"ضاحي" هو اسم الشهرة لواحد من أهم مصممي بدل الرقص في مصر. في شقة عادية في حي عين شمس القاهري تقع ورشته، وبجانبها مصنع يمتلكه تُصنع فيه بدل الرقص. لا يغطي جدران المشغل صور الراقصات، بل تبدو مثل أي ورشة ينكب العاملين فيها على الحياكة والتطريز بجدية. درس ضاحي في كلية التجارة، لكنه منذ نعومة أصابعه يهوى الرسم، تحديداً رسم الزخارف والنقوش، يقول لرصيف22. عمل في تصميم المجوهرات، حتى طلب منه مصمم بدل أن يعمل على تصميم بدلة أدخلته عالم الأزياء. مع الوقت ذاع صيته وانتقل من مرحلة التصميم للتفصيل ثم احترف عملية التصنيع. وقدصمم خلال عمله بدلات لأشهر راقصات مصر، وبات يعرف ذوق وتفضيلات كل واحد منهن. الراقصة دينا مثلاً تُفضل الفساتين والموديلات المميزة، أما الراقصة لوسي، فتقدر الفن والحرفية في الفستان وفي الرقص. لكنه لا يريد أن يستمر في مهنته بقية حياته. وهو ليس وحده. مهنة تصميم البدلات...مهددة؟ يعتبر الرقص الشرقي واحداً من أكثر الفنون المرتبطة بالثقافة المصرية. وقد كتب مؤرخون أن نشأة هذا الفن كانت في مصر، ورافقته حرفة صميم ثياب الرقص المعروفة شعبياً ببدلة الرقص، والتي تطورت عبر الأزمنه. وقد شهد ذلك الزي المزركش الكاشف الذي ترتديه النساء أثناء رقصهن، تطورات وتغيرات كثيرة من فترة لفترة. اليوم، لم تعد تصميم بدل الرقص مهنة رائجة رغم تميزها بتحقيق أرباح جيدة. فهي لا تحظى بالتقدير من المجتمع المصري، ويميل كثيرون للحديث عن كونها فعل محرم يتم من خلاله إعداد أثواب عارية ترتديها سيدات لإثارة غرائز الرجال. وقد تأثرت هذه المهنة بوجود التيارات الإسلامية. ومع صعود الإسلاميين إلى الحكم في عام 2013 شهدت مهنة الرقص الشرقي بكل ما يرتبط بها من أنشطة تراجعا نظرا للتضييق عليهم. حتى ضاحي نفسه الذي حقق شهرة ونجاح كبير ويفخر دوماً بأنه يصدر إنتاجه للخارج، يردد أنها مهنة مؤقتة، وأنه سوف يتركها إن آجلاً أو عاجلاً لقناعته بحرمانيتها وخاصة أنه أب لبنتين، على حد قوله.الرقص في مصر بقدم التاريخ عرفت مصر الرقص منذ العصر الفرعوني حيث أظهرت جدران المعابد والمخطوطات القديمة صور لراقصات. وفي دراستها المنشورة "الرقص في مصر القديمة" أوضحت أميرة خالد، الباحثه في الفن المصري القديم، أن الفراعنه عرفوا الرقص وكان وسيلة للترفيه عن النفس وعبادة دينية كما أنه طقس جنائزي، وليس للرقص الفرعوني 12 نوع.أقوال جاهزة شاركغردجلباب نانسي في "أغنية آه ونص"، جلباب فيفي في مسرحية "حزمني يا".. طلبات النساء في سوق بدلات الرقص شاركغردتأثر تصميم بدلات الرقص بوجود التيارات الإسلامية ومع صعودهم إلى الحكم شهد الرقص الشرقي بكل أنشطته تراجعاً وفي بحث أعدته أسماء فتحي أبوعيانه عن الملابس في مصر القديمة جاء فيه أن ملابس الراقصات كانت تصمم بحيث تتيح لهن حرية التعبير بحركات أجزاء الجسم، لذلك تكون إما قصيرة لإظهار حركة السيقان والأرجل أو بدون أكمام لإظهار حركة الأيدي، وإذا كانت الراقصات ترتدين ملابس طويلة تكون شفافة، وفي كل الأحوال تختلف طبيعة الأزياء حسب نوع الرقصه ومناسبتها. وفي العصر المملوكي انتعشت حركة الرقص والغناء وتأثرت بالأوضاع السياسية وفق ما جاء في دراسة "الغناء والسياسة"، وكانت تقوم بالغناء والرقص الجاريات.