في الوقت الذي تتجه أنظار العالم إلى الاجتماع الذي تعقده منظمة الدول المنتجة للبترول «الأوبك» في العاصمة النمساوية فيينا لبحث زيادة إنتاج النفط الخام بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، ناقشت «المدينة» عددًا من الخبراء حول هذه الاجتماع، وما قد ينجم عن استمرار أسعار البترول الحالية، والآثار التي سوف تعود على اقتصاديات الدول «المرجحة» في منظمة «الأوبك» من زيادة الأسعار. قال الخبير في شؤون النفط الدكتور علي التواني: إن دول الأوبك ومن خلفها تقوم بدور»المنتج المرجح» بهدف إيجاد توازن بين الإنتاج والأسعار، بحيث يحفظ مصالح الجميع. وأكد التواني أن المملكة لديها احتياط كبير من النفط ونظرتها في المبيعات في الأجل الطويل وليس الأجل القصير، وبالتالي رفع الأسعار أكثر مما يجب يؤدي إلى إشعال نار التضخم وسوف يرتد علينا بشكل أو بآخر، حيث إن واردات المملكة الصناعية لا حدود لها، ومن ناحية أخرى زيادة الأسعار الكثيرة تؤدي إلى تسريع البحث عن بدائل، حيث إن سعر 70 دولارا للبرميل مناسب لكي تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإنتاج الزيت الصخري، وإذا استمرت الأسعار فوق 70 دولارا لفترة طويلة فمعناه أن الولايات المتحدة الأمريكية ستخرج من نادي المستهلكين إلى نادي المنتجين وسيكون له تأثير سيئ في الأمد الطويل على المملكة، وأضاف السوق يعاني من نقص في الإمدادات نتيجة المقاطعة لدولة إيران لم ترفع إلى الآن والنفط الليبي يعتبر متوقفا لأن إنتاجه لا يتجاوز 200 ألف برميل يوميًا، أما نيجيريا فتشهد معارك وحروبا، وبالتالي من يقوم بسد هذا النقص؟ ويجب أن تنخفض الأسعار إلى مستوى مأمول من دول أوبك وأكثرها أهلية هي المملكة والعراق، إذ لديهما احتياطات كبيرة وتستطيعان أن ترفعا الإنتاج للحد الذي يعيد للسوق توازنه إلى حين عودت المنتجين الآخرين للإنتاج في سوق النفط العالمي. وأشار إلى أن الاقتصاد السعودي سيعاني في حال استمرار ارتفاع أسعار النفط، حيث تمتلك المملكة ما يبلغ 3 ترليونات دولار في الخارج كصناديق سيادية في بنوك مركزية أجنبية وطاقة الاستيعاب للاقتصاد السعودي لم ترتفع بالحجم المأمول، لأن نسبة المشروعات المتعثرة كبيرة جدًا والقدرات الفنية والأراضي اللازمة للمشروعات الكبرى والرخص ما تزال ضيقة ومحدودة لا تستوعب هذا الدخل، وبالتالي عند تراكم هذه المبالغ فإنها تؤدي إلى إنشاء ضغوط تضخم هائلة وتوفر سيولة هائلة في البنوك، وطالما أن هذه الأموال لا تستثمر ولا تعود بعائد فإنها ستؤدي إلى تخفيض قيمة هذه العملة ونشوء حالة معروفة باسم «ركود طويل المدى». من جانبه، قال الخبير في الشؤون النفطية الدكتور راشد أبانمي: إن الاقتصاد السعودي لن يتأثر من ارتفاع أسعار النفط الحالية، لأن المملكة تعتبر عضوا مرجحا في منظمة الدول المنتجة للبترول «أوبك»، وإذا نقص المعروض في السوق العالمية تقوم بتوفير هذا النقص، وعمومًا الاقتصاد السعودي لن يتأثر من الوضع الحالي لمدة العامين المقبلين لأن المملكة تنتج أكثر من حاجتها، وترى أن السعر العادل لبرميل النفط هو 100 دولار ولكن الأسعار التي يوضع عليها وتبنى عليها الميزانية في المملكة تختلف، حيث يتم بناء الميزانية على أن سعر البرميل من 70 دولارا إلى 75 دولارا حتى يكون هناك تحوط أكثر، أما سعر البرميل العادل عالميًا هو 100 دولار، مبينًا أن ليس هناك أي إمكانية لزيادة أسعار البترول خلال الفترة المقبلة، لأن الإنتاج يكاد يوازي الطلب في السوق العالمية، والدليل على ذلك خروج الإنتاج الليبي من السوق العالمية والذي كان يوازي إنتاجه اليومي 1.2 مليون برميل يوميًا ولكن تم توفيره من المملكة والإمارات على الفور.
مشاركة :