قطر تلعب على الحبال في تونس

  • 6/5/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تونس: «الخليج»ليست المرة الأولى التي تعلو فيها الأصوات في تونس للمطالبة بغلق مكتب قناة «الجزيرة» في البلاد، بعد كل احتجاجات اجتماعية أو أحداث إرهابية تضرب تونس، ولكن أيضاً لارتباطاتها المريبة بمناطق التشدد ووقوفها المعلن إلى جانب الحركات الإخوانية.وجاءت آخر الدعوات من إحدى المنظمات التونسية «فورزا تونس» (تحيا تونس) رداً على أداء القناة القطرية في تغطيتها للاحتجاجات التي اجتاحت جنوب البلاد بشكل فيه الكثير من التهويل والنفخ في النار بما يهدد الأمن الوطني التونسي. وأوضحت المنظمة في بيانها أنه في الوقت الذي تخوض فيه حكومة الوحدة الوطنية في تونس حملة لمقاومة الفساد، فإن بعض الفضائيات وعلى رأسها قناة «الجزيرة» القطرية تواصل حملتها المغرضة ضد تونس، عبر تأليب الرأي العام وتهويل المشهد في الجنوب التونسي وتضخيم الأحداث في تطاوين وغيرها. كما جاء في بيان المنظمة «نطالب رئاسة الحكومة والسلط المعنية بحجب قناة(الجزيرة) في تونس وإغلاق مكتبها نهائياً في بلادنا طالما أنها تواصل حملتها المغرضة ضد الأمن القومي التونسي». كما لفتت المنظمة «ندعو القوى الحية في البلاد والجهات المختصة إلى وضع استراتيجية إعلامية واضحة يتم بمقتضاها حجب كل المنابر الداعية إلى الفتنة والمشجعة على الإرهاب». أثارت القناة القطرية الكثير من الجدل بشأن تغطياتها للأحداث في تونس، بعد الدور المشبوه الذي لعبته في أحداث الثورة التي انتهت بالإطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. قطر التي تميزت بعلاقات فيها الكثير من الشد والجذب مع النظام التونسي السابق، وما تخللها من حملات إعلامية مركزة من حين إلى آخر، كانت المساهم الأول في تفكيك حكم بن علي عبر الذراع الإعلامية «الجزيرة»، لكن أعقب ذلك دور مفضوح في الدفع بأجندات خاصة في تونس ما بعد الثورة.كانت أولى خطوات الاستفزاز هو احتفاظ قطر بصهر بن علي صخر الماطري، أكبر المتورطين في الفساد بتونس، على أراضيها بعد أن فر هارباً إليها قبل أن تخلي سبيله في ما بعد ليتوجه إلى جزر السيشل طالباً اللجوء.لطالما ينظر إلى القناة القطرية كذراع إعلامية داعمة لصعود الحركات الإسلامية في دول «الربيع العربي»، وقد طال ذلك بشكل واضح المشهد السياسي في تونس. إذ تميز أداء القناة عبر مكتبها بالموالاة التامة لحزب حركة «النهضة» الإسلامية، خلال الحملات الانتخابية التي سبقت انتخابات 2011 إلى حين صعودها إلى الحكم، في وقت كانت فيه القناة لاتزال تحظى بنسب محترمة من المتابعة الجماهيرية في المنطقة العربية.لكن تحولت القناة لاحقاً وعبر السياسة الانتقائية في الأخبار والتغطيات ذات الزوايا الموجهة، إلى بوق دعائي للحزب الإسلامي الحاكم وحلفائه في الائتلاف الحكومي، وفي مقدمتهم الرئيس السابق المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والسياسي الأكثر ارتباطاً بقطر.جندت القناة إمكاناتها للتسويق للمرزوقي، كما تحولت إلى منصة لمهاجمة الأحزاب المعارضة في تونس. وجاء أكثر تصريح إثارة للجدل ذلك الذي أدلى به المرزوقي من قطر بدعوته إلى نصب المشانق للمعارضة وملاحقة كل «المتطاولين على قطر». كما جندت القناة آلتها الإعلامية لضرب تحركات المعارضة اليسارية والعلمانية، بعد الاغتيالات السياسية التي طالت السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. ولم تكن محايدة في تغطية اعتصام المعارضة على مدة أسابيع أمام مقر البرلمان للضغط على الحكومة الإسلامية من أجل التنحي عن الحكم. برز للقناة القطرية