لعبت إسرائيل دور «الخائبة جداً» و»الغاضبة» من الموقف الأميركي من حكومة التوافق الفلسطينية، وتحدثت وسائل إعلامها عن «توتر شديد» في العلاقات بين البلدين، لكنها في الوقت ذاته أشارت إلى أن الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية التي التأمت للرد على إعلان تشكيل الحكومة تفادت اتخاذ قرارات عقابية تصعيدية مثل إعلان مخطط استيطاني جديد أو ضم تكتلات استيطانية إلى السيادة الإسرائيلية كما طالب وزراء متشددون، وذلك «مسايرةً لواشنطن». وتصدَّر «التوتر» «والمواجهة الشديدة» بين الولايات المتحدة وإسرائيل عناوين الصحف أمس. وقال المعلق السياسي في الإذاعة العامة شيكو منشي إن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، الذي أبلغ وزراء الحكومة المصغرة بأنه فوجئ من إبلاغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن البيت الأبيض سيواصل التعامل مع الرئيس الفلسطيني، «يشعر بالخيانة والخداع»، بداعي أن كيري سبق أن أكد له في اتصال الأحد الماضي أن الولايات المتحدة لن تعترف فوراً بالحكومة الفلسطينية. وأضاف المعلق ساخراً: «لم يكن ذلك فورياً. لقد انتظر الأميركيون خمس ساعات قبل الاعتراف بها». ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» الداعمة نتانياهو توصيف مسؤول إسرائيلي كبير الموقف الأميركي بـ»الطعنة في الظهر». واعتبر الوزير يغآل أردان (ليكود) أن «السذاجة الأميركية تحطم كل الأرقام القياسية». وأضاف أن «التعاون مع حماس التي تعرّفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية لا يستوعبه العقل. والخنوع الأميركي، مرة تلو أخرى، لإملاءات الفلسطينيين يمس بجدية بفرص العودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، ويدفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات أحادية الجانب». وقال الوزير يوفال شتاينتس إنه لا يفهم الرسالة الأميركية، متهماً الحكومة الأميركية «بتبني موقف مزدوج». ووصف نائب وزير الخارجية اوفير أكونيس الموقف الأميركي «صفعة قوية لإسرائيل». وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن أجواء صاخبة خيمت على اجتماع الحكومة المصغرة، إذ اختلف الوزراء المشاركون حول «الخطوات العقابية» الواجب اتخاذها، فطالبَ أكثرهم تطرفاً زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت والوزير من «ليكود» يغآل أردان بأن يتمثل الرد بضم التكتلات الاستيطانية اليهودية غرب الضفة الغربية وفي محيط القدس إلى السيادة الإسرائيلية، وهو ما عارضه زعيما الحزبين الوسطيين «يش عتيد» و»الحركة» الوزيران يئير لبيد وتسيبي ليفني. ووصف بينيت الحكومة الجديدة بـ»حكومة إرهاب بربطات عنق»، فيما شدد لبيد وليفني على ضرورة الحفاظ على بعض قنوات الاتصال مع الحكومة الجديدة ومواصلة إجراء اتصالات مع بعض وزرائها إذا اقتضت الحاجة وبعد استئذان نتانياهو. وأضافت الصحيفة أن الحكومة الأمنية، «وللمفارقة الغريبة»، اتخذت قرارات «لا تغضب واشنطن» مثل عدم السماح لحركة «حماس» بالمشاركة في الانتخابات للرئاسة الفلسطينية التي يتم الحديث عن إجرائها بعد نصف عام، وتشكيل لجنة وزارية خاصة لدرس اقتراح ضم التكتلات الاستيطانية إلى إسرائيل، ودرس «سبل العمل لمواجهة الواقع الناشئ، واستعداداً لأوضاع سياسية قد تنشأ في المستقبل»، وخصم إضافي من العائدات الضريبية الشهرية المستحقة للسلطة الفلسطينية بداعي تسديد الديون لشركة الكهرباء الإسرائيلية. كما قررت الحكومة عدم التفاوض مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، لكنها حمّلتها مسؤولية أي هجوم تتعرض له إسرائيل سواء من الضفة الغربية أو قطاع غزة. مع ذلك، قررت الحكومة عدم وقف التنسيق الأمني مع الفلسطينيين. كما خولت الحكومة رئيسها اتخاذ عقوبات إضافية ضد السلطة. وأمس أفادت الإذاعة العامة أن إسرائيل ستمنع وزراء القطاع في الحكومة الجديدة حرية الحركة إلى الضفة الغربية. وقال نتانياهو مع انتهاء الاجتماع أن «عباس تحالف مع منظمة حماس المسؤولة عن قتل أكثر من ألف إسرائيلي من الأبرياء وإطلاق آلاف القذائف الصاروخية على المدن الإسرائيلية». وتنافس أقطاب اليمين المتشدد في إطلاق توصيفات قدح وذم للحكومة الجديدة وطغى توصيف «إرهابية» على تصريحاتهم. ووصفها نائب وزير الدفاع داني دانون بأنها «حكومة بوجه جميل وأياد دموية ويجب مقاطعتها». من جانبه رأى وزير المال يئير لبيد إنه يجدر بإسرائيل أن تدرس الحكومة الجديدة «وألا نحضر النار إلى بيوتنا». ودعا زعيم المعارضة البرلمانية حاييم هرتسوغ إلى «عدم قطع العلاقات ووجوب الانتظار». وقال النائب من حزبه (العمل) رون يشاي إن الفلسطينيين «علّموا إسرائيل درساً في الديبلوماسية»، ورأى أن الموقف الأميركي يحمل رسالة إلى إسرائيل بأنها تتحمل مسؤولية فشل المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وتهكم من ادعاءات وزراء اليمين بعدم التعامل مع «حماس» وتساءل بسخرية لاذعة: «مع من اتفقت هذه الحكومة في الماضي عندما أوقفت عملياتها العسكرية على القطاع». وأشار المعلق السياسي في «هآرتس» باراك دافيد إلى أن قرارات الحكومة المصغرة «كانت أخف بكثير من التصريحات الشعبوية والعنترية» التي أطلقها نتانياهو وعدد من وزرائه في الأسابيع الماضية، واتسمت بالحذر «إلى درجة أنه يمكن اعتبار قراراتها معتدلة»، لافتاً إلى أن إسرائيل لم تعلن أنها لا تعترف بالحكومة الجديدة إنما اكتفت بالقول إنها لن تتعاطى معها. وعزا ذلك إلى مخاوف نتانياهو من تصعيد الأوضاع والتسبب في انهيار السلطة الفلسطينية «وهذا آخر ما يريده». وزاد أن نتانياهو حرص على تفادي ضغوط وانتقادات دولية على قرارات متطرفة. وأضاف دافيد أن سلوك نتانياهو في هذه القضية كشف أنه «لا يملك استراتيجية أو برنامجاً حول القضية الفلسطينية، وأنه ما زال يتبع سياسة رد الفعل على الفعل الفلسطيني، لا المبادرة، وكأنه يترك مصير إسرائيل بيد أبو مازن». فلسطينمصرالاتحاد الأوروبيمعبر رفحالحكومة الفلسطينية
مشاركة :