بكل بساطة: مخاوفنا أسوأ من الواقع الذي نخاف منه. فالخوف ينتج عن التفكير والتحليل ويُنَمى بالخيال و يدور في البال مغذيًا نفسه بنفسه حتى يصبح شيئا لا نستطيع السيطرة عليه. ما هي المخاوف التي أقصدها؟ إنها تلك المخاوف اليومية المتعلقة بنا والتي فيها عامل خارج سيطرتنا مثل الأمور التي تتطلب الانتظار. وأثناء هذا الانتظار تتضخم الأمور كون البعض يخاف أن يتحدث عنها. فالاعتراف بمخاوفنا أمام الغير يجعلنا في مكان ضعف وهذا قد يسبب الخوف أيضا. مخاوفنا تأتي بشكل يومي و بعدة أشكال منها الصغير المستمر والكبير الذي قد يغير حياتنا. تأتي المخاوف على هيئة شكوك وتساؤلات كذلك: هل سوف أحصل على تلك الوظيفة؟ ماذا سيحصل لو اكتشفوا أنني غششت في الامتحان؟ ما نتيجة التحاليل التي قمت بها؟ كيف سوف أصرف على أسرتي؟ وغيرها الكثير. بعض هذه التساؤلات تأتي وتختفي أو هكذا نظن. فهي حتى عندما تسكت فهي موجودة في العقل الباطن. كلما طال الانتظار زاد القلق والتوتر وقلت إمكانية السيطرة على الوضع. معرفة ان هناك أمورًا لا يمكن تغييرها وتسليم أمرك لله والتوكل عليه تريح الإنسان من هذا العبء. عندما يرهقني القلق أثناء انتظار نتيجة ما أجد من المفيد أن أسأل نفسي: «ما أسوأ ما يمكن أن يكون؟» فمن هذا المنظور تختلف الأمور تماما. وإن كنت قد فعلت كل ما هو بمقدوري وتوكلت على الله فالنتيجة ليست مهمة. تَتَبُع النتائج المُحتملة للوصول الى أسوأ ما يمكن أن يكون من الأمور التي تساعدنا. فالمخاوف التي نربيها ونحافظ عليها ونتمسك بها عندما تكون مبهمة ولا نفهم تبعاتها تقودنا بشكل سريع إلى الهلع والإحساس بفقدان السيطرة فندور في حلقة مفرغة دون الوصول إلى نتيجة. عندما نسأل أنفسنا: ما أسوأ ما قد يحدث؟ ونجيب أنفسنا بصراحة وعقلانية نجد في الغالب أن الدراما والتوتر الذي تولد لدينا أكبر بكثير من أسوأ نتيجة محتملة. المهم بعد ذلك أن نسأل إن كنّا نستطيع تقبل أسوأ نتيجة وكيف سوف نتصرف في حال أصبحت واقعا. فبهذا تعود السيطرة للشخص نفسه ولا يكون ضحية ظروف ومخاوف مبالغ فيها. إن كنت تنتظر قبولا في الجامعة أو وظيفة فأسوأ ما قد يحدث هو ألا تقبل ومهما علقت آمالك بهذه الفرصة وما عدت ترى غيرها فإن عدم القبول ليس نهاية العالم. صحيح أن الوضع محبط ومحزن وقد ترتبط بتلك الفرصة أحلام متتالية لكنها ليست الفرصة الوحيدة في العالم. معرفة ذلك من البداية والاستعداد لتقبل أسوأ احتمال يساعد المرء في تخطيه بشكل أسرع. فحتى في المراحل الأولى للتعلق بفرصة ما فإن زيادة التركيز عليها تجعلنا لا نرى غيرها وإن كانت أمامنا فرص متعددة. بذلك نضيق على أنفسنا فرص السعي والنجاح. خيالنا قد يضخم أسوأ النتائج ويكبرها مولدا بذلك خوفا وهلعا وفقدانا للسيطرة ولكن عندما تحدث نتيجة ما كنا نخشاه فإنها في الغالب ليست بسوأ خيالنا. معرفة ذلك بحد ذاته كنز. في الغالب لا يحدث أسوأ احتمال ولكن ان تقبلناه فإن كل احتمال آخر قد لا يكون سيئا.
مشاركة :