القاهرة: «الخليج» رحب كبار علماء الأزهر والأوقاف والإفتاء المصرية، بقرار قطع العلاقات مع دولة قطر، وأكدوا أن القرار مشروع لإعادة نظام سياسي مارق إلى صوابه، ووقف جرائمه ضد الأمة الإسلامية، التي يجب أن تتكاتف كل حكوماتها وشعوبها لمواجهة التطرّف والإرهاب.وأكد العلماء ورجال الفتوى ضرورة التصدي لكل من يعمل ويوظف ثروات بلاده لدعم الجماعات الضالة، ويفرق الصف العربي، ولا يستجيب لنداء العقل والمنطق، ويبحث لنفسه عن بطولات زائفة.وأيد العلماء القرار الرادع للدول العربية الست بقطع العلاقات مع النظام القطري؛ لأنه يعادي أمته ويصادق أعداءها، ويوظف أموال بلاده لإثارة المشكلات، وخلق الأزمات ودعم الصراعات، وتشجيع الإرهاب هنا وهناك، مؤكدين أن التصدي لمثيري الفتنة والشائعات المغرضة، واجب ديني وقومي.وطالب الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الشعب القطري بالسعي سلمياً للضغط على قياداته، لأن العواقب عليه ستكون وخيمة، وقد تجر المنطقة كلها إلى ما لا تحمد عقباه، ويزيد صفوف الأمة تمزقاً على ما هي عليه ويجعلها «غثاء السيل»، كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومِن قلّة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت».وحثّ الدكتور مختار جمعة، الحكماء العرب والمسلمين ألاَّ يفقدوا الأمل في إصلاح ذات البين، وتقويم القيادة القطرية، فإن لم تستجب أو كان قرارها بأيدي غيرها، أو تصر على تنفيذ مخططات ضد مصالح أمتها، ومواصلة إيواء الإرهابيين في أراضيها، ودعم التنظيمات الإرهابية خارجها؛ فليتم التصعيد ضدها، وفضحها أمام شعبها الذي عليه ألاَّ يقف مكتوف الأيدي تجاه قيادته، التي تخرّب علاقته بجيرانه وأشقائه، وتضيع ثرواته فيما لا طائل منه؛ بل إنها تتآمر مع أعداء أمتنا ضد مصالحها، وأكد الدكتور جمعة، أهمية السير في أكثر من اتجاه لمحاصرة مؤامرات النظام القطري، سواء على المستوى الدولي من خلال المنظمات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية. قيادة غير رشيدة وقال الدكتور نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، مفتي مصر الأسبق: «إن الإسلام يحارب الفتن ومثيريها؛ لأن هناك أهل فتن يشعلون الفتن النائمة بين أبناء الأمة الواحدة، مثلما تفعل القيادة القطرية غير الرشيدة، التي ينطبق عليها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها». وأشار إلى أن التناصح ثم الردع، هو الوسيلة الشرعية لوأد مثيري الفتن والمتآمرين في كل العصور، وقد سعى الحكماء من قادة العرب إلى توجيه النصح بالتعقّل وعدم الخروج على الإجماع العربي للأمير القطري الطائش، إلا أنه لم يستمع للنصح الشرعي، الذي أمرنا به الإسلام لكل مسلم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة ثلاثاً، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». وأيد الدكتور واصل، القرار الجماعي العربي بسحب السفراء وقطع العلاقات العربية لست دول مع النظام القطري، باعتبار ذلك خطوة ردع وتأديب لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. تفتيت الوحدة وأشار الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إلى أن ما تقوم به القيادة القطرية يخالف ما أمرنا به الإسلام من وحدة الصف وعدم الفرقة، حيث قال الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً». وبالتالي فإن كل من يخالف روح الأخوة يجب ردعه بالوسائل المناسبة والمتدرجة، مع ما يقوم به من جرم يبدأ بالنصح والإرشاد، ثم الزجر ثم المقاطعة ثم الحصار، وهكذا حتى يعود الخارج عن الصفّ إلى عقله ورشده ويتحمل توابع أفعاله.وأوضح الدكتور أبو طالب، أن أمتنا تعاني الفرقة وليست في حاجة إلى المزيد، ولهذا يجب ردع من يحاول زيادة صفوفها انقساماً وخدمة أعدائها؛ بل تأكيد أن أعداءها وفي مقدمتهم «إسرائيل» دولة صديقة لقطر، ومن المعروف أن تاريخ التعاون بين قطر و»إسرائيل» ضد مصالح أمتنا والعلاقة القطرية «الإسرائيلية» معروفة للقاصي والداني، حيث كان الصهاينة هم من يخططون لقناة الجزيرة، التي تعد «العصا القطرية» ضد كل من يخالفها في التوجه.وثمن الدكتور أبو طالب، ما قامت به الدول العربية الست، من حركة تقويمية وتأديبية ضد القيادة القطرية، لعل الشعب القطري ينتفض ضد السياسة غير الرشيدة، التي تقف ضد مصالحه قبل مصالح أمته. قطر فتحت باب الفتن وأكد الدكتور عبد الرحمن العدوي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن تصرفات وتصريحات القيادة القطرية ضد مصالح الأمة، وصلت إلى حدّ لا يصدقه عقل، وأصبحت القيادة، غير القطرية، غير الحكيمة أقرب للخوارج الذين يفتحون أبواب الفتن، سواء بقصد أو غير قصد، وكان ينبغي عليهم أن ينشغلوا بما هو أنفع لهم ولأمتنا من استثمار ما رزقهم الله به من مال، في توظيف العمالة وإقامة المشاريع، وإلا فليصمتوا ويكفوا أذاهم عن غيرهم.وأشار الدكتور العدوي، إلى أن القيادة القطرية إذا استمرت في خروجها على إجماع الأمة، وضربت بمصالح العرب والمسلمين عرض الحائط، فإنها ستدخل في الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم: «سيكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم يحدثونكم فيكذبونكم، ويعملون فيسيئون العمل، لا يرضون منكم حتى تحسنوا قبيحهم، وتصدقوا كذبهم، فأعطوهم الحق ما رضوا، فإذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيد». ضغوط تستهدف الإصلاحودعا الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إلى ضرورة قيام جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بدورهما في بذل محاولات أخيرة لإصلاح ذات البين، وعودة دولة قطر إلى الحظيرة العربية، مع ترك تقرير مصير قيادتها للشعب القطري، الذي عليه أن يبحث عمن يحمي ثرواته، ويحقق أمنه، ويحفظ علاقته جيدة بإخوانه العرب، ويبتعد عن التحالف مع الأعداء ضد مصلحة الأمة، وأشار الدكتور النجار، إلى أن دعم القيادة القطرية للإرهاب قديم وليس في عهد الأمير تميم؛ بل إن والده كان يقوم بنفس الدور لكن بدرجات متفاوتة، وهناك تسريبات عن علاقة الجزيرة بتنظيم القاعدة منذ فترة طويلة، بدليل أنها كانت القناة الوحيدة التي تبث رسائل أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، كما أن إيواء قطر رؤوس الإرهاب والتطرف من جماعة»الإخوان«الإرهابية معروف للجميع، وسبب رئيسي لوصول الأوضاع إلى ما عليه الآن من تدهور علاقة قطر بأشقائها العرب. عقوبات مبررة وضرورية وقال د. عمر عبد العزيز، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن العقوبات التي اتخذتها الدول الإسلامية الكبرى ضد قطر، لا تستهدف الشعب القطري الشقيق، لكنها عقوبات مبررة ضد نظام سياسي يحمل معاول الهدم لكل وحدة عربية وتضامن إسلامي، ولذلك فإن العقوبات مبررة.وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: «لقد ارتكب النظام القطري جرائم كثيرة ضد الدول المجاورة، واستخدم أدلته الإعلامية (قناة الجزيرة) لتزييف الحقائق، وبث الفتن بين شعوب ودول المنطقة». وقال: «إن قناة الجزيرة شجعت على الفوضى في أغلب الدول العربية، كما عملت على نشر التمزّق والتقسيم والدمار الاقتصادي، وكان ظهور هذه القناة نذير شؤم، حيث كانت القناة تتحدث عن إعادة العزة للأمة الإسلامية في الوقت الذي بدأ فيه عهد جديد من التدمير والانتكاسة على يد أمريكا، في ذلك الوقت الذي كان يحكمها فيه بوش الابن، فكانت أيام الجزيرة هي أيام الانتكاسات والتراجع والفرقة والدمار، في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، وكانت تلك القناة من أهم أدوات التدمير في تلك الحرب. ألم تكن هي التي تذيع بشكل حصري بيانات المتطرفين من مدعي الجهاد إبان الحرب على العراق؛ فكان هذا يساعد في صبّ البنزين على النار، وتأليب العالم الغربي على دولنا ومقدراتنا».وأضاف: «لطاما شعرت بالأسف وثارت أعصابي من التقارير المزيفة، التي كانت توردها قناة الجزيرة، فتزيف الحقيقة. هكذا كما يقولون في مصر «عيني عينك» فتنطلي على كثير من المخدوعين، على الرغم من أنه بشيء من التأمل تتبين الحقيقة ف«الحق أبلج والباطل لجلج»». عقوبات مشروعة وأكد الشيخ سعد الفقي، وكيل وزارة الأوقاف المصرية، شرعية العقوبات السياسية التي اتخذتها عدة دول عربية ضد قطر، وقال: «كان لا بد من موقف حازم وحاسم ضد دولة قطر وسياستها، فرعايتها للإرهاب تمويلاً وترويجاً من خلال قناة الجزيرة وغيرها من الأبواق الإعلامية، وتفريقها الصف العربي بكل الوسائل، ودعمها المتواصل للجماعات المارقة، التي تثير الفرقة والقلاقل في العديد من الدول العربية والإسلامية، كل هذا يجعلها أهلاً العقاب الرادع».وأضاف: «في تقديري أن قرار قطع العلاقات مع قطر تأخر كثيراً، والآن لا بد أن تعقبه قرارات مهمة، منها تجميد عضوية قطر في جامعة الدول العربية، وكذا منظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن مجلس التعاون الخليجي، ليعرف العالم كله أن قادة هذه الدويلة الصغيرة منبوذون. وفي تقديري أن الشعوب العربية التي اكتوت بنار قطر، وتحريض أميرها تبارك هذا القرار، وستقف مع قرارات أخرى، يمكن أن تقف عثرة أمام الطموحات الطائشة للأمير القطري».
مشاركة :