تصريحات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أعادت علاقات «الدوحة» مع أشقائها في مجلس التعاون الخليجي إلى مربع التوتر والخلافات وهي تعد بكل المقاييس خطوة للوراء في مسيرة التكامل الخليجي وشق للصف العربي الإسلامي الذي تبذل المملكة جهوداً مضنية لتوحيده في وجه المخاطر، كما أن هذه التصريحات تلحق الضرر بعلاقات قطر مع الولايات المتحدة التي يقول أمير قطر إن قاعدتها العسكرية في بلاده تحميه من الأعداء! كيف قرأتم هذه التصريحات الغريبة؟ ما الأسباب الحقيقية لهذه الغضبة «القطرية»؟ إلى أين تتجه العلاقات بين قطر ومحيطها الإقليمي وعلاقاتها الدولية؟ المشاركون في القضية: - د. صدقة فاضل: أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز وعضو مجلس الشورى سابقاً - د. عبد الله بن سعود القباع: أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود سابقاً - د. وحيد حمزة هاشم: أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز - د. طلال ضاحي: عضو مجلس شورى سابقاً. أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود سابقاً. - د. أحمد بن سعد آل مفرح: عضو مجلس الشورى. رئيس لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي بمجلس الشورى. - د. محمد بن عبدالله آل زلفة: عضو مجلس الشورى سابقاً. - د. إبراهيم بن محمد الزبن: أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود. - د. نجيب حمزة أبوعظمة: أستاذ مشارك في تقنيات التعليم بجامعة طيبة بالمدينة المنورة سابقاً. - اللواء مهندس ناصر غازي العتيبي: عضو مجلس الشورى. النائب السابق لمدير عام الاتصالات السلكية واللاسلكية بوزارة الداخلية. - د. سعود العتيبي: أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود. - د. عبدالله بن عثمان الشائع: مدير عام سابق لإذاعة جدة وعضو هيئة التدريس غير متفرغ بقسم الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة. - د. زياد عقل: الخبير بوحدة الدراسات العربية في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة -د. معتز سلامة: رئيس برنامج دراسات الخليج بمركز الاهرام للدراسات الإستراتيجية - د. حسن أبوطالب: المحلل السياسى - اللواء محمد سلمان: مستشار مركز الدراسات الإستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا -------- طرحنا هذه الاسئلة على عدد من المحللين السياسيين والأكاديميين المتخصصين في محاولة لفك ألغاز مواقف دولة قطر المتناقضة ودوافع سياساتها والمخاطر المترتبة على هذه السياسات حيث تحدث لليمامة أولًا أ. د. صدقة يحيى فاضل قائلًا: كان قيام وتطور مجلس التعاون لدول الخليج العربية تطوراً إيجابياً وطبيعياً... فرضه واقع الدول الست الأعضاء في هذا التكتل والبيئة التى يتواجدون فيها، هذه الدول ترتبط فيما بينها بأقوى وأوثق الروابط... ولا توجد أي مجموعة من الدول في عالم اليوم يربط فيما بينها ما يربط فيما بين هذه الدول. ومن أوثق ما يربط بين هذه الدول المصالح المشتركة وأيضاً الأخطار المشتركة المعروفة... والتى تدفع دفعاً نحو الاتحاد والتكامل... للاستفادة وخدمة المصالح، ولمواجهة الأخطار المشتركة مواجهة فعالة وأكثر تاثيراً، وأخذ المجلس مجسداً هذه المحاولة التكاملية الحديثة، يتطور وينمو... وإن ببطء. وكل شعوب الدول الأعضاء تتطلع إليه بأمل أن يكبر ويتطور دائماً نحو ما يخدم مصالح هذه الشعوب. فالمطلوب تقوية هذا التكتل لا إضعافه، كما فعل أمير قطر عبر ما أدلى به من تصريحات مناهضة لهذا التكتل. يقول المتحدث الرسمي باسم قطر: إن هذه التصريحات لا أساس لها من الصحة، ونحن نتمنى أن يكون ذلك صحيحاً، فمن الحماقة أن تعمل أي جهة خليجية على إضعاف مجلس التعاون الخليجي، والخروج عليه، خاصة في هذه المرحلة التى تواجه المنطقة خلالها مخاطر فادحة غير مسبوقة... تعرض أمن واستقرار كل دولة للاضطراب والانهيار. موقف غير مفهوم وقال د. وحيد حمزة هاشم: أنا مثلي مثل أي مواطن سعودي أو خليجي أو حتى عربي يستغرب مثل هذا التغيير الدراماتيكي من 180 إلى 360 درجة في السياسة القطرية وفي التصريحات والمواقف القطرية لا سيما وأن هذه التصريحات جاءت بعد 24 ساعة بعد حضور أمير قطر إلى قمم المملكة العربية السعودية التي انعقدت في الرياض وهي قمة خليجية وعربية وإسلامية وتمخضت عنها نتائج إيجابية مهمة وأرسلت رسائل واضحة لكل أعداء المملكة وأعداء