أخلت الشرطة المغربية أمس سبيل نوال بن عيسى، الناشطة التي تسلمت قيادة الاحتجاجات في الحسيمة بعد اعتقال ناصر الزفزافي، زعيم الحراك الاجتماعي، وذلك بعد الاستماع إليها. وكانت الناشطة وهي أم لأربعة أطفال قد كشفت صباح أمس أنها ستسلم نفسها لمصالح الأمن، بعدما علمت أنه صدر في حقها مذكرة بحث واعتقال، وأوضحت في شريط فيديو بثته أمس على حسابها، أنها ستسلم نفسها تفاديا لإخافة أبنائها الأربعة. وأفادت السلطات المحلية لإقليم الحسيمة أمس، بأنه تمت معاينة مجموعة من الأشخاص يقومون بجولات على المحلات التجارية وتهديد أصحابها لدفعهم إلى إغلاق محلاتهم. وأعلنت السلطات أنه «نظرا لما تمثله هذه التصرفات من خرق للقانون، سيتم التوقيف الفوري لكل من أقدم على هذه الأفعال والبحث معه تحت إشراف النيابة العامة المختصة». في سياق متصل، تناقلت مواقع التواصل أمس شريط فيديو لوالدة الزفزافي، التي دافعت عن ابنها، ونفت تهمة حصوله على تمويلات خارجية، وقالت في مقابلة مع موقع إلكتروني: «نحن لا نملك مال المغرب، فبالأحرى مال الخارج. نحن ضعفاء ولا نملك شيئا». في غضون ذلك، قال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، إن قضية احتجاجات الحسيمة حاضرة لدى الحكومة وتتابعها عن كثب، مشيرا إلى أنه حث الوزراء على تتبع المشروعات التي أعلن عن إنجازها في المدينة بـ«فعالية وبطريقة معقولة وسريعة». ويأتي تصريح العثماني، الذي أدلى به خلال ترؤسه أمس الاجتماع الأسبوعي للحكومة، ردا على عدد من وسائل الإعلام التي انتقدت «صمته» تجاه ما يحدث في المدينة التي تعيش على وقع احتجاجات شعبية أدت إلى اعتقال عدد من النشطاء. وأوضح العثماني أن حكومته تتابع مشروعات التنمية التي أطلقت في المدينة، موضحا أنه سبق لوفد وزاري أن زار الحسيمة للاطلاع على سير تلك المشروعات، سواء تلك التي تأخر تنفيذها أو المشروعات التي تسير فيها الأشغال وفق الموعد المحدد، لافتا النظر إلى وجود مشروعات استراتيجية في المدينة، مثل بناء مستشفى الذي «لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها». وكان بناء مستشفى متخصص في علاج مرضى السرطان أحد مطالب المحتجين، لا سيما في ظل ارتفاع نسبة المصابين بهذا المرض في المنطقة. وفي المقابل، دعا العثماني خلال اجتماع الحكومة، الذي قدم خلاله محمد أوجار وزير العدل والحريات تقريرا حول الاعتقالات التي جرت في الحسيمة، إلى ضرورة حماية الممتلكات العامة والخاصة، والحفاظ على الأمن العام «لأن تعزيز أمن واستقرار البلاد سيستفيد منه جميع المواطنين». وكشف رئيس الحكومة المغربية أنه عقد اجتماعا مع وزيري الداخلية والعدل بشأن أحداث الحسيمة، جرى خلاله التأكيد على أنه «ينبغي في أي عملية احترام حقوق الإنسان، والإجراءات القانونية»، ردا على الانتقادات التي وجهتها جمعيات حقوقية بشأن حملة الاعتقالات التي طالت نشطاء الحراك الاجتماعي. وفي المقابل، دعت أحزاب الأغلبية الحكومية، الحكومة إلى مزيد من التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لسكان إقليم الحسيمة وغيرها من مناطق البلاد. وأكدت أحزاب الأغلبية الحكومية وهي العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، والتقدم والاشتراكية، في بيان لها أصدرته عقب اجتماع عقدته مساء أول من أمس برئاسة رئيس الحكومة، وبحضور وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان ووزير العدل، على «الحق في الاحتجاج تعبيرا عن المطالب الاجتماعية المشروعة، وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل»، مذكرة أنه «من واجب الجميع صيانة ممارسة هذا الحق من أي إخلال أو شطط، والعمل على تعزيز نهج الحوار، واحتضان تطلعات المواطنين والمواطنات في الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية». ودعت أحزاب الأغلبية في البيان الذي خلا من تهم الانفصال وتلقي أموال من الخارج، التي وجهها بعض ممثليها إلى المحتجين في اجتماع سابق مع وزير الداخلية، إلى «تسريع وتيرة إنجاز مشروعات التنمية والتعامل بحزم في تفعيلها»، منوهة بـ«نهج الحوار الذي اتبعته الحكومة والسلطات المحلية في تعاملها مع تلك الاحتجاجات، والتعامل المسؤول لقوات الأمن». كما دعت «الجميع إلى العمل على حماية الممتلكات العامة والخاصة واحترام المؤسسات، تعزيزا للأمن والاستقرار»، وطالبت الحكومة بالتواصل بشكل أفضل مع الرأي العام بشأن الأحداث عبر مختلف قنوات الإعلام والتواصل. من جهته، قال مصطفى الخلفي، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن الحكومة تؤكد من خلال وزارة العدل تجاوبها مع كل الطلبات المقدمة من طرف المحامين والعائلات لزيارة معتقلي الحسيمة، وكذا التجاوب مع كل الطلبات المتعلقة بالخبرة فيما يخص التعرض للتعذيب. وأضاف الخلفي في مؤتمر صحافي، عقده أمس عقب انتهاء لقاء المجلس الحكومي، جوابا على سؤال حول شكاوى التعذيب، أن «كل شكوى حول ممارسة التعذيب يحال صاحبها على الخبرة الطبية مباشرة، وسيتم فتح تحقيق، وتطبيق القانون بناء على نتائج هذه الخبرة»، مضيفا أن «الاحتجاجات التي تتم مشروعة ويضمنها القانون، والحكومة تؤكد احترام جميع الضمانات التي يكفلها القانون للمعتقلين، سواء أثناء المتابعة أو المحاكمة». كما أشار الخلفي إلى أن إقليم الحسيمة عرف تنظيم 700 وقفة احتجاجية خلال 7 أشهر فقط، وأن مدينة الحسيمة وحدها عرفت تنظيم 150 وقفة احتجاجية.
مشاركة :