أكمل القراءةللبدلة أصول، وتصميمها يخضع لقوانين تقضي القوانين المصرية بضرورة استخراج الراقصة لتصريح من وزارة الثقافة، ويشترط فيه تحديد جهة العمل، ويتم إصدار ترخيص في حالة سفر الراقصة إلى الخارج. تتولى شرطة الآداب مهمة الإشراف على قانونية ملابس الراقصة وتصبح معرضة للعقوبة القانونية إذا تجاوزت هذه القواعد، ومنها تغطية الثلث الأسفل من الثدي، وارتداء بنطلون قصير يصل إلى منتصف الفخذ، فضلا عن تغطية المسافة بين الصدر والبطن، وهي القواعد المطبقة منذ الخمسينات في فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر. بالنسبة للراقصات الأجنبيات يشترط الحصول على تصريح من وزارة القوى العاملة، والرقابة على المصنفات الفنية، إضافة إلى حصولها على إقامة دائمة، ويتم تقديم استمارات لعدة جهات منها شرطة الآداب وأمن الدولة. في نهاية الخمسينات وبالتحديد عام 1959 انطلقت فرقة رضا للفنون الشعبية والتي لاقت نجاحاً كبيرا، وفي عام 1961 تم ضمها إلى وزارة الثقافة. وبالإضافة للرقصات الجماعية والتراثية قدمت الفرقة الرقص الشرقي من خلال فريدة فهمي راقصة الفرقة الأولى، والتي ارتدت بدل رقص وفق المواصفات المعمول بها في ذلك الوقت. وفي نفس الفترة أنشأت الفرقة القومية للفنون الشعبية التابعة أيضا لوزارة الثقافة، واتسمت بإحياء الفنون الشعبية، وملابس الراقصات تتسم بالتحفظ ويغلب عليها إرتداء الجلباب البلدي. تحدثت الراقصة المصرية نجوى فؤاد في إحدى حواراتها التلفزيونية عن اشتراط تغطية السره وهو ما كان يدفع الراقصات للابتكار في تصميم نجمة أو أي قطعة بشكل مميز تغطي تلك المنطقة إضافة إلى قطع تشبه الأساور مصنوعة من القماش المطرز بالخرز والترتر يتم إرتدائها في المعصم، وقالت إنهن تحايلن على القيود بزيادة فتحة الأرجل في بدلة الرقص، وكن يستخدمن شال حرير في الرقص.البيع للأجانب ولو في الصين باعتزاز شديد يقول ضاحي إن غالبية زبائنه من الأجانب، فهو يقوم ببيع بدل الرقص عبر مواقع التسوق المشهورة منها E-bay و أمازون، وعبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. "أفضل التعامل مع الأجانب لأنهم أكثر إحترافاً ويقدرون فني، ولا يتناقشون في السعر لأنهم يقدرون قيمة عملي، ويعتبرون الرقص الشرقي رياضة لذلك يتحمسون لشراء الملابس الخاصة بالرقص" يقول ضاحي لرصيف22. يبدأ سعر البدلة من 250 دولار وتصل حتى 700 دولار، بحسب ضاحي، ويضيف أن البدلات عليها طلب كبير في الصين. يقول أن تصنيع بدلة الرقص لا يحتاج إلى "صنايعي" متخصص لأنه يقوم بقص الموديل ويتولى العامل الخياطة، مشيراً إلى أن غالبية الموديلات يتم تصنيعها يدوي. يستخدم قطع الكريستال الصيني في تطريز ملابس الرقص، أما القماش فيكون من الليكرا أو الشيفون، ويتم تبطين الجزء العلوي بالإسفنج. "يوجد 5 مصممين متخصصين في تصميم بدل الرقص ومن المشهورين في المجال أميرة قطان وعبلة وسحر عكاشه، أما البقية فهم يقلدون الموديلات مثل الموجودين في الحسين أو في شارع محمد علي، وهي مهنة صعبة تحتاج إلى الإبداع" يقول لرصيف22.