الدول الخليجية وأعداء العالم العربي والإسلامي تحديداً إيران وحزب الله وغيرهم، وأرادت قطر من خلال هذه التصريحات إثبات بأن القمة لم تكن ناجحة وهذا خطأ وخطر عظيم ،فقطر معروف عنها دائماً خروجها عن الإجماع الخليجي والعربي والإسلامي وتغريدها المتواصل خارج السرب، وسعيها للعب أدوار سياسية ودبلوماسية تفوق حجمها سواء كان هذا الحجم سياسياً أو اقتصادياً أو حتى دبلوماسياً، لذلك أعتقد أن هذه التصريحات إما أنها تؤكد بأن هناك خلافاً كبيراً فيما بين المؤسسات السياسية القطرية وصانعي القرار السياسي في قطر وإما سوء فهم للعملية السياسية والدبلوماسية وللسياسة الحقيقية الخارجية لقطر، أو أن هناك من يحاول قدر المستطاع الإساءة إلى العلاقات الثنائية والجماعية مع الدول الخليجية والدول العربية. أما أسباب ذلك في اعتقادي أنه نوع من أنواع الحسد السياسي ،أو الشعور بصغر حجم قطر أمام حجم المملكة العربية السعودية، وربما يعكس مركب نقص نفسي وسياسي لدى أمير قطر حتى إنه خرج هذا المخرج السياسي ولعبت في نفسيته عوامل غضب كامنة نتيجة لهذا الموقف وهو الشعور بالدونية السياسية أمام المملكة العربية السعودية وقيادتها السياسية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «حفظه الله». وإذا استمرت قطر في انتهاج هذا النهج السياسي المتناقض فطبعاً ستسوء علاقتها مع الدول الخليجية والعربية وحتى الإسلامية، وإيران التي امتدح أمير قطر سياستها وأشار بأنها دولة عظمى أو دولة ستحقق الاستقرار في المنطقة لن تنفعه ولن تفيده إطلاقاً والقاعدة الأمريكية والقوات الموجودة في قطر هناك توتر في العلاقات الأمريكية القطرية بالرغم من تصريحات الشيخ تميم وهذه التوترات ربما تؤدي في المقابل إلى خروج هذه القوات والقاعدة الأمريكية ويصبح الشيخ تميم عرضة لأي تحركات سياسية غير معروف نتائجها مسبقاً وأكيد ستكون نتائجها معروفة لاحقاً. مؤشر خطير أما د. عبد الله بن سعود القباع فيرى أن تصريحات أمير قطر تعد مؤشراً خطيراً وجديداً لم يكن متوقعاً لا من قبل السياسيين ولا الاقتصاديين ولا الاجتماعيين ولا من غيرهم، فالكل يعلم أن قطر هي دولة خليجية وعضو في مجلس التعاون الخليجي ولكنهم فوجئوا بتصريحات أمير قطر الجديدة والتي تؤكد علاقات قطر السرية بإسرائيل وعلاقاتها السرية بإيران ودعمها لبعض المنظمات الإرهابية التي تدعمها إيران، وقد فوجئ الجميع شعوب وحكومات في منطقة الشرق الأوسط بأن موقف قطر يعتبر مخالفاً لموقف الدول العربية جميعاً ودول الخليج بشكل خاص والبيانات والتصريحات التي صدرت من قبل العديد من دول الخليج العربية هي مؤشر طبيعي لمواجهة هذا التوجه القطري الجديد الذي فاجأ العالم بأجمع بأن قطر الصغيرة هي دولة إرهابية ومنحازة عن التجمع العربي والخليجي في منطقه الشرق الأوسط ، ويبدو أن الدول الخليجية والعربية والإسلامية لم تغير من موقفها الصارم والصحيح تجاه قطر وإيران وإسرائيل فالتحالف بين هذه الدول الثلاث القطرية والإيرانية والإسرائيلية يدل بلا شك على رغبتها في محاربة الدول العربية وتفتيتها وأتاحت الفرصة لكل من إيران وإسرائيل للتغلغل في هذه المنطقة، وما لم تغير قطر من موقفها وتعتذر لجميع الدول العربية فإن مصيرها سيكون مصير إيران وهو بلا شك مصير يقود إلى القضاء على هذه المنظمات والدول الإرهابية. إن موقف قطر يعتبر موقفاً غريباً وشاذاً والسبب هو دعم إيران لها وإلحاحها عليها لاتخاذ مواقف صادمة تجاه الدول العربية والخليجية والكل يدرك أن التحالف القطري الإيراني هو الهدف الرئيس لدولة إيران التوسعية التي بدأت تهاجم كل هذه الدول وخاصة البحرين والإمارات العربية المتحدة والسعودية وغيرها من دول الخليج. وهناك قاعدة أمريكية كبيرة في قطر وتصريحات أمير قطر الجديدة تقول بأن هذه القاعدة الجديدة وجدت لحماية النظام القطري في هذه المنطقة، أما التوجه القطري لإيران فهو يهدف إلى تعزيز الموقف الإيراني والقطري لمواجهة دول الخليج والدول العربية عامة ولكن هذه الدول سوف تتخذ موقفاً صارماً من كل التطورات القطرية الجديدة المدعومة من إيران وبشكل سري من إسرائيل أيضاً. أصوات نشاز ويعلق د.