في مثل هذا الشهر من عام 1423هـ ودعت المدينة المنورة أحد أعلامها وابناً من أبنائها الابرار وهو السيد حبيب محمود أحمد رحمه الله الذي أمضى حياته في خدمة المدينة المنورة بكل حب وإخلاص وعمل جاهداً في مختلف الأنشطة والمجالات التي أثبت فيها الوفاء لكل ما من شأنه رفعة مكانة المدينة وتقديرها، امتداداً لحرص ولاة الأمر على أرض النبوة ومكانتها بين المسلمين، وذلك منذ تأسيسها وتوحيدها على يد الملك عبد العزيز رحمه الله الذي واصل أبناؤه مسيرته حتى يومنا هذا.السيد حبيب الذي كان يقود الصرح العلمي الكبير بالمدينة وهي مدرسة العلوم الشرعية التي درس فيها الكثير من أبناء المدينة وأنا أحدهم وأيضاً من المقيمين بها في جميع المراحل التعليمية بدءاً من تحفيظ القرآن الكريم وحتى المرحلة الثانوية وتخرج الكثير منها من الذين وصلوا الى أعلى المناصب والمراكز والمسئوليات، هذه المدرسة التي اتذكرها جيداً في موقعها جوار المسجد النبوي وتحديداً بجوار باب النساء بصفتي كنت أحد تلاميذها وهذا الصرح الذي حمل معه الذكريات من الاسماء من المعلمين والطلاب الذين قضوا فيها رحلة العمر المميزة وذكريات الموقع الجميل بالمدينة، والمدرسة الآن تدار من قبل السيد أحمد حبيب.أتذكر أيضا بيت السيد حبيب بالعنبرية والذي ضم أخوة وصداقة وزمالة دراسة من المرحلة الابتدائية استمرت حتى أيامنا هذه، كنا نلتقي شبه يوميا مع الأخ السيد خالد حفيد السيد حبيب لنلعب الكرة في ملعب البيت الذي أعده لنا السيد حبيب بالإضاءة الكاشفة والأرضية المخصصة، وهذا البيت الذي زاره العديد من الملوك والأمراء والوزراء والشخصيات البارزة من داخل وخارج المملكة كان يضم المكتبة الشخصية للسيد حبيب التي كان يجمعها شغفاً وتعلقا بالعلم والأدب، وكان أبرز ما يميزها أن أي كتاب يدخل بها لابد أن تتم قراءته من قبله وعندما تسأل عن أي كتاب يجيبك بنفسه إذا كان يوجد بها أم لا، والمكتبة تحولت الآن الى مكتبة عامة تدار من قبل السيد عدنان حبيب.السيد حبيب صاحب العلم والذوق الرفيع والأدب الجم والتواضع الذي لا تملك الا أن تقف له احتراماً وتقديراً، فكان في مجلسه اليومي المفتوح للجميع والذي يبدأ من صلاة المغرب وحتى نهاية نشرة اخبار التاسعة يضم العديد من الاصدقاء والأبناء والزوار وأذكر بعضاً منهم وهو والدي أسعد خليل رحمه الله الذي جمعته مع السيد صداقة مدتها سبعون عاما قبل الصلة العائلية وأتموا حفظ القرآن سويا بعمر 9 سنوات وأيضاً العم أسعد شيرة والرئيس عبد الرحمن خاشقجي والعم عثمان ترسن والعم حسن حسوبه وغيرهم في ذاك المجلس العامر بالعلم والفائدة.بقي أن نقول رحم الله أناساً غرسوا فينا حب المدينة بأقوالهم وأعمالهم لتكون أرثاً جميلاً لنا نسأل الله أن يعيننا على حفظه ليتوارثه أبناؤنا جيلاً بعد جيل.
مشاركة :