بشارع ديدوش مراد في قلب العاصمة الجزائرية، وأمام مقر سلطة ضبط السمعي البصري، نظمت وقفة تضامنية مع الكاتب الروائي الكبيررشيد بوجدرة بعد الإهانة التي تعرض لها خلال برنامج للكاميرا الخفية في قناة “النهار” الخاصة. وطالب عشرات المثقفين والصحفيين والناشطين الحقوقيين والأكاديميين والمواطنين باتخاذ إجراءات عقابية ضد القناة. ورفع الحاضرون شعارات تندد بالإعلام الهدام مثل:” لا للإرهاب الإعلامي“، “ لا للعدوان على الأسرة الجزائرية والأطفال” وكذا “من أجل إعلام بناء”. بوجدرة التقى مع رئيس سلطة ضبط السمعي البصري السيد زواوي بن حمادي مرفقا بكل من الإعلامي أحميدة العياشي والشاعر عاشور فني ممثلين لمجموعة من المثقفين والصحفيين، الذي أكد أن ما لحق من مساس بسمعة الكاتب من قبل صحفيي القناة المذكورة وأمر غير مقبول، وأنها تصرفات منتهكة لأحكام مدونة أخلاقيات المهنة. وأوضح السيد بن زواوي أن سلطة ضبط السمعي البصري لها صلاحيات من الناحية الأخلاقية في التدخل في هذه الأمور عن طريق الإخطار باستقبال الشكاوى حالة بحالة، لكن الحكومة هي العنصر الوحيد والفعال الذي يملك صلاحيات التدخل؛ سواء لتوقيف أي قناة أو إعطاء اعتماد لأخرى، معتبرا أن ذلك لا يُعد مساسا بالقنوات الخاصة. سعيد بوتفليقة، مفاجأة الوقفة أحدث مجيء شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الوقفة التضامنية مع الكاتب رشيد بوجدرة مفاجاة لم يكن يتوقعها أحد، وأعرب عن تعاطفه معه قائلاً له بالجزائرية:” واش دارولك عار” أي “ ما تعرضت له يعتبر عاراً”. الحضور القصير لم يرق ببعض الحاضرين. واختلفت التأويلات لهذا الظهور المفاجئ فمنهم من رأى انها رسالة للإعلام المحسوب على السلطة، والذي لم يخدمها بل أساء إليها. أنيس رحماني يتراجع عن اعتذاره بعدما قدم اعتذاره لما حدث في برنامج” رانا حكمناك” أي “ قبضنا عليك” للكاميرا” وما تعرض له الكاتب الكبير رشيد بوجدرة، أنيس رحماني مدير قناة النهار، سحب الاعتذار وقال في تغريدة على تويتر أن من يريدون غلق النهار باسم حرية التعبير، كشفوا عن حقيقتهم، تابعا “الشعب وحده السيد هو من يقرر وهو وحده من يقاطع.” و كان رحماني قدم اعتذراه و قرر وقف البرنامج وأثارت الإهانة التي تعرض لها الروائي الجزائري رشيد بوجذرة في برنامج للكاميرا الخفية، موجة من الاستنكار في الجزائر وفي الوطن العربي. فقد قامت قناة النهار التلفزيونية الخاصة من خلال برنامج للكاميرا الخفية” حكمناك 2017” ومعناها باللهجة الجزائرية: قبضنا عليك، باستضافة الكاتب الروائي الكبير، على أساس أنه في حصة ثقافية، وأثناء تقديم البرنامج تدخل رجال على انهم من “رجال الأمن” وقصدوا استفزازه وراحوا يجبرونه على اعتناق الإسلام والنطق بالشهادتين في مشهد طغى عليه الابتذال والرداءة، جاء هذا بعدما كان قد أعلن في برنامج تلفزيوني على قناة الشروق الخاصة المنافسة في أبريل/نيسان من العام الماضي أنه ملحد. ليفقد بوجذرة أعصابه وراح يصيح على من نفذ المقلب. مواقع التواصل الاجتماعي عجت بالانتقادات اللاذعة للبرنامج الذي أهان برأيهم أحد اهم الكتاب في الوطن العربي. كما قام عدد من المثقفين بتوقيع بيان استنكار ضد القناة معتبرين أن الحلقة عبارة عن “ إهانة في حق الروائي الكبير”. من جهته قرر رشيد بوجذرة رفع دعوى قضائية ضد القناة على خلفية بث البرنامج، فيما قدم مدير قناة النهار أنيس رحماني الاعتذار للروائي الجزائري