أحمد آل مفرح على أمير قطر قائلاً: إن مخرجات قمم الرياض كان لها وقع كبير جداً على دول العالم أجمع، التي رحبت بهذه النتائج وما تمخض عنها من قرارات، سواء كانت اتفاقيات ثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، أو اتفاقيات بينها وبين الدول الأخرى في موضوع الاعتدال ومكافحة الإرهاب والتطرف، أو ما يختص بإطلاق المركز الدولي (اعتدال)، كل هذه المخرجات بدون أدنى شك تصب في نقطة مهمة جداً، وهي الخير للبشرية، وهذا هو منطلق وديدن بلادنا حماها الله تعالى، التي تستقصي وتطارد كل شر أينما كان، خاصة إذا ما تلبس بلباس الدين. نحن نعلم أن كثيراً من الجماعات المناوئة للدين أو للإسلام استخدمت بعض المسلمين من الرعاع والسذج لتحقيق مصالحها، استخدمتهم كأداة وأدوات ومطايا لتحقيق غاياتها، ومن تلك القوى إيران أو لنقل الصهيوفارسية، التي استخدمت التشيع والطائفية كمطية للوصول إلى أهدافها التوسعية ونشر الفوضى في العالم العربي ودول الخليج بالذات وبدون أدنى شك إيران كانت أكبر متضرر من مخرجات قمم الرياض، وبالتالي كان لابد أن توجد أي طريقة لشق الصف العربي والخليجي كصوت نشاز، ويبدو أنها توصلت إلى القيادة القطرية، واستطاعت من خلالها، أن تشق الصف العربي واللحمة الخليجية، بعد أن أصبحت إيران مذمومة ومطرودة وخارجة عن الإجماع الإسلامي، هي وبشار الأسد ومن يوالي له في بلاد الشام. أعود لأقول، إن هذه المخرجات والنتائج الرائعة التي تمخضت عن قمم الرياض، لم ترق لمن في صدورهم مرض، في حين شهدت دول العالم أجمع، بأن هذه القمم كانت بمثابة علامة فارقة للاستقرار والسلم، ومكافحة التطرف والإرهاب، وكانت أيضاً متماشية مع ما دأبت المملكة العربية السعودية على ترسيخه دوماً، ولا أدل على ذلك من تأسيسها للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب، ودعمها للأمم المتحدة بمائة مليون دولار، لإنشاء هذا المركز منذ سنوات، من هنا كان لا بد من وجود صوت نشاز يحاول تغطية تلك النتائج المبهرة، والتقليص من حجمها، أو محاولة التقليل من شأنها، ولكن هيهات لهم. وعن ما يمكن قراءته من قمم الرياض أيضاً، يقول آل مفرح: بدون أدنى شك، قيادة المملكة العربية السعودية لهذا التجمع الخليجي والعربي والإسلامي، في غضون يومين، وفي وقت لم تستغرق فيه التجهيزات سوى شهر، يثبت للعالم أجمع، أحقية المملكة في قيادة العالم العربي والإسلامي، بل إن قمم الرياض أرسلت رسائل واضحة تماماً للعالم غير الإسلامي قبل الإسلامي، بأن المملكة عندما تتحرك فإن العالم الإسلامي والعربي كله يتحرك، بل العالم كله يتحرك، نظراً لثقلها الاقتصادي والسياسي على كافة الصعد. وعن ردة الفعل السعودية المنتظرة جراء هذه التصريحات، يقول آل مفرح: لقد تعلمنا مما يمر بنا من أحداث من حولنا، الحكمة السعودية، فلم نجد إلى الآن أي ردود رسمية حيال ما حدث، وذلك لبعد نظر الدولة وسعة صدر قيادتنا الرشيدة وطول نفسها ورغبتها في احتواء هذه المواقف وإعطاء الفرص تلو الأخرى لعل الأمور تهدأ ولا تخرج على السطح، فهي بقيادتها الحكيمة تنظر إلى احتواء الموقف وإلى الصبر والحكمة ومعالجة الأمور، وهذه لنا فيها تجارب كبيرة جداً، سواء سابقاً مع الشقيقة قطر أو مع دول الخليج الأخرى، أو حتى مع الدول العربية، فالمملكة بسياستها المتزنة ورغبتها الحقيقية في رأب الصدع الخليجي والعربي والإسلامي تتوجه بقوة وعزيمة إلى حل الإشكالات العالقة في عالمنا وهي كثر. ما نتمناه جميعاً، أن يكون هذا الموقف المعلن من قبل القيادة القطرية مجرد سحابة صيف عابرة، ومن ثم تعود المياه إلى مجاريها، فهم أهلنا وأحبابنا وامتدادنا وعمقنا، وبالتالي نتمنى أن تتوجه سفينة الإصلاح والتطور والعزم، إلى حسم هذه الإشكالات، من خلال رأب الصدع والتوجه نحو الأهداف المشتركة والعليا للأمتين العربية والإسلامية. وهنا أود أن أشير إلى حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حلف الناتو عقب قمم الرياض، فقد تحدث عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بانه رجل حكيم وصاحب رؤية، يريد من خلالها أن يصلح كل شيء وبسرعة. عودة للمربع الأول أما د.طلال ضاحي، فيتطرق لهذه التصريحات، قائلاً : كنا حقيقة متفائلين بأن الوحدة الخليجية قد عادت، وعادت بقوة، وكنا متفائلين أيضاً بأن ظاهرة الطير الذي يغرد خارج السرب، قد انتهت، ولكن حقيقة الموقف القطري أصابنا بخيبة كبيرة، ففي الوقت الذي كنا ننشد فيه جميعاً أن تخطو المسيرة الخليجية خطوات إلى الأمام، وتوقعنا جميعاً كأبناء دول الخليج العربي، أن نتخطى حدود وثيقة التعاون إلى آفاق أرحب في نوع من أنواع الاتحاد الكونفيدرالي، ولكن حقيقة فوجئنا بتصريحات الإخوان في قطر لتعيدنا إلى المربع الأول، وهذا بكل تأكيد تأثيره سيء على المسيرة الخليجية ككل، فعندما يحدث هذا الإجماع، ليس الخليجي، بل الإسلامي والدولي، على أن إيران هي المسببة للإرهاب في المنطقة، ويتخذ العالم بقيادة المملكة خطوات جادة للتصدي لهذا الخطر، وتوجه رسالة قوية لإيران، بأن تكف عن هذا العبث باستقرار دول الخليج، تأتي دولة خليجية لتنسف هذا العمل تماماً. السؤال لماذا لم يظهر الموقف القطري في قمم الرياض؟