تحقيق: مها عادل إذا كان الصوم عن الطعام والشراب، يمثل تحدياً صعباً، يؤجر عليه الصائمون، لما يحمله من جهاد للنفس وترويض للشهوات، وتحكم في قدرة الإنسان على الصبر والتحمل والتعاطف مع ظروف المحتاجين، فإن الصوم في الأجواء الحارة أو شديدة الحرارة، يزيد هذا التحدي صعوبة، ويرفع حجم المعاناة، ويتطلب في كثير من الأحيان إجراءات وتدابير خاصة لمواجهة هذا التحدي الإضافي، وإتمام الصيام بأقل قدر من المعاناة. من خلال هذا التحقيق، تسعى «الخليج»، للتعرف إلى أهم التدابير والمحاذير التي يتخذها الصائمون لمواجهة حرارة الجو الشديدة، وإتمام صيامهم بسلام. يحدثنا د. محمد توفيق عن التدابير التي يتبعها لاتقاء شر العطش الشديد في رمضان، خصوصاً في الأيام شديدة الحرارة، قائلاً: «أهم ما يمكن أن يؤرقني في الصيام هو الشعور بالعطش الشديد، خصوصاً أن شهر رمضان الكريم يأتي طوال السنوات الماضية في موسم الصيف مع الحرارة الشديدة والطقس الجاف، وبطبيعتي أشعر بتأثير الحرارة والعطش، لأنني كثير التعرق، وأفقد كثيراً من السوائل، وإذا تصادف وكان عملي يتطلب الخروج إلى الشارع، أو التعرض للشمس لفترات طويلة من النهار، ولذلك نصحني صديق طبيب بضرورة تحري ما أتناوله على وجبة السحور من أطعمة، وضرورة أن تحتوي الوجبة على مجموعة من الخضراوات والأطعمة المرطبة للجسم، مثل: الخيار والخس والزبادي، مع ضرورة الابتعاد عن الملح الزائد، أو وجبات الجبن المالحة، وتجنب المخللات تماماً، وبالفعل التزمت بهذه الطريقة، وأصبحت وجبتي في السحور تعتمد أساساً على الزبادي والخيار». أما معالي محمد، وهي أم لثلاثة أطفال في مراحل الدراسة، فتقول: «الحرارة العالية مع الصيام بالنسبة لي تشكل تهديداً لصحة أبنائي، خصوصاً أنهم في فترة الامتحانات، ويبذلون مجهوداً كبيراً في التركيز والحفظ والاستذكار، الأمر الذي ينتقص من طاقتهم ويجهدهم في الصيام، وأخشى عليهم كثيراً مما يتعرضون له يومياً من مشاق، إذ يتعرضون لحرارة الشمس الشديدة في أوقات الصباح والظهيرة، في الفترات التي يقضونها بالمدرسة، ولذلك أحرص على ارتدائهم لغطاء رأس فاتح اللون، كما أدهن بشرتهم بواقٍ من الشمس أيضاً، لأن بشرتهم تتحسس بسبب الحرارة المفرطة، وأحاول قدر الإمكان أن أقلل من تعرضهم لمصدر الحرارة المباشر، كما نصحني طبيب الأطفال. أما داليا علي، ربة بيت بالشارقة، فتبتسم وهي تحدثنا عن تجربتها في مواجهة الحر مع الصيام، وتقول: الحر مع الصيام هو المعادلة الصعبة، التي نحاول جميعاً فك رموزها، والبحث عن وسائل للتعامل معها طوال الشهر الكريم، فالحر في حد ذاته، ربما يكون عنصراً مزعجاً، يمنعنا من الخروج خلال فترات النهار، والصوم رياضة روحية تعلمنا الصبر والتحمل، حتى لو كان ذلك في المناخ الجيد، ولكن حينما يجتمع الاثنان معاً تزيد الصعوبة، خصوصاً على شخص مثلي يعاني أحياناً انخفاضاً في ضغط الدم، في الأجواء الحارة والرطبة، فأحياناً يصيبني الصوم ببعض الضعف والدوار في آخر اليوم، لذلك أحرص على عدم الخروج من المنزل في أوقات الصيام، وأخصص فترة ما بعد الإفطار لقضاء كل حاجاتي التي تضطرني للخروج من المنزل، مثل التسوق أو زيارة الأهل والأصدقاء، أو شراء متطلبات البيت، حتى العزائم، أصبحت أركز على أن تكون على السحور وليس على الإفطار، حتى لا أضطر لبذل مزيد من الجهد في فترة النهار.ويتجنب محمود إشفاق، سائق تاكسي، الشعور بالعطش بطريقته الخاصة، عندما تكون دورية عمله خلال فترة النهار. يقول: على الرغم من أن السيارة مكيفة، فإن مجرد انعكاس ضوء الشمس خلال فترة منتصف النهار، يكفي ليصيبني بالعطش والصداع والدوار، ولذلك دائماً ما أحمل في السيارة زجاجة مياه باردة، وأرطب من حين لآخر جبهتي ووجهي بالماء، فهذا يساعدني كثيراً على تحمل الحر الشديد. عصائر باردة تقول أماني حماد عن معاناتها في الحر والصيام: «أنا عادة لا أشعر بالجوع في رمضان ولكنني أجاهد الشعور بالعطش طوال الوقت، وعلى الرغم من أن معظم الوقت أقضيه في أماكن مكيفة، فإنني لا أحتمل شعوري بالعطش، خصوصاً في الأجواء الحارة، ولأن رمضان يتطلب مني البقاء لأوقات طويلة في المطبخ، فهذا يزيد من الشعور بالحر الشديد، ومن أهم مكونات مائدة الإفطار التي أحرص على أن تكون موجودة دائماً العصائر الباردة والمشروبات، التي تطفئ لهيب العطش، مثل: العرقسوس والتمر هندي، وأحياناً أجد زوجي وأبنائي لا يتناولون طعام الإفطار بشهية، وإنما يركزون فقط إلى تناول المشروبات والعصائر، فأشفق عليهم، ولكنني أدفعهم إلى تناول الفاكهة الطازجة في الإفطار، وبعدها يتناولون الوجبة الرئيسية بعد فترة، حتى تستطيع المعدة امتصاص السوائل والأملاح اللازمة، لتعويض العطش الشديد طوال اليوم، كما أحاول دائماً أن تكون مائدة السحور أخف، وبها الزبادي والخيار والخضراوات الطازجة، التي تقلل من الشعور بالحر».
مشاركة :