في تغريدة بتويتر معترفاً أن البرنامج لم يحترم قواعد العمل. وطرحت قضية الروائي بوجذرة مسألة الكاميرا الخفية التي صارت تقدم بشكل مبتذل واستفزازي، الهدف منه الوقيعة بالأشخاص أكثر من الجانب الترفيهي! من هو الروائي رشيد بوجدرة بوجذرة صاحب 75 عاماً، من مواليد مدينة عين البيضاء شرق الجزائر عام 1941، أخذ تعليمه الابتدائي في مدينة قسنطينة، كما درس في المدرسة الصادقية بتونس. ثم تخرج من جامعة السوبون بباريس في قسم الفلسفة. انضم إلى الحزب الشيوعي الجزائري بعد استقلال الجزائر عام 1962، أقام في باريس لمدة ثلاث سنوات بين 1969 و1972، لينتقل إلى الرباط إلى غاية 1974، و يعود بعدها إلى الجزائر. تقلد رشيد بوجذرة عدة مناصب، فقد اشتغل في التعليم، وصار أميناً عاماً لرابطة حقوق الانسان، وفي سنة 1987 انتخب أميناً عاماً لاتحاد الكتاب الجزائريين لمدة ثلاث سنوات. وخلال الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي انتقل الروائي بوجذرة إلى مدينة تيميمون الواقعة في الجنوب الغربي للجزائر بعيداً عن مناطق التوتر في الشمال. كما يحاضر بوجذرة في كبريات الجامعات الغربية في فرنسا والولايات المتحدة واليابان، وحاز على عدة جوائز، من أهم كتبه: الحلزون العنيد 1977 ألف عام وعام من الحنين 1977 الانكار 1972 تيميمون 1990 فوضى الأشياء 1991 فندق سان جورج 2007 شجر الصبار 2010 الربيع 2015 ردود الفعل العربية العديد من المثقفين و الصحافيين نددوا بما قامت به قناة النهار، معتبرين أنه مساس بالشخصيات المثقفة في الوطن العربي. الروائي الجزائري واسيني الأعرج غرد قائلا:” شيء بائس ذاك الذي حدث للروائي الكبير رشيد بوجدرة في حصة كاميرا كاشي على قناة النهار.” الكاتب التونسي كمال رياحي عبر عن سخطه لما تعرض له بوجذرة من إهانة و قال على صفحته في الفايسبوك :” بوجذرة هو الروائي العربي الوحيد الذي يستحق جائزة نوبل للآداب بعد نجيب محفوظ، و رغم ذلك فقد أهين من قبل قناة عقيمة ، هكذا يتم قتل رموز الثقافة في المغرب العربي.” وقال الروائي والناقد المصري محمود الغيطانى على صفحته الخاصة على الفايسبوك: “ما حدث مع الروائي الجزائري الأهم رشيد بوجذرة ليس سوى وقاحة وإهانة لكل كاتب، ودليل على تغليب الجهل والرعاع على الفكر والإبداع.. سحقاً لوطن لا يحترم كتابه بهذا الشكل المهين.. على كل الجزائريين الحياة في خجل منكسي الرؤوس حتى يقدموا الاعتذار اللائق بالرجل.” من جهته الكاتب المصري إبراهيم فرغلي على صفحته الخاصة على الفيسبوك وعلى حسابه الشخصي على تويتر قال: “ما تعرض له الكاتب الكبير رشيد بوجذرة إرهاب حقيقي، على مرأى ومسمع العالم، ولا يمكن وصف ما حدث إلا بالانحطاط الأخلاقي والإعلامي، ما حدث يبدو موجهاً للكتاب جميعا وليس أمرا شخصياً.” الروائية منصورة عز الدين استنكرت المقلب وقالت: “عيب جداً ما حدث مع الروائي الجزائري رشيد بوجذرة. من أي مستنقع تستوحى قنوات التليفزيون العربية أفكار برامجها؟! ومنذ متى تذيع برامج المقالب حلقاتها دون أخذ موافقة الضيوف؟!”. أما الروائي أحمد مجدي همام فقد عبر عن استيائه هو الآخر من الاهانة التي تعرض لها الكاتب الجزائري: “لا كرامة لنبي في وطنه والكاميرا الخفية الجزائرية ضد الروائي الكبير رشيد بوجذرة لا تختلف كثيراً عمّا قام به إرهابيو المنيا: انتزاع الشهادتين على طريقة أسلم تسلم.. نحن إرهابيون حتى الجذور.. إرهابيون بالجينات”.
مشاركة :