، علماً أن هذه القمم ركزت من خلال خطابات الزعماء على مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، وبالتالي لا تفسير للموقف القطري، إلا القول أنها فهمت أنها المعنية بدعم الإرهاب.وهنا لابد أن يعرف الإخوة في قطر أن الإرهاب وباء إذا انتشر فإن قطر لن تكون بمنأى عنه بأي حال من الأحوال، وعليها أن تفهم هذا جيداً، وبالتالي أخشى أن يردد الإخوة القطريون قول الشاعر: رُبَّ يَوْمٍ بَكَيْتُ مِنْهُ فلمّا صرت في غيره بكيت عليه. باختصار شديد، كنا نتمنى أن تتروى القيادة القطرية قبل إطلاق مثل هذه التصريحات، وأن تفهم أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وبالتالي قد تكتوي هي ذاتها بنار الإرهاب اذا استمرت على هذا النهج. حسابات خاطئة من جهته، يتطرق د.سعود العتيبي، للأسباب الرئيسة التي دعت أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ ليدلي بتلك التصريحات التي أعادت علاقات «الدوحة» مع أشقائها في مجلس التعاون الخليجي إلى مربع التوتر والخلافات، والتي تعد بكل المقاييس خطوة للوراء في مسيرة التكامل الخليجي وشق الصف العربي الإسلامي الذي تبذل المملكة جهوداً مضنية لتوحيده في وجه المخاطر المحدقة بالمنطقة، موضحاً ذلك بقوله: لاشك أن هذه التصريحات تبقى مثار شك وتعجب، وعلى قطر أن تراجع نفسها حيال ما صدر عن أميرها. ويمكنني إرجاع سبب هذه التصريحات لعدة أمور، هي: أولاً: قد تكون نابعة من خشية قطر من المملكة العربية السعودية أن تستولي عليها، وهذا زمن قديم إذ لم يعد في الزمن المعاصر شيء اسمه دولة تستولي على دولة، حتى الدول العظمى نفسها لم يعد بإمكانها أن تستولي على دول أخرى مثل ما كان ذلك في زمن الاستعمار القديم، وبالتالي رئيس دولة قطر أخطأ في الحسابات، ووقع في خطأ ما كان له أن يقع فيه. ثانياً: قطر دولة صغيرة لا تملك عناصر القوة التي تؤهلها لأن تلعب دوراً أكبر من حجمها، وعناصر القوة معروفة في العلاقات الدولية، والتي ترتبط بالمساحة الجغرافية، وعدد السكان، وحجم الاقتصاد، ولا ينطبق على قطر أي من هذه القوى، وبالتالي عليها أن تراجع حساباتها في عدم تدخلها في أمور أكبر من طاقتها وقد تضر بها. ثالثاً، من غير اللائق لأي عربي ناهيك إن كان من أبناء الجزيرة العربية، أن يأكل ويشرب مع القوم، وهو في نيته الغدر بهم، فالعرب الأقحاح، كان الواحد منهم يأنف أن يظهر خلاف ما يبطن، وهذا عار عليه. رابعاً أضحت دول الخليج مجتمعة ترى أن المملكة العربية السعودية بمثابة عامود الخيمة الذي لا يمكن الاستغناء عنه، وأنهم مجتمعون يكملون بعضهم بعضاً. تصرف أحمق: أما اللواء المهندس ناصر العتيبي، فيتطرق لمدى تأثير هذه التصريحات على اللحمة الخليجية بين أبناء المنطقة، فيقول: خروج هذا الرجل عن البيت الخليجي، وانشقاقه العلني بتصرفات حمقاء لا يقرها مجتمع ولا دين ولا عرف. هذا الرجل جاء إلى المملكة العربية السعودية مقدراً ومعززاً، ووجد ترحيباً حاراً من قبل خادم الحرمين الشريفين، الذي وقف مع إخوته من رؤساء الدول الخليجية والعربية بالتحالف العربي الإسلامي الأمريكي لمحاربة الإرهاب والتطرف، إلا أن هذا الرجل فاجأ العالم، بارتمائه في أحضان إيران الدولة المارقة التي تحتضن الإرهاب وتصدره لكافة دول العالم، هذا الرجل أصبح يظهر بسريرة خلاف السريرة التي يظهرها، وبباطن خلاف البابطن الذي يخفيه، هذا الرجل أيد حزب الله، وأيد الإخوان المسلمين الذين يحاربون الأمة، ويدعون الإسلام، وأيد حماس وهي منظمة إرهابية. دولة قطر أضحت الآن وللأسف تغرد خارج السرب، ولم تعد تلتزم بالصف، ولا بالمعاهدات، ونقضت العهود التي أقرت أمام الأمة، ثم خدعت الأمة بالأكاذيب الباطلة والمزيفة، وأصبح موقع الدولة مخترقاً، وهنا أتساءل: لماذا أمير قطر لم يصرح بنفسه أو وزير خارجيته، تأكيداً أو نفياً حيال ما نسب إليه؟. هذا الرجل للأسف يسعى لخراب الأمة، وهو يعلم أنه نقطة في بحر. لقد وصل به الأمر لأن