بيروت: نذير رضا باتت مقدمة نشرة الأخبار في قناة «إم تي في» الإعلامية جيسيكا عازار وجها مألوفا منذ انطلاقتها على الشاشة. يتوقف الناس عند جمالها، وعفويتها، وقدرتها على قراءة الأخبار السياسية بحيادية واضحة، وتفاعلها مع الخبر الإنساني، فضلا عن أدائها. لا تنفي أن الجمال له انطباعه الأساسي، لكنه لا يُعول عليه في تقديم النشرة التي تعتبرها حلما تحقق. لا تزال عازار على قناعة بأن المراسل يصنع الخبر، وتصف نفسها بالذكية حين تعمل كمراسلة، ذلك أن المراسل «يصنع الخبر ولا يقرأه فقط». وعلى هذا الأساس، تنزل إلى الميدان وتنفذ تقاريرها، إلى جانب قراءتها لنشرة الأخبار. تجربتها الإعلامية كمراسلة ومقدمة لنشرات الأخبار، تتحدث عنهما جيسيكا عازار في هذا الحوار. * هل تعتبرين نفسك محظوظة لتقديم نشرة الأخبار بدلا من برنامج يعرض مرة في الأسبوع؟ - منذ البداية، نشرة الأخبار كانت بمثابة حلم لي، وحين دخلت مراسلة إلى «إم تي في» كنت أنوي التقدم لأصبح مقدمة نشرة أخبار، وطورت قدراتي على هذا الأساس. * لكنك ما زلت تحبين موقعك كمراسلة؟ - بالتأكيد. حين أعمل الآن كمراسلة ميدانية، أقول لمديرية الأخبار إنني اشعر بأنني ذكية. * لماذا؟ - المراسل يصنع الخبر، وينقل الحدث الذي يحتاج إلى جهد، رغم أن تقديم الخبر هو مسؤولية أيضا. حين أعمل مراسلة، أشعر بأنني صنعت الخبر ولم أقرأه فقط. بالإضافة إلى أن نشرة الأخبار تقوم على المراسلين. * لكن المذيع يستطيع أن يصنع الخبر أيضا بطريقة أدائه؟ - مسؤولية المذيع أن ينقل الخبر بكل موضوعية، وبأمانة، تقديرا لتعب المحررين في غرفة الأخبار، واحتراما للمشاهد ولعمل المراسل وسائر طاقم الأخبار. * هل تستطيعين أن تكوني محايدة؟ - في كثير من الأوقات أنا محايدة، ولا تظهر علامات التفاعل على وجهي تأييدا أو معارضة لحدث سياسي. * إلا في قراءة الخبر الميداني السوري؟ - حين يتضمن الخبر دماء يظهر علي التأثّر، لأنني في النهاية إنسانة، والمشاهد يتأثر في منزله، كما أنني أبتسم إذا كان الخبر مفرحا. أما بخصوص التقارير الميدانية السورية فإنني أتفاعل معها لأنه لا يمكن لأحد ألا يتفاعل مع مشاهد أطفال قتلى، كما أن أي شخص لا يحب أن يسمع أصوات حرب. أتفاعل مع التقرير الميداني السوري كما أتفاعل مع الميداني من غزة وغيرهما.. ولا تنس حجم تأثير التطورات السورية على الداخل الميداني. * برأيك، متى تتحول مقدمة نشرة الأخبار إلى نجمة؟ - عدة عوامل تسهم في ذلك، أهمها المحطة التي تطل عليها المقدمة. ونشرة الأخبار في حد ذاتها تساعد، بالإضافة إلى أسلوب المقدمة في قراءة النشرة، وهو ما يُصطلح على تسميته «كاراكتر». * لماذا استثنيت الجمال والأداء؟ - «الكاراكتر» يتضمن الجمال والأداء والشكل والتصرف أمام الكاميرا. الجمال يلفت النظر في أول انطباع، لكن شخصية المقدم والتصرف أمام الكاميرا والتفاعل معها، هي مهارات تصنع النجم. * لو كنت مقدمة على شاشة أخرى، هل كنت لتحصلي على الشهرة التي حصلت عليها على «إم تي في»؟ - لا، لو كنت على محطة لبنانية أخرى، لما حصلت على الشهرة التي حصلت عليها هنا. * والشهرة العربية؟ - سيكون المشاهدون من نمط مختلف، ولو كنت على محطة عربية لكانت اختلفت نوعية المشاهدين. * مقدمو نشرات الأخبار على القنوات العربية يعتبرون أنفسهم مظلومين رغم أن حجم المشاهدة أكبر.. - قد لا يحقق مقدم نشرات الأخبار على قناة عربية النجاح والشهرة ذاتهما اللذين يحظى بهما في محطة محلية، بسبب امتداد الجمهور وتنوعه وبعده عن موقع المحطة نفسها. أنا كلبنانية أستطيع أن ألتمس التفاعل وردود الفعل على الساحة اللبنانية بسرعة، لأنني على تواصل مباشر معهم، لكن كل محطة لها وقعها. على «الجزيرة» و«العربية» مثلا، ستجد أسماء كبيرة جدا في تقديم الأخبار. * هل يستطيع مقدم يتمتع بتجربة صغيرة لا تزيد على أربع سنوات أن ينافس هؤلاء النجوم الكبار على المحطات الفضائية؟ - لا أعتقد ذلك. هم مخضرمون ويمتلكون خبرة كبيرة، كما أن شاشتهم استمرت أكثر منا، حيث إن «إم تي في» توقفت عن البث سبع سنوات. شخصيا، أنا ما زلت في أول الطريق، وفي بداية عمري المهني، وأشكر الله أنني حتى هذا الوقت أحاول ألا تكون عندي انطباعات سلبية. بالنسبة لي، أنا راضية عن نفسي وتجربتي. * ما هي أهم عوامل الاستمرارية؟ أن يهتم الإعلامي بعمله، ويمنحه أولوية. بالنسبة لي محبتي لهذه المهنة هي الأساس، لذلك آتي إلى العمل مرتاحة وسعيدة، لأن الإعلامي إذا لم يكن مرتاحا في مهنته والمؤسسة التي يعمل فيها فإنه لن يتمكن من العطاء أكثر، والاستمرار في عمله. أنا أبذل الكثير من الطاقة لأحسّن وضعي وأتطور في المهنة، ولا أكتفي بما أتمتع به من ملكات، كما أنني لا أبخل في المواظبة على تقديم المزيد والتمتع بمهارات إضافية. * هل تستطيعين أن تصفي ما الذي يعنيه أن يكون الصحافي ناجحا؟ - محبة المهنة هي أساس النجاح. يجب على الإعلامي أن يقدم للمهنة ما بوسعه، على الرغم من أن مهنة الصحافة هي مهنة مرهقة نسبيا. إلى جانب ذلك، يجب أن يكون موضوعيا. وبرأيي، النجاح يتمثل في أن يبقى المذيع محايدا ولا يتفاعل مع الخبر، بل يترك للجمهور أحقية التفاعل معه. والحياد هنا يتمثل في إبقاء تعابير وجهه عادية، دون أن يظهر الرأي السياسي في طريقة تقديم الخبر. * من هو قدوتك في الإعلام في لبنان؟ - أقدّر الإعلاميين اللامعين والبارزين، وأتابعهم، وهم ليسوا قدوة لي وحدي، بل قدوة لكل الناس وكل الصحافيين، مثل الإعلامي جورج غانم الذي تفتقد إليه الساحة الإعلامية اللبنانية، كذلك الإعلاميين وليد عبود ومي شدياق اللذين تتلمذتُ على أيديهما، فضلا عن الإعلاميين مارسيل غانم ودوللي غانم وسعاد قاروط العشي. وبرأيي، كان رياض شرارة أيضا الظاهرة اللبنانية التي قلبت مقاييس الإعلام في لبنان في التسعينات، نظرا لقربه من الناس وملامستهم. * ما هي ملاحظاتك على أدائك الشخصي؟ - في البداية، كنتُ أجد صعوبة في لفظ كلمة تتضمن حرفي (قاف) مثل حقق، أو تحقيق أو.. هذه الكلمات كنتُ أخرجها بصعوبة بعد تركيز بالغ. * هل تعتقدين أن للمذيعة عمرا محددا؟ - تقديم الأخبار يختلف عن تقديم البرامج، حيث يمكن لمذيع الأخبار أن يطول أمد ظهوره على الشاشة لأنه كلما تقدم في العمر أصبح يتمتع بمصداقية أكبر بالنسبة للمشاهدين، وجدية أكبر، فضلا عن أنه يمتلك خبرة أكبر على هذا الصعيد. * بعد نشرة الأخبار، في أي موقع ستجدين نفسك؟ - ما زلت مكتفية في مكاني، وأحتاج وقتا لإثبات نفسي في هذا الموقع. لم أقدم كل ما أمتلكه في نشرة الأخبار، وأعتبر أنني أمتلك الكثير لأقدمه في هذا المجال. اليوم أطمح أن أكون على قدر الثقة التي منحتني إياها المحطة، وأن أحفر صوتي وصوتي في ذاكرة المشاهدين. * جيسيكا، خارج إطار نشرة الأخبار، ماذا تشاهدين على التلفزيون؟ - البرامج الكوميدية مثل برنامج «ما في متلو»، والاجتماعية مثل برنامج «حديث البلد»، و«التوك شو» السياسي، وتحديدا برنامج «بموضوعية» الذي يقدمه الإعلامي وليد عبود. * ما هي نصيحتك لطلاب الإعلام والصحافيين الشباب في بداية عملهم الإعلامي؟ - أن يهتموا بالمضمون الذين يقدمونه، والمتابعة الدائمة للأحداث، والمثابرة، فضلا عن الاطلاع الدائم على كل ما يجري، والقدرة على التمييز بين الحقائق والدعاية.
مشاركة :