يُقبل البعض على تناول الوجبات السريعة بشراهة بشكل يومي، متجاهلين أضرارها التي تقضي على الصحة بشكل تدريجي. ومع التحذيرات الكثيرة حول أضرارها، إلا أنها لا تزال مستهلكة بشكل كبير، وخصوصًا عند الشباب والأطفال، فأصبحت من أكثر الأطعمة تداولاً وأكثرها استهلاكًا. فما الذي يدفع الأفراد للجوء لمثل هذه الوجبات مع معرفتهم أضرارها؟ ولماذا لا تُستبدل الوجبات السريعة بالوجبات الصحية؟ الطفل أحمد محمد (9 سنوات) يقول: «أفضّلها لأنها لذيذة ولها طعم مميز لا يوجد في الوجبات الأخرى، ولا أعتقد أنها ضارة، فلا أراها تؤثر عليّ وعلى صحتي». ويوافقه في الرأي الطفل يوسف الذي يقول «اعتدتُ تناول الوجبات السريعة بشكل يومي؛ لكون مطاعم هذه الوجبات قرب منزلنا، فهي الأقرب عند الشعور بالجوع».وعند السؤال عن مضارها، أجابنا الطالب الجامعي جاسم صالح» «لا أشعر أنها تؤثر على صحتي في الوقت الحالي، ربما مستقبلاً، ولذلك أنا لا أشعر بمدى خطورة الأمر، بل أشعر أن الأخصائيين يبالغون في الحديث عن مضارها، وأرى أنها أصبحت تشبه التجارة لدى هؤلاء الأخصائيين، فينشرون نصائحهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتُتداول؛ طمعًا في المزيد من الشهرة». وأضاف قاسم محمد: «مع وجود خدمة التوصيل إلى المنازل، خصوصًا عبر التطبيقات في الهواتف التي أتاحت للشباب فرصة تناولها بشكل أكبر، أصبح الحصول عليها أكثر يسرًا وسهولة بوجوده في المنزل، ولا يتطلب ذلك إلا نصف ساعة فقط لوصول الوجبة». وفي هذا الصدد، تقول زينب إبراهيم: «إن الابتعاد عن الوجبات الصحية ربما لسبب كونها أغلى سعرًا مقارنة بالوجبات السريعة التي لا يتعدى سعرها دينارين، ولكن يبقى على عاتق كل أم أن تهتم في صحة أبنائها، وأن لا تتساهل من أجل تحقيق رغباتهم، فذلك يؤثر في النهاية على صحتهم وحياتهم». أضرار لا تعد! وحذر أخصائيو التغذية من أخطار الوجبات السريعة التي تؤثر على صحة الفرد، فتقول الأخصائية نور طرادة: «إن أغلب الأمراض التي تصيب الإنسان سببها الأساسي هو النظام الغذائي الذي يتبعه في حياته اليومية، وإن الاعتماد على الوجبات السريعة بشكل يومي يؤثر بلا شك على الصحة الجسدية، فالوجبات السريعة تحتوي على مادة (أحادي غلوتيمات الصوديوم)، وهي مادة مصنعة تستخدم مضافًا غذائيًا يحفّز الجهاز العصبي، ويوهم الدماغ أن الطعام لذيذ، فيسبب الإدمان ومشاكل عديدة، مما يجعل المدمنون يبتعدون عن الأطعمة الصحية الغنية بالعناصر المهمة». وأضافت: «إن الوجبات السريعة تحتوي على كميات كبيرة من الدهون غير المشبعة، وتفتقر إلى (أوميغا 3)، مما قد يؤثر سلبيًا على الناقلات العصبية، وقد يتسبب بتقلبات الحالة المزاجية والاكتئاب». وحول الأمراض التي تسببها كثرة تناول الوجبات السريعة، تقول طرادة: «تفتقر الوجبات السريعة إلى الألياف والمعادن، مما قد ترفع من خطر الإصابة بفقر الدم (الأنيميا)، وعسر الهضم، وزيادة نسبة الكوليسترول الضار بسبب فقر الألياف، وكما قد تتسبب في زيادة الوزن السريعة للمدمن، ومن جهة أخرى، فإن ارتفاع نسبة الكوليسترول قد يسبب تصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، ثم سكتة قلبية». وأضافت: «أثبتت الدراسات الأمريكية للتغذية خطورة الوجبات الصحية على الأطفال والبالغين، وقد تصل إلى خلل بحركة الأمعاء وتسبب الإمساك ونقص المناعة، ومشاكل في الامتصاص بسبب انعدام القيمة الغذائية، إذ إن أغلبية الأطفال والبالغين لديهم نقص في الفيتامينات، كما قد تؤثر الوجبات السريعة سلبًا على المرأة الحامل؛ لافتقارها لـ (فولك أسد) الذي يُعد عنصرًا مهمًا لتكوين الجنين، الذي قد يسبب نقصانه تشوهات جنينية. نصائح غذائية ولحياة صحية أفضل، وجهت طرادة نصائح غذائية لمدمني الوجبات السريعة الراغبين في التخلص من تناولها: «أولاً يجب على المدمن تغيير نمط الحياة والطعام، وذلك يتطلب وقتًا وصبرًا وقوة وعزيمة، ولذلك يجب العمل على تناول خمس وجبات يوميًا، على أن تكون ثلاث وجبات رئيسة ووجبتان خفيفتان، مما يساهم في كبح الشهية». كما يجب ممارسة الرياضة والإكثار من شرب الماء إلى حوالي 12 كوبًا يوميًا، بالإضافة إلى زيادة الوعي والتثقيف الغذائي للأطفال والمراهقين بشكل خاص، وواصلت: «إن اختيار المطاعم التي توفر الطعام المشوي بدلاً من المقلي، والابتعاد عن البطاطس المقلية والمشروبات الغازية، وتناول السلطة، يؤدي إلى حياة صحية أفضل». حياة أفضل! وعن تجربتها، تقول سارة علي: «استغنيتُ عن تناول الوجبات السريعة بعد إصابتي بتسمم غذائي بسببها، فاستبدلتها بالوجبات الصحية؛ خوفًا على صحتي الجسدية، فشعرت أن حياتي أصبحت أفضل بشكل ملحوظ»، وتضيف أحلام يعقوب قائلة: «ترددي على مطاعم الوجبات السريعة كان بشكل يومي، إلى أن لاحظت تراكم الدهون في جسمي مع الشعور بالتعب والإرهاق المستمرين، فقررت الابتعاد عنها، مما جعلني أشعر براحة نفسية وجسدية».
مشاركة :