يتهم جيرانه، من خلال تصريحه الأهوج، بأن قاعدة (العديد) الأمريكية تحميه من جيرانه، ويقصد بجيرانه المملكة العربية السعودية، باعتبارها أكبر دولة بالمنطقة، وهنا أتساءل أيضاً: هل سبق أن أعلن حاكم دولة خليجية نيته الاستيلاء على دولة خليجية مجاورة له، لذلك أقول، إن هذا ينم عن أن هذا الرجل فقد أهليته، إذ لا يمكن أن تصدر هذه الكلمات من رجل خليجي يحكم دولة بمكانة قطر. وعن الأسباب الحقيقية لهذه الغضبة «القطرية»، يقول العتيبي: أسباب هذه الغضبة يمكن إرجاعها لكون المملكة العربية السعودية، دولة كبيرة ولها مكانتها الدولية، وأضحت اليوم ممسكة بزمام القيادة في منطقة الشرق الأوسط، والقيادة الإسلامية. هذه الغيرة جعلت قطر - ممثلة بالطبع في أميرها - ترتمي في أحضان إيران، بعد أن أصابتها الغيرة والخوف والحقد. قطر تدفع نحو الفوضى ويتطرق د. إبراهيم بن محمد الزبن، لعمق العلاقات المتجذرة ما بين المملكة ودولة قطر، واستمرارها رغم ما اعتراها من خلافات حيال بعض القضايا، موضحاً ذلك بقوله: حظيت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها بعلاقات سياسية دولية مميزة وخاصة مع الدول العربية والإسلامية، وشكلت مع دول الخليج العربي تحالف «مجلس التعاون الخليجي» في جميع المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية كان له الأثر الإيجابي على كل من الاستقرار السياسي لهذه الدول وتنمية مواردها البشرية والاقتصادية وخلق منظومة دفاعية ضد كل ما يهدد أمن وسلامة الدول الخليجية. وبالرغم من بعض الخلافات التي تظهر بينها حول بعض القضايا السياسية والاقتصادية فقد حافظت دول الخليج بقيادة ودعم المملكة العربية السعودية على استمرارية هذا التحالف من خلال التجاوز والتغاضي وأحياناً التفاهمات الثنائية على عدم خروج أي من هذه الدول من الإجماع الخليجي نحو قضايا المنطقة والعلاقات الدولية والتأكيد الرسمي على وحدة الصف الخليجي. إلا أن ذلك لا يدعونا إلى تجاهل وجود بعض الخلافات على المستوى الخليجي ككل أو بين بعضها وخاصة في بعض الملفات الساخنة مثل ملف حركة الإخوان المسلمين والعلاقات المتوترة مع النظام السياسي الايراني الإرهابي الذي يحاول الهيمنة على منطقة الخليج العربي وتحريك بعض الجماعات والأحزاب والأقليات الشيعية والتقارب الخليجي مع الحكومة الأمريكية. وهذه الخلافات أو الاختلافات في الرؤية والاستقلال في المواقف المنفردة لكل دولة وتكوين العلاقات المتضادة أو التقاطعات والتجاذبات السياسية تعد في مفهوم السياسات الدولية الذي يرى سلوك دولة ما مجرد جزء من عملية تتألف من أفعال تقوم بها دولة ما وردود أفعال الدول الأخرى المحيطة بها أمر مقبول، إلى حدٍ ما، طالما أنه لم يرتبط بمشروع عدائي للدول المجاورة أو الانضمام إلى حلف معادي وخاصة من النواحي الأمنية والعسكرية. وبهذا السياق فإن العناية بتحليل سلوك دولة ما تجاه البيئة الخارجية المحيطة بها يمكننا من فهم السياسة الخارجية للدولة أو على الأقل التنبوء بالسلوك السياسي لها وبناءً عليه معرفة اتجاهاتها وبالتالي إعادة هيكلة ونمذجة نمط أو شكل المسار السياسي في التعامل معها. وفي حالة العلاقات السياسية بين السعودية وقطر لا يمكننا الفصل بين واقع العلاقات الحالية غير المستقرة على الأقل حول بعض القضايا والملفات السياسية والعلاقات مع المحور المعادي أو المضاد لسياسة المملكة عن سياقه التاريخي والمتمحور حول مسألة ترسيم الحدود وتغير السلطة السياسية واللجوء السياسي والانجذاب القطري لحركة الإخوان المسلمين ومسألة الخلاف حول التواجد الأمريكي السياسي والعسكري في المنطقة والموقف من المشروع الإيراني التوسعي والخلاف مع بعض الدول الخليجية الأخرى المتقاربة مع المملكة والمختلفة مع النظام السياسي القطري وتباين المواقف حول النفط والغاز وغيرها من التقاطعات السياسية والاقتصادية. ومن ثم يتطرق د. الزبن، لدور إيران الفاعل في إحداث الانشقاقات الكبيرة بالمنطقة، من خلال الحكومة القطرية، موضحاً ذلك بقوله: إن الانشقاقات الكبيرة التي أحدثها النظام الإيراني في المنطقة لا يحتم على أي من دول الخليج الانقياد نحو التنازع مع الدول المجاورة لتحقيق مصالح أو أرباح هامشية وآنية. كما أن استخدام المنهج التفكيكي لتحالف دول مجلس التعاون الخليجي مع النظام الأمريكي الذي وعى على نفسه ليجد أنه تحالف مع الشيطان في مرحلة ما ويرغب في إحداث تغيير في الأدوار