الدور الأكبر في دعم الحملة الانتخابية للرئيس السابق المنصف المرزوقي في انتخابات 2014. وتميزت تغطيتها بتحيز كبير لمرشحها المفضل، حامل لواء الإخوان المسلمين، في مواجهة الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي، في فترة تميزت بحالة تجييش كبيرة للشارع التونسي كادت تفضي إلى مواجهات في الشارع. كما ظهرت القناة أكثر قرباً إلى معسكر المرزوقي الذي ضم إلى صفوفه جوقة «رابطات حماية الثورة» المعروفة بسلوكها العنيف وتشددها، فضلاً عن الجماعات السلفية وأنصار كانوا مستعدين لحمل السلاح في الانتخابات، وهو ما ورد في أحد التسجيلات المسربة وعلى لسان مدير الحملة الانتخابية عدنان منصر.يواجه اليوم عدنان منصر رئيس الهيئة السياسية لحزب «حراك تونس الإرادة» لمؤسسه المنصف المرزوقي والمدعوم قطرياً، دعوى للمثول أمام القضاء من أجل التحقيق في تلك المعلومات الخطيرة والتي كانت تهدد الأمن العام والنظام.جاءت أكبر السقطات لأداء قناة «الجزيرة» القطرية عبر محاولاتها التشكيك في عملية اغتيال السياسي شكري بلعيد، الذي يعد أشرس المعارضين لحكم الإسلاميين، والتلميح غير الأخلاقي إلى دور محتمل لعائلته في اغتياله على الرغم من أن التحقيقات الأمنية كانت أفضت إلى تورط تنظيم «أنصار الشريعة» الإرهابي في ترصد بلعيد ومن ثم اغتياله، وبتواطؤ محتمل من مؤسسات الدولة خلال حكم «النهضة» وحلفائها، وهي ملفات لاتزال السلطات القضائية تحقق فيها حتى اليوم منذ 2013. خصصت القناة تحقيقاً كاملاً بعنوان «الصندوق الأسود» للبحث في احتمالات أخرى من وراء حادثة الاغتيال، بهدف إبعاد الشبهات عن الجماعات الإرهابية المورطة والمتعاطفين معهم من المتشددين، بدعوى إجرائها تحقيقاً استقصائياً. وهو عمل علاوة على أنه مشكوك في مهنيته الصحفية، بدا وكأنه يثير الاحتمالات والأسئلة وتوجيه الرأي العام من دون أن يقدم أي حقائق جديدة.وجه التحقيق ضربة قوية إلى مصداقية القناة بتونس، وكان بمثابة آخر مسمار يدق في نعشها ونسبة متابعيها في تونس، وقد زاد ذلك من دعوات الاستهجان ضدها والمرفوقة بطلبات إلى غلقها وحجبها عن البث.وتعاظمت الدعوات أيضاً بعد الأداء الاستفزازي للقناة خلال الأحداث التي رافقت تحرك مسلحين إرهابيين تابعين لتنظيم «داعش» في آذار/مارس 2016، بهدف الاستيلاء على مدينة بن قردان في الجنوب التونسي المحاذية للحدود الليبية. وقد كانت الخطوة تهدف إلى تحويل المدينة إلى «دولة إرهابية» لتكون تحت سيطرة التنظيم المتمركز في مدينة سرت الليبية آنذاك.تفادت القناة طوال تغطيتها الإشارة إلى المهاجمين بالعناصر الإرهابية رغم رفعهم السلاح وبدئهم الهجوم على مقار أمنية وسيادية، قبل أن يصدهم الأمن والجيش في معارك شوارع أفضت إلى قتل العشرات من الإرهابيين.ركزت القناة القطرية في المقابل على انتقاد الجيش التونسي بعد أن ظهر جنوده الشبان في صور سلفي مع جثث القتلى الإرهابيين في أعقاب أدائهم البطولي لدحر إرهابيي داعش، في وقت كان التنظيم يحقق فيه «الانتصارات» المتتالية في ليبيا وسوريا والعراق بعد تلقيه الدعم المالي والعسكري واللوجيستي من دول في مقدمتها قطر.أدت تلك الاستفزازات القطرية إلى حملة انتقادات واسعة في تونس لغلق مكتبها وحجبها، شملت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وعدداً من السياسيين والنقابيين ومنظمات من المجتمع المدني. وصدرت أبرز تلك المواقف من الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر المنظمات الوطنية في تونس والحائز نوبل السلام، عبر أحد أعضاء مكتبه التنفيذي بالدعوة إلى إغلاق مكتب القناة القطرية.

مشاركة :