بعد وفاة والدها وهي في العاشرة من عمرها، انتقلت مع أمها وإخوتها للعيش في القاهرة، وكافحت من أجل إكمال تعليمها، رغم اعتراض أخيها الأكبر، وقرأت في صغرها للأديبة عائشة التيمورية وتأثرت بها. تعرفت زينب الغزالي على الاتحاد النسائي الذي كانت ترأسه هدى شعراوي، وتوثقت العلاقة بينهما، وأصبحت من أعضاء الاتحاد البارزات. درست زينب الغزالي في المدارس الحكومية، ثم تلقت علوم الدين على مشايخ من رجال الأزهر الكبار في علوم التفسير والفقه، ومنهم الشيخ عبد المجيد اللبان وكيل الأزهر، والشيخ محمد سليمان النجار رئيس قسم الوعظ والإرشاد بالأزهر الشريف، والشيخ علي محفوظ مـن هيئة كبار العلماء بالأزهـر. في تلك الفترة خاضت مناظرات ومجادلات مع عدد من الأزهريين المناهضين للاتحاد النسائي ذي التوجهات التحررية، وطالب بعض الأزهريين بمنعها من الوعظ في المساجد، لكن الشيخ محمد سليمان النجار -أحد علماء الأزهر ومدير الوعظ- رفض هذا الطلب، وفتح حواراً هادئاً مع زينب الغزالي استطاع من خلاله أن يهز قناعتها بكثير من الأفكار التي يتبناها الاتحاد النسائي، وبذلك فقد جمعت زينب الغزالي بين الطريقتين في العلوم: المدرسية الحديثة والتقليدية القائمة على أخذ العلم من شيوخه وأهله مباشرة. أعمالها وكتاباتها كانت زينب الغزالي من المؤسسين للمركز العام للسيدات المسلمات الذي أنشئ سنة 1356هـ الموافق1936 م، وأدى واجبات كثيرة، فقد اختلف مع كل الأحزاب السياسية، لأنه كان يطالب بأن تحكم الشريعة الإسلامية في مصر، وكان يطالب بعودة المسلمين كلهم إلى الكتاب والسنة، وإلى إقامة الخلافة الإسلامية. وكتبت زينب الغزالي مجموعة من المصنفات من بينها (أيام من حياتي) و(نحو بعث جديد)، وكتاب آخر اسمه (نظرات في كتاب الله)، ولقد فسرت فيه سورة البقرة، وآل عمران بالإضافة إلى كتب أخرى. والناظر في كتب الداعية زينب الغزالي يجد فيها امرأة عالمة وفقيهة واعية لعصرها ولما يدور من حولها من أحداث، ويبرز ذلك في كتاب نظرات في كتاب الله. تقول زينب الغزالي، بعد صدور كتابها «نظرات في كتاب الله»: «أنا أحببت القرآن حتى عشته، فلما عشته أحببت أن أدندن به لمَن أحب، فدندنت بعض دندنة المفسرين، ولا أقول إني مفسرة، ولكني أقول: إنني محبة للقرآن، عاشقة له، والعاشق يدندن لمن يحب، والعاشق يحكي لمن يحب، ويجالس من يحب، ويعانق من يحب، فعانقت القرآن، وتحدثت به وله في جميع الملايين من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وعشت أدندن به في المساجد لأكثر من ستين عاماً، أي عمر الدعوة التي أسستها في المساجد منذ 1937». حياتها السياسية طلبها جمال عبد الناصر يوماً لمقابلته فرفضت، فكانت بداية العداوة بينهما، لأنها قالت لرسول الرئيس: «أنا لا أصافح يداً تلوثت بدماء الشهيد عبد القادر عودة». فدخلت السجن وتعرضت للتعذيب الشديد، ولكنّ هذا لم يردعها عن مطالب حزبها الإسلامي بإعادة مبدأ الشورى في الحكم. حياتها الدينية زارت المملكة العربية السعودية 60 مرة، وأدت فريضة الحج 39 مرة، واعتمرت 100 مرة، وزارت الكثير من الدول العربية والإسلامية لنشر الدعوة الإسلامية، ولإلقاء المحاضرات الدينية في الدعوة إلى الله تعالى. وقد أمضت في حقل الدعوة 53 سنة -أكثر من نصف القرن- التقت فيه بكل رجال الدعوة الكبار. وتأثرت بشخصيات كثيرة منهم: حسن البنا، هو الأكثر تأثيراً في نفسها وضميرها، وحسن الهضيبى -رحمهم الله جميعاً. ويعتبر كتابها «أيام من حياتي» وثيقة هامة وسجلاً تاريخياً لحقبة تاريخية مهمة للدعوة الإسلامية، وفيه تفاصيل وأحداث حدثت في فترة ما بين 1964 إلى 1971، ووثق فيه أيضاً أسماء بعض رواد الدعوة الإسلامية الذين أسهموا في بقاء بعض التشريعات الإسلامية التي ظلت غائبة حتى وقتنا الحاضر. وكانت الكاتبة تستخدم القرآن الكريم والشعر العربي العمودي كشواهد وأدلة داعمة، مما جعل الكتاب أكثر دقة وعلمية وبعداً عن الذاتية والأنا، ويلاحظ عليها دقتها وحسن اختيارها للشعر، لما يتضمنه من معان غزيرة وجميلة وعظيمة المغزى وحس أدبي مرهف.;
مشاركة :