وهو ما يراه التحالف الإيراني مهدداً لوجوده، تطلب البحث عن لاعب سياسي يؤدي هذه المهمة أو لنقل هذه الوظيفة المناسبة لدولة ترى أن مقدراتها البشرية والجغرافية والعسكرية لا تتلاءم مع طموحاتها السياسية وهو ما ينطبق «حالياً» على حالة الحكومة القطرية التي ترى أنها بحاجة إلى أن تثبت أنها قادرة على المفاوضات للحصول على موقع في الخارطة الدولية. إن اقتصار دور دولة قطر على نقد المنظورات السائدة ومحاولة التصرف بشكل يخالف توقعات الآخرين كاللعب على وتر النزاعات الإثنية، دون تقديم بدائل إيجابية في الشرق الأوسط جعلها مجرد أقلية منشقة عن التحالف الخليجي وبالتالي التحالف الدولي. وهذا الواقع الجديد القديم، يثير مخاوف دول الخليج تجاه دولة قطر، ويقود إلى التوجس بأن هذه الوضعية تتعقد أكثر بوجود جيوب تسكنها إثنيات أو أحزاب تقتات من هذه الفوضى السياسية لتحقق أحلامها الخاصة. إن الفوضى التي تدفع لها الحكومة القطرية تستغلها لتعظيم قوتها النسبية وهي «افتراضاً» تتوقع أن هذا التنافس الفوضوي وخاصة حول مسائل الأمن والإرهاب والنمو الاقتصادي سوف يسود منطقة الشرق الأوسط بمجرد انسحاب التواجد الأمريكي ويخلق لها فرصة للوجود «كلاعب سياسي واقتصادي بالمنطقة». إلا أن ما خرج به بيان قمة الرياض، من إدانة إيران وكل أشكال الإرهاب في المنطقة والإعلان عن التحضير لتأسيس تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في مدينة الرياض بدد هذا الطموح لحكومة قطر. ما يجب أن تفهمه الحكومة القطرية أن الدول تعمل على ضوابط التوفيق التي تمنع استعمال القوة بين أطراف تعتنق نفس المبادئ ومحاولة الإطاحة بالنخب السياسية وتأسيس حكومات بديلة، هذا المنطق يخالف النهج الذي تقوم عليه السياسات الدولية بأن المجتمعات أصبحت مرتبطة ببعضها بشبكة من الارتباطات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وهذه الارتباطات سوف تردع الممارسات الانفرادية للدول، وخاصة الاستعمال المنفرد للقوة. وختاماً نود التأكيد بأن المملكة العربية السعودية وقطر دولتان شقيقتان جارتان والعلاقات بينهما علاقات تاريخية تحكمها أواصر المحبة والأخوة والقربى والمصير المشترك وهذا ما يجب أن يسود بين دول مجلس التعاون الخليجي لاستقرارها سياسياً وأمنياً واقتصادياً. رد فعل طفولي ومن مصر تحدث لليمامة د. زياد عقل قائلاً : إن قطر أدركت حجم التهميش لدورها من خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية الأخيرة، وبدأ من خلال هذه القمة وجود تحالف استراتيجي بين مصر والسعودية والإمارات مدعوماً من الإدارة الأمريكية، وفي نفس الوقت اتضح أن موقف الإدارة الأمريكية من النظام القطري بدأ يتغير، ولم تعد تظهر أمريكا نفس الحماس الذي كانت تظهره لإعادة صياغة دور قطر الإقليمي. وقال عقل إن هذه التصريحات رد فعل طفولي أكثر منه سياسي، وقطر أدركت أن رهانها أصبح رهاناً خاسراً، وفي نفس الوقت لديها شعور بأن مليارات الدولارات التي تم صرفها على بعض الجماعات بعد ثورات الربيع العربي لم تتلق أي عائد حقيقي منها، ولذلك تحاول قدر الإمكان الخروج ببعض المكاسب، ولكن أعتقد أنها ستستوعب قريباً أن الواقع السياسي الموجود حالياً لا يسمح بتحقيق مكاسب لقطر، وأعتقد أن هذا بداية توتر سيستمر لفترة بين قطر ودول محور التحالف الاستراتيجي الجديد. وأكد عقل ل «اليمامة» أنه لا يعتقد أن قطر ستتمكن من التصعيد لفترة طويلة، ولن تصل لهذه الدرجة من الجنون لاستعداء جيرانها بهذه الطريقة، ولكن سيكون هناك محاولات لوضع سيناريو لخروج قطر من توتر العلاقات بشكل يحفظ ماء الوجه، وشدد عقل على أن تصريحات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أثبتت أنه لا يملك لا هو ولا النظام السياسي القطري ما يكفي من حكمة للتعامل مع مثل هذا التوتر، وأعتقد أن أمريكا ستتدخل في المرحلة المقبلة لإنهاء هذا الوضع لأنها لا تريد مثل هذا النزاع في المنطقة. لمصلحة من؟ ويرى د. معتز سلامة إن التصريحات الأخيرة لأمير قطر تأتي بعد خلافات كثيرة بين قطر ومنظومة مجلس التعاون الخليجي، وهذه الخلافات لها جذور منذ ما قبل الثورات العربية.