.. وإذ يكفيك من القلادة ما يحيط بالعنق فإن هذا الكتاب يحتاج إلى عدة مقالات لكن القارئ لجريدة يومية سيارة تكفيه مقالتان عن هذا الكتاب العميق. نقول إنه كتاب عميق، فلا يطالعه إلا العلماء كمثل البحر العميق لا يعوم فيه من لا يجيد السباحة وإلا غرق وصار طعاما للحيتان. فالناظر في الكتاب وقد جمع الأحاديث المختلفات فقد يستجره الظن السيئ إلى ترك الحديث ويكتفي بالقرآن وتكون قصته كمثل من سئل ألا تصلي الظهر؟ فقال أنا أجمع بين الظهر والعصر. فقيل له: أنت تجمع بينهما بالترك. وقد صدّر المؤلف الشيخ أسامة بن عبدالله خياط كتابه مختلف الحديث هذا بكلام أبي بكر الباقلاني: «وكل خبرين عُلِمَ أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهما فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين».. ويقول أيضا رحمه الله: «متى علم أن قولين ظاهرهما التعارض ونفي أحدهما لموجب الآخر، أن يُحمل النفي والإثبات على أنهما في زمانين، أو فريقين أو على شخصين، أو على صفتين مختلفتين، وهذا ما لابد منه مع العلم بإحالة مناقضته صلى الله عليه وسلم في شيء من تقرير الشرع والبلاغ». وعلى هذا فإن المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أشكل على الرواة. فقد تصدى له علماء الحديث وبينوا الناسخ والمنسوخ والمخصص والمطلق وكذا جمعوا أو رجحوا فيما بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض. ولقد نقل إلينا الثقات عن الثقات هذا الحديث النبوي الشريف، وبينوا لنا ما هو الصحيح وما هو الحسن، والضعيف والمردود والغريب والعزيز والمشهور والمرسل والمعضل والمختلف. وقد جمع الشيخ الهندي معظم أحاديث رسول الله وآثاره وتقريراته في كتاب (كنز العمال). وهو مجموع في 18 مجلداً وقد ضم نحو 50.000 حديث. وقد راجع فضيلة الشيخ أسامة 334 حديثا ورد كل منها بنص مختلف عن حديث آخر.. والكتاب حلقة من حلقات دراسة وحفظ وتمحيص ونقل حديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وقد تمنيت لو أن الشيخ أسامة زاد من استشهاداته من الشعر العربي تدعيما لقيمة الكتاب، كما لاحظت بعض الأخطاء المطبعية، وجل من لا يسهو. السطر الأخير: قال تعالى : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.
مشاركة :