الكويت:«الخليج»بعد انتخاب إيمانويل ماكرون، وصدور سلسلة من البيانات الأوروبية الإيجابية، بنت الأسواق توقعات هائلة على القرار القادم للبنك المركزي الأوروبي، غير أنه من الأرجح أن يصبّ اجتماع البنك في يونيو ماء بارداً على هذا الحماس، ومن غير المرجح أن ينتج عنه تغيير كبير في موقف سياسة مجلس البنك. من غير المرجح أن يكون المجلس متحمساً حيال توقعات التضخم؛ إذ إن آخر البيانات كانت مخيبة للآمال، ما يعني أن المجلس قد يبقي على رأيه بأن التحسن في مسار التضخم الكامن لا زال لا يشير إلى تحرك مستدام بذاته حيال النسبة التي يستهدفها البنك المركزي الأوروبي للتضخم، والبالغة حوالي %2.وإذا ما كان يجب اتخاذ قرار يتعلق بالأسواق خلال الاجتماع، فإنه سيتعلق مباشرة بالميزانية المتزايدة وما إذا كان برنامج التسهيل الكمي سيستمر إلى ما بعد ديسمبر 2017. وبما أن رؤية السوق الحالية لموقف سياسة البنك المركزي الأوروبي، هي أنه تسهيلي جداً، فإن أي تلميح لاحتمال سحب التسهيل الكمي سيكون موضع ترحيب، كنقطة تحول في السياسة ويمكن أن يرفع العملة. ولكن بما أن كل دولة تهدف إلى خفض قيمة عملتها، فإنه من المرجح أن يأخذ البنك المركزي الأوروبي غفوة من جديد، من أجل تفادي زعزعة الوضع مبكراً قبيل مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.الأمل ضئيلبعد شهر مخيب للآمال في أمريكا من حيث البيانات الاقتصادية، رفعت آخر بيانات ADP، وتوقعات مجلس احتياط أتلانتا للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني بارتفاع نسبته 4%، احتمالات رفع أسعار الفائدة في يونيو إلى %90. غير أن الرواتب غير الزراعية حطمت الأمل الضئيل الباقي بأي استمرار لارتفاع الدولار الذي شهدناه في السنوات الثلاث السابقة، على الرغم من التصميم على رفع أسعار الفائدة في يونيو. وكانت آخر الرواتب غير الزراعية التي بلغت 138 ألف وظيفة؛ أي أقل بكثير من توقع الإجماع البالغ 185 ألفاً، وخفض بيانات أبريل بعد المراجعة، هي التي دقّت آخر مسمار في النعش. وبالفعل فإن أي «دليل» كان يملكه مجلس الاحتياط على أن التباطؤ الاقتصادي الأخير مؤقت، قد حطّم تماماً، ليضع بذلك نهاية لارتفاع الدولار منذ أواخر 2014.وحول الصرف الأجنبي بدأ الدولار الأسبوع عند 97.50، وتراجع أمام معظم منافسيه ليبلغ أدنى مستوى له في 8 أشهر عند 96.65. ويستمر المستثمرون بالتخلي عن الدولار، فيما ينتظرون ما سينتج عن اجتماع المجلس الفيدرالي في يونيو، وأنهى الدولار الأسبوع عند 96.66. في المقابل ارتفع اليورو بنسبة 1% تقريباً، مقارنة بأسبوع مضى، فبعد أن بدأ يوم الاثنين منخفضاً قليلاً عن مستوى 1.1181، بلغ أعلى مستوى له عند 1.1285 بعد أن جاء تقرير التوظيف الأمريكي مخيباً للآمال. وتبقى الأحداث الرئيسة التي تشكل خطراً هي نتائج الانتخابات البريطانية في 8 يونيو.وفي بريطانيا يستمر المستثمرون بتوقع الانتخابات العامة الأسبوع المقبل. فمن الأرجح أن يقدم فوز قوي للمحافظين دعماً لرئيسة الوزراء تيريزا ماي، في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي. أما الآن ونظراً للارتفاع الحاد للجنيه بعد أن أعلنت ماي الانتخابات المبكرة، فإنه قد تم أخذ معظم الأنباء الجيدة في الحسبان بالفعل في أداء الجنيه، وأي خيبة أمل نتيجة الانتخابات قد تضر به، حيث أنهى الجنيه الأسبوع عند 1.2882.