بضاعة حي الحسين، مطلب عرائس مصر يقول صلاح نديم، أحد الباعة في حي الحسين لرصيف22 إن بدلة الرقص تعتبر جزء أصيل من مشتريات العروس في مصر. فهي لا غنى عنها للكثيرات، وتتفاوت الموديلات والأسعار. فهناك جلباب نانسي عجرم الذي ارتدته في أغنيتها الشهيرة "آه ونص"، وجلباب فيفي عبده الذي ارتدته في مسرحية "حزمني يا"، ولعل الأكثر رواجا هي بدلات "صوفينار"، الراقصة الأرمينية. تبدأ الأسعار من 100 جنيها وتصل حتى 2000 جنيها حسب الموديل والتطريز والخامة. وتتنوع الخامات ما بين قماش الشيفون أو الليكرا أو الكريب، وهناك البدلة المكونة من قطعتين، أو المكونة من قطعة واحدة وهي الأكثر رواجا بين المصريات بخلاف الأجنبيات. ولفت إلى أن بدل الرقص كانت دوما تذكارا هاما لدى السائحات، ولكن تعثر بيعها بسبب ضعف حركة السياحة في مصر نتيجة الظروف الأمنية، كما أن إقبال المصريات على الشراء لم يعد كبيرا نظرا لارتفاع أسعار المعيشه بوجه عام. عن تطور تصميمات بدل الرقص "صلاح نديم" بائع بدل الرقص إنها متأثره بالثقافات التركية والفارسية، ومنها الموديلات التي تتكون من قطعة تغطي الصدر والبطن وبنطلون واسع مطرز بالخرز والسلاسل، كما تحدث أيضا عن التأثر بالموديلات الهندية وبالتحديد الساري الهندي الذي أصبح مطلبا هاما لدى كثير من الفتيات، ويتسم بألوانه الزاهيه وهو جزء يغطي الصدر والجزء السفلي يكون واسع ومن قماش لامع. ومن الملاحظ رواج بدل الرقص الشرقي للأطفال، والتي تتوافر بسعر يبدأ من 50 جنيها وتصل حتى 300 جنيها، وتتواجد أيضا بدل الرقص في مناطق العتبه ووسط البلد وشارع محمد علي، وتتواجد عادة في محلات البازار المتخصصة في بيع التحف الأثرية. "ليلة مصرية" و "أهلاً وسهلاً" و"نايل جروب" و"رقص أوف كورس"،هي أسماء أشهر معارض الرقص الشرقي، والتي يقول "ضاحي" إنها لا يشترط إقامتها في مصر، بل وتقام عادة في دول غربية منها إسبانيا والمكسيك والصين، ومؤخراً أصبح بعدها يقام في دبي. لكنه رغم رواج البدلات لازال يتخوفمن حرمانية مهنته وهو ما دفعه للبحث. "سألت في دار الإفتاء في مصر والسعودية ودبي وتلقيت نفس الرد بأنه لا يوجد بها حرمانية"، يقول ضاحي. فقد أخبره الشيوخ أن كل ما له شقين ليس حرام والعقوبة تقع على المستخدم، فقد ترتديها السيدة أمام سيدات أو تستخدمها في الرياضة أو قد تستخدمها للرقص في الملاهي الليلية. لكنه كالكثير من مصممين البدلات، لا يريد أن يمضي حياته في هذه المهنة.اقرأ أيضاًأنغام... الصوت المفضّل للجيش المصري؟كيف يجعل الرقص حياتنا أفضل؟راقصات مراكب الرحلات النيلية... ترفيه الفقراء على حساب المُعدمين علياء أبو شهبة صحفية ومدونة عملت في عدة صحف ومواقع إلكترونية منها روزاليوسف والوطن والتحرير.. حصلت على العديد من الدورات التدريبية مع رويترز ودويتشه فيليه ومركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية في الجامعة الأمريكية وحصلت على أكثر من جائزة دولية. كلمات مفتاحية مصر التعليقات الأحدث مقالة مصر 5 د. هل "تنقرض" حرفة تصميم بدلات الرقص في مصر بوجود التيارات الإسلامية؟ مقالة دول الجوار 4 د. "صباح الخير. أين القهوة؟"... لن تشربوها فأنتم في إيران مدونة الـ22 3 د. يوميات فتاة متحررة من جيل اليوم: مباريات الجوع مقالة الـ22 6 د. اكتشفوا أسرار الخِدع السحرية: من الطيران في الهواء إلى السير على الماء مقالة الـ22هل تنسحب السعودية والإمارات والكويت وقطر من اتفاق باريس للمناخ؟ مدونة سوريازاويتي في فندق الليوان، حيث عزوبتي كانت أهم من أحداث سوريا
مشاركة :