لقد زاد اعتمادي على الإنترنت بشكل رهيب، حين كان ابني طفلاً صغيراً، بحثاً عن النصائح والمشورة، وعندما أقول كان طفلي صغيراً فإنني أقصد صغيراً بأتم معنى الكلمة، خاصة بعدما علمت أنه يعاني من وضع يسمى "توقف النمو"، تشخيص مفزع بحق بالنسبة لكل أم تتعرض لحالة مشابهة، وجدت أفضل مواساة على الإنترنت، من خلال منتديات تلتقي فيها مجموعات من الأمهات، لتواسي بعضهن البعض ويقدمن المشورة لغيرهن من الأمهات اللواتي يواجه أطفالهن نفس الحالة. لقد أصبحت مهتمة بأوزان الأطفال في جميع أنحاء العالم، وأحتفل كلما زاد وزن أحدهم 50 غراماً، وأواسي الأمهات اللواتي يتعرضن لحالة إحباط في كل عملية وزن لأطفالهن، وتلقيت الكثير من الدعم والتفاهم والحيل الكفيلة بزيادة وزن الأطفال، التي للأسف لم تجدِ نفعاً مع طفلي. وحين كبر ابني، تحوّل مصدر قلقي الأساسي إلى إفراط نومه الفظيع، ومن جديد، غصت في دهاليز مواقع لا تعد ولا تحصى، تلتقي فيها النساء اللائي يقضين الليل كاملاً لرعاية أطفالهن دون أن تعرف إحداهن للنوم طعماً. وسارت الأمور على هذا النحو طيلة سنوات الطفولة، وكلما طرأت قضية، أدركت أنني لست بمفردي بل أكاد أشترك مع المئات من الأمهات اللواتي يعشن نفس الحالة مثلي. إنها لفترة رائعة أن تقضي الأم وقتها لرعاية أطفالها، لتدرك في نهاية المطاف أن ما تعيشه أمر طبيعي، قد لا يكون دائماً ممتعاً، لكنه عادي، يشترك فيه أشخاص متنوعون، ابتداء من الأم الساكنة بالحي المجاور، إلى غيرها في شتى بلدان العالم، من كندا وألمانيا وجنوب إفريقيا، كلهن يعشن نفس التجربة الحياتية. بمجرد نقرة واحدة بالإصبع، تردني عبر الشبكة مئات القصص المفيدة وينزل علي أبطالها ضيوفاً في غرفتي. لست متأكدة بالضبط متى توقفت عن البحث عن المساعدة من خلال جوجل، لكن ربما كان ذلك عندما بدأت ثقتي بصحة تربية طفلي تتغلب على القلق الذي كان يفزعني، وما لاحظته أن ما هو متوفر من مشورة تربوية مفيدة لأمهات الأطفال ذوي 15 سنة، أقل بكثير مما هو متوفر لأمهات الأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم السنتين، وهناك سبب وجيه يبرر ذلك. يمكنني القول إن أحد أفضل الأشياء بالنسبة لي كأم تربي طفلاً في سن المراهقة كان عدم خوفي من احتمال القيام بشيء خاطئ، ولم أعد أكترث لما يفكر فيه الآخرون، لقد ربيت طفلي لفترة طويلة كافية تجعلني أعلم كل شيء عن طفلي أفضل مما تحتويه الكتب، وأدري بما ينفعني وطفلي مما تعلمه أم بالبيت المجاور أو على الجانب الآخر من الشاشة. وحتى لا أفهم على طريق الخطأ، ما زلت للأسف، أتلقى نصائح وتقريع الآخرين، فكلما أخبرت أحداً، عن أشياء يقوم بها ابني تردني فور ذلك الردود المعتادة، من قبيل "لا تدعيه يفعل ذلك"، "لا يجب أن تفعلي ذلك أبداً"، "هذا ليس جيداً للمراهقين.."، "كلا، يجب عليك بدلاً من ذلك.."، غير أن هذه النصائح لم تعد تؤثر فيَّ مطلقاً، في الواقع لا أنفي أنه من المفيد والمحفز سماع آراء بديلة لكنها لم تعد تؤثر بتاتاً في القرارات التي اتخذتها. عندما كان ابني صغيراً كنت بحاجة إلى العالم الخارجي ليطمئنني ويؤكد لي صحة قراراتي، كانت الأمومة أهم دور أقوم به في حياتي على الإطلاق، وكنت أخشى ألا أؤديه على أحسن وجه. كان ذلك يشبه إلى حد ما تجربة تعلم قيادة السيارة لأول مرة - كنت في حاجة لمعرفة ما يجب القيام به لئلا أقتل أي شخص أو أتسبب في حالة ازدحام كبرى، أو تغيير اتجاهات السيارات دون قصد مني، ولكن الآن بعد أن تمرنت على القيادة لفترة طويلة بما فيه الكفاية، أشعر بالثقة من خلال قيادة سيارتي بشكل صحيح، وبسلاسة، دون أن يؤثر أحد سلباً في تحركاتي. والأمر مثله بالنسبة للتربية، أنا متأكدة من أن الناس يسلكون طرقاً مختلفة لبلوغ نفس المكان، ويتوقفون في أماكن عدة، على طول الطريق، ويستخدمون في بعض الأحيان، وسائل نقل جد مختلفة للوصول إلى مبتغاهم، ويفلحون في مساعيهم، تماماً مثلما أتت طريقتي في التربية ثمارها وحققت لي ولطفلي ما نريده. لم أعد أستمع إلى نصائح راكبي المقعد الخلفي، ولم أعد أتضايق من آراء الذين لا يوافقونني الرأي، وباستطاعتي أن أؤكد لكم بكل يقين أن القيادة أصبحت أكثر أمناً لهذا السبب بالذات. ومع ذلك ما زلت حالياً أعتمد على الإنترنت، لكنني أفعل ذلك الآن أساساً لمحاولة إقناع غيري بوجهات نظري السياسية، في حين هناك هاجس يهمس في أذني ويخبرني أن الأمر قد يكون أصعب حتى من شؤون تربية الأطفال. هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأسترالية للهاف بوست. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :