أحمد زكي يماني.. معلمًا وإنسانًا

  • 6/6/2017
  • 00:00
  • 30
  • 0
  • 0
news-picture

* تحدَّث عزيزنا الأستاذ محمد عمر العامودي في زاويته بهذه الصحيفة الغرَّاء 28 شعبان 1438هـ، عن التهنئة الرمضانيَّة التي كان يبعث بها أستاذنا السيد أحمد زكي يماني لأصدقائه، وجلسائه مع بداية شهر رمضان، والمتضمِّنة موضوعات فكريَّة بأسلوبٍ علميٍّ وهادئٍ ورصينٍ، وأُضيف: إنَّ تلكَ الرسائل، والتي استمرَّت على مدى ما يقرب من ربع قرن من الزمن، تكشف عن البُعدين: الديني، والفكري، في شخصيَّته المعتدلة المتسامحة، والمستمدة من تنشئته العلميَّة في حلقات العلم بالحرم المكيِّ الشريف، حيث درس على يدِ والده السيد حسن يماني -الفقيه الشافعي المعروف- وعلى يد عددٍ من علماء تلك الحقبة، مثل المشايخ: محمد العربي التباني، وعمر بن حمدان المحرسي، وحسن المشاط، والذين درس في حلقاتهم الفقه المالكي، والشيخ محمد بن مانع، ودرس على يديه الفقه الحنبلي. وكان بعض من هؤلاء العلماء الأجلاء أساتذة في مدرسة الفلاح، وكان هذا التعاطي بين حلقات الدرس في المسجد الحرام، والمؤسَّسات التعليميَّة المعروفة مثل: الصولتية، والفلاح عامل إثراء للحياة العلميَّة والفكريَّة في البلد الحرام. * ولعل تلك النزعة العلميَّة التي تعمَّقت في شخصيَّته هي التي دفعته للاحتفاءِ بين الحين والآخر في داره العامرة، بعددٍ من الشخصيَّات الفكريَّة والثقافيَّة والعلميَّة مثل المشايخ والأساتذة: حمد الجاسر، وعبدالله بن بية، وعبدالعزيز الرفاعي، ومحمد حسن فقي، ومصطفى الشكعة، وعبدالوهاب أبو سليمان، ومحمد سليم العوا، وإحسان أوغلو، وفيصل الحسيني، الذي سطع نجمه بعد محادثاتِ أوسلو، وشكَّل بروزُه -آنذاك- ظاهرةً جديدةً في الحياةِ السياسيَّةِ الفلسطينيَّةِ. وهذه النزعة أيضًا هي التي كانت وراء إنشائه لدار الفرقان للتراث، التي اهتمَّت بفهرسةِ وتحقيقِ الكثير من التراثِ العربيِّ المخطوط في إفريقيا، والبوسنة، وأيضًا في العديدِ من خزائن المخطوطات في البلاد الغربيَّة المعروفة باهتمامها بالتّراثِ العربيِّ والإسلاميِّ، مثل دار بريل بهولندا، وهذه الأخيرة هي التي احتفظت بالعديد من مؤلفات المستشرق «سنوك هرجرونجه» Snouck Hurgronje 1857-1936م. ويعتبر كتابه -أي سنوك- «الحج إلى مكَّة» بالألمانيَّة، و»أمثال أهل مكَّة المكرَّمة» بالألمانيَّة، و»مكَّة وجغرافيَّتها في القرن التاسع عشر الميلادي» مراجع هامَّة في تاريخ مكَّة المكرَّمة. ويذكر العقيقي في كتابه «المستشرقون» بأنَّه -أي سنوك- وصف في كتابه هذا الأخير مكَّة المكرَّمة وصفًا دقيقًا شاملاً، مع خرائط عديدة، وجاء في جزءين بالألمانيَّة أيضًا. * وقد اهتمت دار الفرقان بتوجيه من السيد زكي بتراث سنوك المخطوط، وبشخصيَّته المثيرة للجدل في الأوساط العلميَّة والاستشراقيَّة، كما اهتمَّت كلٌّ من جامعة أُم القُرى، ودارة الملك عبدالعزيز بتراث سنوك، ومن المصادر التاريخيَّة الهامَّة التي اهتمَّت بها الدار، كتاب وفاء الوفاء للسيد السمهودي، وهو من أهمِّ المراجع في تاريخ المدينة المنوَّرة. وكان الشيخ زكي يشير بين الحين والآخر إلى الجهد الذي بذله الشيخ العلاَّمة حمد الجاسر في مراجعة المسودات الأوَّليَّة لهذا المصدر التاريخيِّ الهام. * لعلي أختم مقالتي المتواضعة عن هذه الشخصيَّة الفريدة في تاريخنا المعاصر، بما كان يحتفظ به في أعماق نفسه من مودة صادقة لزملائه من أمثال: عبدالرحمن منصوري، وعبدالله حبابي -رحمهم الله-، إضافة إلى تقديره الصادق لرجل الفضل والإحسان في البلد الحرام الشيخ عبدالله بصنوي، وإلى صلته لودِّ والديه وإكرامه للآخرين في مناسباتهم وأفراحهم بما يعكس العمق الإنساني الذي تختزنه شخصيَّته المتواضعة، الودودة والنبيلة.

مشاركة :