وتيرة معتدلةوأظهرت البيانات الصادرة أن الاقتصاد الياباني ينمو بوتيرة معتدلة سنوياً، بلغت 2.2% في الربع الأول. وعلى الرغم من بقاء الضغوطات التضخمية منخفضة عند 0.4% فقط، تستمر الأسواق بتجنب الدولار ليصبح الين بذلك أفضل عملات مجموعة العشر أداء خلال الشهر الماضي. وبالفعل يستمر الين في مسار قوي مُنهياً الأسبوع عند 110.40.وشدّد عضو مجلس محافظي مجلس الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول، هذا الأسبوع على أهمية تقييم اللجنة لبيانات التضخم بعناية، والاستمرار في إظهار التزام قوي لتحقيق النسبة المستهدفة البالغة 2%. وقد كان التضخم دون النسبة المستهدفة لخمس سنوات، وقد ارتفع ببطء باتجاه هذه النسبة، الأمر الذي يدعو إلى استمرار الصبر، خاصة إذا ما تباطأ هذا الأمر أو توقف. وبحسب البيان: «إذا ما كان أداء الاقتصاد تقريباً كما هو متوقع، سأرى أنه من الملائم الاستمرار في رفع أسعار الفائدة تدريجياً». وفيما خص حجم ميزانية مجلس الاحتياط، قال: «إنه من الصعب رؤية الميزانية تنخفض إلى ما دون نطاق 2.5 - 3 تريليون دولار».وقال رئيس احتياط سان فرانسيسكو، جون ويليامز، إنه يرى أن مجلس الاحتياط الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة ثلاث مرات هذه السنة، ولكنه يعتقد أن رفعها أربع مرات سيكون ملائماً إذا كان أداء الاقتصاد الأمريكي أفضل من المتوقع. وقال ويليامز إنه يوجد «سؤال كبير إذا كان هناك تحفيز مالي كبير، أو تغييرات أخرى في المستقبل تجعل الاقتصاد أفضل مما نظن». ولحظ ويليامز أيضاً أن بيانات التضخم الأمريكي الأخيرة تعكس عوامل مؤقتة. بدوره أوضح رئيس احتياط دالاس، روبرت كابلان، أن قرارات مجلس الاحتياط الفيدرالي تؤثر على الدولار الأمريكي، وهو أمر يأخذه في الحسبان. وبخصوص التضخم أضاف: «لا أظن أن التضخم يبتعد عن سيطرتنا.. أتمنى لو كان كذلك». وقال أيضاً: «يجب أن نزيل التسهيل ولكن يجب أن يتم ذلك بصبر وتدريجياً».إشارات متباينةويستمر الاقتصاد الأمريكي بإصدار إشارات متباينة، فقد بدأ الأسبوع بارتفاع الرواتب الخاصة بحسب ADP بمقدار 253 ألفاً في مايو؛ أي أعلى بكثير من التوقعات البالغة 180 ألفاً، ومن 174 ألفاً، المسجل في الشهر السابق. وارتفعت أيضاً طلبات البطالة بمقدار 13 ألفاً، لتصل إلى 248 ألفاً الأسبوع الماضي، ليصل بذلك معدل الأسابيع الأربعة إلى 238 ألفاً.ومن ناحية التصنيع، ارتفع مؤشر معهد إدارة الإنتاج قليلاً، وجاء فوق توقع الإجماع. ولكن الأهم من ذلك أن الطلبات الجديدة ارتفعت بواقع نقطتين لتصل إلى 59.5. وارتفع أيضاً مكون التوظيف قليلاً فيما تراجعت الضغوطات السعرية، ما يعني أن التقرير أفضى إلى تدعيم يقين الأسواق، برفع أسعار الفائدة في 14 يونيو.