وأضاف سلامة في تصريحات خاصة ل«اليمامة» أن المنطقة في حاجة إلى استقرار ما بعد الثورات، وكافة الأنظمة السياسية والمجتمعات العربية تسعى للاستقرار بعد مرحلة الاضطراب الطويل، لكن للأسف السياسة القطرية لا تزال مستمرة في نفس الخط السابق في دعم الثورات إلى دعم جماعات مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، ومؤخراً ارتبط اسم قطر بالجماعات الخارجة عن الشرعية، مثل الجماعات المسلحة في سوريا وليبيا، ولن تتمكن قطر إلى الآن أن تبعد نفسها عن التحالف غير المفهوم بينها وبين الجماعات المسلحة. وتابع سلامة: «الآن نحن في مرحلة فاصلة، والنظام العربي يعاد تشكيله، وتقود المملكة العربية السعودية ومصر جهوداً كبيرة لأجل الانحياز إلى وجهة نظر تنتهي إلى استقرار المنطقة وعزل قوى الإرهاب المسلح، بينما قطر لم تقتنع حتى الآن رغم الجهود المبذولة للتوافق معها وللتباحث مع موقفها، لم تكف عن دعم هذه الجماعات في وقت لا تتحمل فيه المنطقة الموقف القطري، وأعتقد أنه في الفترة الأخيرة كان يوجد توجهات صريحة في المنطقة العربية بإنهاء دعم جماعات الإسلام السياسي، وكان يجب على قطر أن تتبنى موقفاً محدداً وواضحاً، وللأسف لم تتبناه، وعلى قطر تحديد اختياراتها وأن تعود ثانية إلى النظام العربي». وأكد سلامة أن التحالف الإستراتيجي الذي بنته المملكة العربية السعودية بعد قمم الرياض الثلاث سيكون هو عماد العمل الإقليمي على مدى سنوات مقبلة، وإذا استمرت قطر في طريقها أعتقد أنها تقضي على نفسها بالعزلة وستواجه مشكلات كبيرة في المستقبل، لأن جزءاً كبيراً من الموقف القطري الراهن ناجم عن سوء إدراك لمدى التحول الاستراتيجي في البيئة الإقليمية، والتحول في الموقف الأمريكي مع وجود إدارة ترامب، أو حتى التحول في وجهة المنظومة الخليجية نفسها، فحين تتبنى المملكة العربية السعودية الوقوف ضد جماعات الإرهاب، والوقوف في خط واضح فيما يتعلق بالتهديدات الإيرانية للعالم العربي وتجمع المنطقة العربية والموقف الأمريكي والموقف المصري حول هذا الخط، فأعتقد أن أي قوة تخرج عن الصف ستوقع نفسها بمشكلات كبيرة وأزمات مختلفة. وأشار سلامة إلى أن هناك وجهة نظر سائدة بأن قطر وإن لم تكن داعماً مباشراً بالسلاح والمال لجماعات العنف مثل داعش وجبهة النصرة، فإنها على الأقل تشكل مظلة عامة لاحتضان هذه الجماعات، وبالتالي مهم جداً ومطلوب من قطر أن تبعد نفسها عن هذه الجماعات بعد أن سارت طويلاً في هذا المسار، ولم يعد هذا الموقف مفهوماً، وفي كل الدول العربية الآن انتقادات للموقف القطري، وعلامة استفهام كبيرة تدور حول قطر، وماذا تهدف؟ وتعمل لمصلحة من؟. قطر ستخسر ويؤكد د. حسن أبو طالب إن قطر تحاول أن تعوض العزلة الخليجية بالتقرب من إيران، لأن أعضاء مجلس التعاون الخليجي أدركوا أن قطر لديها أسلوب مختلف وإستراتيجية تتصادم مع المصالح الجماعية لمجلس التعاون الخليجي، وتتصادم أيضاً مع مصالح أكثر من بلد عربي.وأشار أبو طالب أن قطر تعتبر أنه يمكن تعويض هذه العزلة من خلال ثلاثة محاور إقليمية تعمل على أساسها، المحور الأول التقارب مع إيران، والمحور الثاني التقارب مع إسرائيل، والمحور الثالث تعزيز علاقتها العسكرية والإستراتيجية مع تركيا، وعلى الصعيد الدولي ما زالت قطر تنظر أنها تقدم خدمة جليلة للغاية للولايات المتحدة متمثلة في استضافتها للقاعدة الأمريكية العسكرية، وأن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تتخلى عن هذه القيمة الإستراتيجية الكبيرة لقطر باعتبارها مقراً لهذه القاعدة المهمة، وبالتالي هذه المحاور من وجهة نظر قطر تعوض العزلة الخليجية والعربية. و قطر تتصور أيضاً أنها يمكن أن تكون بمعزل عن العرب من خلال الاستناد إلى القوى الخارجية، ونحن نعلم أنه في إطار المنطقة الخليجية والمشرق العربي، فإن كل من حاول أن يكون متصادماً مع التوجهات والمصالح المشتركة لهذه المنطقة، ليس فقط سيعزل، وإنما أيضاً يكتشف أنه خسر كثيراً للغاية، خسر نفسه وهويته وحضارته، خصوصاً أن القوى الأخرى لن تستطيع أن تعوض العزلة العربية والمصالح مع العالم العربي، وسوف يكون لذلك ثمن كبير، على الأقل سوف يتأكد لدى المواطن العربي في كل مكان أن قطر هي بلد خائن للمصالح العربية. حالة ميؤوس منها وأبدى اللواء محمد سلمان اندهاشه واستغرابه من الضجة التي حدثت بعد تصريحات أمير قطر، وقال: من وجهة نظري التصريحات لا تحمل أي جديد سوى أنها إقرار لما هو معروف، فهل مصر والمملكة ودول الخليج لم تكن تعلم أن قطر عميلة لإيران وتدافع عن مصالحها، وهي الداعم الرئيس لحماس وجماعة الإخوان المسلمين، وتعمل لحساب أجندة صهيونية، ومن المعروف أن تميم مول المعسكرات الإسرائيلية في الضفة الغربية.