة هي جوابنا الإنساني كمواطنين عالميين ضد دعاة البغض. لا يجدر بنا أن نشكو من وجود المتشددين الذين يثيرون البغيضة ضد أتباع الأديان الأخرى والأقليات والأعراق الأخرى، كما جرى ذلك في كل زمان وفي جميع أنحاء العالم. علينا أن نخجل من أننا بسبب ركوننا إلى الصمت نفسح لهم في المجال الحر لتوسيع مجال الشر”. وأوضح هوفمان أن المصالحة مع الأقليّات الإثنية هي عامل إضافي مهم لسماحة فعالة، ونحن نختبر أهميتها بالنسبة إلى السلام الداخلي في هذا العام في قضية القرم وأوكرانيا، وكذلك في سوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي والعراق. هنا تقف المصالحة الصغيرة بين الإنسان والإنسان في نقطة الوسط. ورأى هوفمان إن البحث عن قطع التسامح الذهنية يقودنا إلى بلاد كثيرة متنوعة الثقافة، مثل أفغانستان وما يعاني من أوجه القتال، وجبال القبائل الباكستانية، والعراق الممزق، والأرض المقدسة الرازحة تحت ألوان النزاع من البحر المتوسط إلى دولة الأردن، وعالم التعدد في الهند، وأفريقيا الجنوبية التي نعمت بالمصالحة، والبرازيل اللطيفة، والبلقان الذي وجد الآن السلام، والفاتيكان وبولونيا الكاثوليكية. إن وزير التربية والعلوم في الإمارات العربية العربية، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، رفع في 10 مارس 2008 الانطلاقة لمبادرتنا هذه بدعوته لي لإلقاء حديث عن “الشرائع الإنسانيّة للسماحة والاحترام” أمام 1800 امرأة- منهنّ جين فوندا- في إطار “الندوة حول مهمّة النساء كقادة شاملة”، في جامعته في دُبي.دعوة لتعزيز أوسع للسماحة والاحترام تجاه أديان وقال “وافق الدلاي لاما على حديث حول السماحة في البوذيّة. وقد ساهم أيضا كثيرون بإدلاء آرائهم، منهم الإمـام وكبير المُفتين وآية الله والغورو والكرادلة والأساقفة والأمراء العرب، والعلماء والسياسيون الملتزمون من أنحاء العالم. والعالم الشهير في حقل الإسلاميات، البروفسور الـدكتور عادل تيودور خوري هو مؤلف عدد كبير من الكتب وواضع ترجمة للنصّ القرآني نلجأ إليها هنا. وقد طالع للتصحيح القسم الواسع حول الإسلام. وصديقاي رئيس الأساقفة ألفونس نُسّول من أبولة في سيلازيا العليا ببولونيا، والمنسنيور أرتفين غِبَوَّر، نبّها إلى عرض شرائع التسامح المسيحية، وطالعا الفصل الذي يبحث في موضوع المسيحية والسماحة. والمؤرخ اليهودي الذي يعيش في القدس أوفر فالدمان قدّم اقتراحات عن تثبيت السماحة في الدين اليهوديّ. وكشف هوفمان أنه أثناء الأحاديث الكثيرة طرحت ونوقشت الكثير من التساؤلات، هل يسود المتطرفون القلائل عالمنا لأن الأكثرية صامتة تميل بنظرها؟ أي القيم الأخلاقية علينا أن نبلغها لأولادنا، وكيف يمكننا أن نورثهم عالما أفضل تزداد فيه السماحة والاحترام والمحبّة؟ هل من الممكن أن نجد قاعدة مشتركة بأخلاقيات عالمية بين المسيحيين والمسلمين والهندوسيين والبوذيين واليهود؟ كيف يمكننا أن نتجنب اصطدام الأديان والثقافات المختلفة؟ كيف نقوم بالمصالحة والانضمام مع الأقليّات؟ ما على المواطن الفرد أن يفعل وكيف؟ وأكد أن شرائع السماحة توجد في جميع الأديان العالمية والثقافات المختلفة في الأرض، لكننا للأسف، نسينا هذه الحجارة الثمينة الكامنة في الثقافة العالميّة. فقد دُحرت إلى الوراء بضجيج المتطرّفين. إنّا نجد “شرائع السماحة” في الإسلام والمسيحيّة واليهوديّة والهندوسية والبوذية، تلك المطالبة بالاحترام وأيضا بالمحبة تجاه الإنسان خليقة الله، وبحماية كرامته التي لا تهدر. فقد سبق البابا يوحنا بولس الثاني أن أعلن في خطبة له “إن أقصر طريق للإنسان إلى الله، هو الإنسان الآخر”. وطالب هوفمان بحركة جذرية تعمل بشجاعة ووضوح على إقامة نظام سماحة عالمية أفضل. وذلك بأن نتخطى النسبيّة الأخلاقية والموقف الحيادي ونغادر فراغ عدم الاكتراث ونتغلّب على البغض ونكسب بالمقابل لهذا المشروع أصدقاءنا وجيراننا ومؤيدين مشهورين، وسياسيين أيضا. ولا هَمّ إن كان الواحد منا مَن يحاول تحسين أوضاع العالم أو متشائما أو كان مسيحيّا مؤمنا أو مسلمًا أو من المفكرين الأحرار. فإننا إن نحن اجتهدنا بخطوات صغيرة في تحسين وضع عالمنا، عند ذلك فقط نستطيع أن نُحرز تغيرات وندحر الأقلية المتشددة. لا ننتظر مبادرة الأمم المتحدة أو أصحاب السياسة عندنا. بل لنبدأ نحن كمواطنين لنبيّن لأولادنا أنّه يمكن إرساء عالم أفضل وذلك بنشاطنا نحن. لنتعلّم من الأديان العالميّة القواعد الذهبيّة للسماحة. لنفتح في كتاب السماحة فصلا جديدا شخصيّا بمزيد من الاحترام وحب البشر في قريتنا العالمية. لنحتلّ العالم بالمحبة والاحترام وبقدر أكبر من السمـاحة ونستعيده من قبضة المتشدّدين.
مشاركة :