وسبب تقرير الرواتب غير الزراعية لشهر مايو، هو الذي سبّب ضربة قوية لتوقعات أسعار الفائدة. وفي التفاصيل، أظهر التقرير أن 138 ألف وظيفة قد أضيفت في هذا الشهر، فيما بقي معدل البطالة منخفضاً عند 4.3%، وتراجع معدل مشاركة القوة العاملة إلى 7.62%، وارتفع معدل دخل الساعة بنسبة 0.2%. وأدى التقرير الذي اعتبر سلبياً إلى خفض معظم المحللين لتوقعاتهم الخاصة برفع أسعار الفائدة لهذه السنة.مخاطر متناميةبالرغم مما يبدو من أن تيريزا ماي تمر بيومين قاسيين، فإن احتمالات أن تصبح رئيسة وزراء بريطانيا القادمة يبدو أمراً واقعاً بالفعل بالنسبة لاحتمالات الأسواق. ويبدو أن احتمال أن تكون نتيجة الانتخابات البريطانية مناسبة للسوق قد أخذ بالحسبان بالفعل؛ ولكن قد تكون المخاطر الآن أقرب إلى تخييب الآمال، خاصة إذا ما نظرنا إلى كيفية صعود جيريمي كوربين في الاستطلاعات.ويبدو أن التحرك السعري الذي شهدناه للجنيه مؤخراً، يقول للأسواق إنه حتى إذا فازت تيريزا ماي في الانتخابات بدون أغلبية قوية، فإن الخروج من بريطانيا لن يكون عملية سهلة لبريطانيا.ومنذ انتخاب ماكرون، تبدو أوروبا أكثر اتحاداً ضد تيريزا ماي. وبحسب المدير السابق للسياسة الاقتصادية في وزارة الاقتصاد الألمانية، فإن انتخاب إيمانويل ماكرون، قد بدأ يظهر مدخلاً إلى إصلاح الوحدة الاقتصادية والنقدية في أوروبا، وستصبح فرنسا مجدداً برئاسة ماكرون، شريكاً يمكن لألمانيا أن تعتمد عليه؛ لذا فإن المحادثات الأولية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون على الأرجح صعبة جدا، والموقف الأوروبي يزداد تصلباً.ومنذ شهرين، كان اتجاه بنك إنجلترا صقوريا بالنسبة للاقتصاد إلى درجة أن ماي تبدو واثقة جداً من حصولها على أغلبية لدرجة دعوتها لإجراء انتخابات مبكرة، ومع ارتفاع عدم اليقين بشكل كبير، من الأرجح أن يكون الجنيه عرضة لتباين لاحق في السياسة ما بين بريطانيا وأوروبا، وبريطانيا وأمريكا.وحتى بالنسبة لعائدات السندات، فإن الفروقات بين بريطانيا ومنطقة اليورو، تستمر بالتضاؤل، وإذا غيّر البنك المركزي الأوروبي موقفه في النصف الثاني من 2017، وقرر أن يخفض برنامجه للتسهيل الكمي تدريجياً، يمكن للمستثمرين عند ذلك أن يختاروا أن يرجعوا إلى اليورو ويخرجوا من بريطانيا.«الإسكان» البريطاني قوي رغم الفوضى السياسيةتراجعت أسعار المساكن في كافة أنحاء بريطانيا بنسبة 0.2 %على أساس شهري في مايو/أيار، بارتفاع عن نسبة إبريل/نيسان البالغة %0.4 -، وقد تراجعت الأسعار حتى الآن لثلاثة أشهر على التوالي. وبالمقارنة بالسنة الماضية، ارتفعت أسعار المساكن بنسبة %2.1، أي بانخفاض عن نسبة إبريل البالغة %2.6، ورغم تراجع الأسعار، ارتفع مؤشر مديري الشراء للإنشاءات في مايو بأسرع وتيرة له منذ 2015. فقد ارتفع المؤشر من 53.1 في إبريل إلى 56 في مايو، أي أفضل بكثير من القراءة التي توقعها الاقتصاديون والبالغة 52.6. وفي التفاصيل، بدأت ضغوط الأسعار الناجمة عن انخفاض الجنيه بالتراجع فيما ارتفعت أسعار الإدخال بأبطأ وتيرة لها منذ 7 شهور. وقالت بعض الشركات إن مرحلة الذروة لارتفاع أسعار الواردات قد انتهت الآن. ويأتي هذا التقرير عقب استطلاع للتصنيع جاء أقوى من المتوقع هذا الأسبوع، ما أظهر نشاطاً قوياً للمصانع. وبالفعل، تراجع مؤشر مديري الشراء للتصنيع من 57.3 إلى 56.7 في مايو، مقابل الإجماع البالغ 56.5، وتراجعت الطلبات الجديدة وطلبات التصدير، وارتفع التوظيف وتراجعت أسعار الإنتاج.