وأضاف سلمان «ما أتمناه أن تفوق دول مجلس التعاون الخليجي بعدما كانت تحاول أن تغطي على موقف قطر وتحاول تهذيبه داخل البيت الخليجي، ولكن هذه التصريحات بهذا الشكل وفي هذا الوقت تجعل قطر والأسرة الحاكمة الموجودة حالة ميؤوس منها، ولا يجب أن يكون بينهم حوار إستراتيجي، لأن أي حوار تكتيكي سيتم نقله للأعداء وكأننا نحاور إسرائيل وإيران، ولابد أن يكون هناك موقف ولو تجمد عضوية قطر ولاتدعى لاجتماعات القمة والاجتماعات التي تقرر إستراتيجيات على المدى المتوسط والقريب». -------- لا يمكن فهم الموقف القطرى وبسؤالنا ل د.إبراهيم بن مبارك الجوير، عن الأسباب الحقيقية التي دفعت قطر لاتخاذ هذا الموقف بعد حضورها لقمم الرياض، أجابنا قائلاً : هناك أكثر من سبب، فلو توجهنا لحسن النية، فقد نفهمها من باب الغيرة السياسية، وأنا أرى أن القيادة القطرية فهمت ما صدر في قمم الرياض بخصوص مكافحة الإرهاب وكأنه موجه لها، على الرغم من أن قطر كانت ممثلة في هذه القمم، وكان بإمكانها أن تقول رأيها بكل صراحة، لكن لا نستطيع أن نفهم هذا الأمر إلا بهذه الطريقة، لاسيما أن هذه التصريحات جاءت مباشرة بعد قمم الرياض، وكانت تستطيع أن تستفسر من القيادة المستضيفة للمؤتمر، وبالتالي كانت ستحصل على آراء تخفف من حدة غضبها – فيما إذا كانت تظن أنها المعينة بالأمر. وعند سؤالنا ل د.الجوير عن وجهة العلاقات بين قطر ومحيطها الإقليمي وعلاقاتها الدولية، أجابنا قائلاً : على مدى التاريخ، وعلى مدى مسيرة مجلس التعاون الخليجي، نستخلص أن دول الخليج قادرة على احتواء هذه الخلافات، ولكن بشرط أن تكون لدى قطر الرغبة في أن تعود إلى الحضن الخليجي، وأعتقد أن قيادات دول المجلس بصورة عامة قادرة على أن تصلح وأن تصفح وقادرة أيضاً على أن تستوعب قطر في الحضن الخليجي مرة أخرى، نحن حقيقة في دول الخليج تربطنا العديد من الروابط، هذه الروابط قادرة بإذن الله على أن تتغلب على ما حدث وأن تعيد قطر إلى بيتها في أقرب وقت بإذن الله. ------- نأمل أن تعود قطر لحضنها الخليجى بعيداً عن المزايدات التى تضر ولا تنفع عند سؤالنا ل د.عبدالله بن عثمان الشائع، عما يمكن أن نطالب به قطر؛ لتعود إلى الحضن الخليجي، أجابنا قائلاً : يقول الشاعر العربي: " تأبى الرِّماحُ إذا اجتمعنَّ تكسُّراً ... وإذا افترقَنّ تكسّرتْ آحادا "، والقرآن الكريم يحث على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، كما يقرر القرآن الكريم أن التفرق والنزاعات البينية تؤدي إلى الفشل وذهاب الريح والقوة والصيت والاحترام. من هنا أطالب الأشقاء في قطر بالرجوع عن الآراء والاتجاهات الفردية التي تخالف الإجماع، فإيران مثلاً كلنا نتمنى أن تكون دولة عاقلة؛ لنتعاون معها، ولكنها دولة شريرة بدعمها للإرهاب واحتلال عواصم العرب وتخريبها للمجتمعات بخلاياها الموجودة في كل دول الخليج، فهي دولة مصدرة للإرهاب، ودستورها ينص على ذلك، بل ودينها ومعتقدها الصفوي يحث على ذلك، فكيف نحترمها وهي لم تحترم نفسها وتحترم القوانين الدولية، لذلك تخطئ قطر عندما تزكي إيران، وإيران راعية الإرهاب في كل مكان، وما يقال عن إيران يقال عن حزب الله الذي قتل أهل السنة في بيروت وسوريا، وهو الآن يساعد الحوثيين بدعم من إيران في قتل أهل اليمن، فكيف ترضى ذلك قطر، كما نأمل من قطر أن تترك مصر في شأنها ولا تتدخل إعلامياً في شؤونها، فكل بلد أدرى بشؤونه.. نأمل أن يكون ما حدث سحابة صيف، وأن تعود قطر لحضنها الخليجي بعيداً عن المزايدات التي تضر ولا تنفع. ------ قطر تتصور انها تقود العالم العربى وبسؤالنا ل د.نجيب أبوعظمة، عن صحة ما تردد، بأن ما صرح به أمير قطر، نسب إليه بعد اختراق موقعه الالكتروني، أجابنا قائلاً : بغض النظر عن توافق محتوى التسريبات مع السياسة الملموسة لقطر عبر قنواتها الإعلامية، إلا أني أنظر للتراجع عنها أو أنها فعلًا كانت عبارة عن اختراق إلكتروني، فأنظر لها من منطلقي الثقة أو التراجع مما يقتضي الوثوق بأن هناك اختراقاً أو هناك تراجع عنها حتى وإن حصلت فعلاً ويقتضي الأمر حلها خلف الكواليس، وعند سؤالنا ل د.أبوعظمة، عن الأسباب الحقيقية لهذه الغضبة «القطرية»، أجابنا قائلاً : كانت قطر تتصور أنها تقود العالم العربي كونها نجحت بمقاييسها إعلامياً، ولكن النجاح الإعلامي لا يغير الواقع، والواقع أن قطر مهمة في منظومة دول الخليج العربي، وينبغي أن نحرص على ذلك.
مشاركة :