خيبة أمل صينيةتراجع مؤشر مديري الشراء للتصنيع الخاص في الصين إلى أدنى مستوى له في 11 شهراً من50.3 في إبريل إلى 49.6 في مايو، مقابل توقع الإجماع البالغ 50.1. وأظهرت البيانات أن مجموع الطلبات الجديدة ونمو الإنتاج كان الأبطأ في 11 شهراً، فيما بلغ خفض الوظائف أعلى مستوى له في 8 أشهر. وبحسب التقرير، فإن «تراجع النمو في الإنتاج عكس ارتفاعاً ضئيلاً نسبياً في مجموع الطلبات الجديدة خلال مايو».ميزانية بنك اليابان تتجاوز الاحتياط الفيدرالي أظهرت البيانات الصادرة هذا الأسبوع أن الناتج المحلي الإجمالي في اليابان نما بوتيرة معدلة سنوية بلغت %2.2 في الربع الأول، وقفز الإنتاج الصناعي بنسبة 4.0 % في أبريل نسبة إلى الشهر السابق، وارتفعت أيضا مبيعات التجزئة بنسبة 1.4 % في أبريل ليصل بذلك معدل النمو من سنة لأخرى في الإنفاق على التجزئة إلى 3.2%، وهي أقوى نسبة في ما يقارب السنتين. ولكن تبقى الضغوطات التضخمية منخفضة مع تسجيل مؤشر سعر المستهلك نسبة 0.4 % في أبريل.ومن الناحية النقدية، أفاد بنك اليابان بأن القاعدة النقدية ارتفعت بنسبة 19.4 % على أساس سنوي في مايو، ويعقب ذلك ارتفاعا نسبته 19.8 % في أبريل. ورفض عضو مجلس بنك اليابان، يوتاكا هارادا، العواقب المستقبلية السلبية المحتملة الناتجة عن مثل هذا الارتفاع، ذاكرا احتمال تسارع التضخم مع اقتراب معدل البطالة الياباني من 2%. وقال هارادا إن «معدل البطالة في اليايان قد تراجع بالفعل إلى 2.8%. وإذا ما استمر هذا المسار وتراجع معدل البطالة أكثر من ذلك، فإن الأسعار سترتفع دون شك»، مشيرا إلى انه سيتوجب على بنك اليابان أن يرفع أسعار الفائدة حين يخرج البنك المركزي من التسهيل. تراجع بيانات منطقة اليورو تراجع التضخم في منطقة اليورو بأكثر من المتوقع، فقد تراجع التضخم الكلي من 1.9 % إلى 1.4 % في مايو وإلى ما دون توقع الإجمالي البالغ 1.5%، وتراجع التضخم الأساس من 1.2 % إلى 0.9 % على أساس سنوي وإلى ما دون توقع الإجماع البالغ 1%، وتراجع تضخم الطاقة من 7.6 % إلى 4.6 % من سنة لأخرى، كما تراجع تضخم الخدمات من 1.8 % إلى 1.3%، وكانت السلع من غير الطاقة مستقرة، وانخفض معدل البطالة من 9.4 % بعد المراجعة في مارس إلى 9.3 % في أبريل.وانخفضت أيضا البطالة الألمانية بأقل من المتوقع في مايو بمقدار 9 آلاف، أي بارتفاع عن -15 ألفا في أبريل، كما انخفض معدل البطالة من 5.8 % إلى 5.7 % بالتماشي مع التوقعات البالغة 5.8%، فيما ارتفع التوظيف بنسبة 1.5 % على أساس سنوي في أبريل، أي بقي أساسا دون تغيير عن الشهر السابق.وعلى الرغم من البيانات المتشائمة قليلا، جاء مؤشر مديري الشراء للتصنيع وثقة المستهلك في مايو متماشيا مع التوقعات لكن المستثمرين بدأوا بالتساؤل ما إذا كانت الثقة الإيجابية عقب الانتخابات الفرنسية قد جاءت على خلفية الظروف المالية السهلة.
مشاركة :